كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى : عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى : عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حِينَ انْهَزَمُوا وَأَخَذُوا نَحْوَ كَسْكَرَ لِيَلْجَئُوا إِلَى نَرْسِيٍّ ، وَكَانَ نَرْسِيٌّ ابْنَ خَالَةِ كِسْرَى ، وَكَانَتْ كَسْكَرُ قَطِيعَةً لَهُ ، وَكَانَ النَّرْسِيَّانِ لَهُ يَحْمِيهِ لا يَأْكُلُهُ بَشَرٌ وَلا يَغْرِسُهُ غَيْرُهُمْ ، أَوْ ملك فَارِسَ إِلا مَنْ أَكْرَمُوهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْكُورًا مِنْ فِعْلِهِمْ فِي النَّاسِ ، وَأَنَّ ثَمَرَهُمْ هَذَا حِمًى ، فَقَالَ لَهُ رُسْتُمُ وبورانُ : اشْخُصْ إِلَى قَطِيعَتِكَ فَاحْمِهَا مِنْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنَا ، وَكُنْ رَجُلا ، فَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ النَّمَارِقِ وَوُجِّهَتِ الْفَالَةُ نَحْوَ نَرْسِيٍّ ، وَنَرْسِيٌّ فِي عَسْكَرِهِ ، نَادَى أَبُو عُبَيْدٍ بِالرَّحِيلِ ، وَقَالَ لِلْمُجَرَّدَةِ : أَتْبِعُوهُمْ حَتَّى تُدْخِلُوهُمْ عَسْكَرَ نَرْسِيٍّ أَوْ تُبِيدُوهُمْ فِيمَا بَيْنَ النَّمَارِقِ إِلَى بَارِقٍ إِلى دُرْتَا ، وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ : لَعَمْرِي وَمَا عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ لَقَدْ صُبِّحَتْ بِالْخِزْيِ أَهْلُ النَّمَارِقِ بِأَيْدِي رِجَالٍ هَاجَرُوا نَحْوَ رَبِّهِمْ يَجُوسُونَهُمْ مَا بَيْنَ دُرْتَا وَبَارِقِ قَتَلْنَاهُمْ مَا بَيْنَ مَرْجِ مُسْلِحٍ وَبَيْنَ الْهَوَافِي مِنْ طَرِيقِ الْبَذَارِقِ وَمَضَى أَبُو عُبَيْدٍ حِينَ ارْتَحَلَ مِنَ النَّمَارِقِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَى نَرْسِيٍّ بِكَسْكَرَ ، وَنَرْسِيٌّ يَوْمَئِذٍ بِأَسْفَلِ كَسْكَرَ ، وَالْمُثَنَّى فِي تَعْبِيَتِهِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهَا جَابَانَ ، وَنَرْسِيٌّ عَلَى مُجَنَّبَتَيْهِ ابْنَا خَالِهِ وَهُمَا : ابْنَا خَالِ كِسْرَى بَنْدُوَيْهِ ، وَتِيرُوَيْهِ ، ابْنَا بِسْطَامَ ، وَأَهْلُ بَارُوسْمَا وَنَهْرِ جَوْبَرَ وَالزَّوَابِي مَعَهُ إِلَى جُنْدِهِ ، وَقَدْ أَتَى الْخَبَرُ بورانَ وَرُسْتُمَ بِهَزِيمَةِ جَابَانَ فَبَعَثُوا إِلَى الْجَالِنُوسِ . وَبَلَغَ ذَلِكَ نَرْسِيَّ وَأَهْلَ كَسْكَرَ وَبَارُوسْمَا وَنَهْرَ جَوْبَرَ وَالزَّابَ ، فَرَجَوْا أَنْ يَلْحَقَ قَبْلَ الْوَقْعَةِ ، وَعَاجَلَهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ فَالْتَقَوْا أَسْفَلَ مِنْ كَسْكَرَ بِمَكَانٍ يُدْعَى السَّقَاطِيَّةَ ، فَاقْتَتَلُوا فِي صَحَارَى ملس قِتَالا شَدِيدًا ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ هَزَمَ فَارِسَ ، وَهَرَبَ نَرْسِيٌّ وَغُلِبَ عَلَى عَسْكَرِهِ وَأَرْضِهِ ، وَأَخْرَبَ أَبُو عُبَيْدٍ مَا كَانَ حَوْلَ مُعَسْكَرِهِمْ مِنْ كَسْكَرَ ، وَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَرَأَى مِنَ الأَطْعِمَةِ شَيْئًا عَظِيمًا ، فَبَعَثَ فِيمَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ فَانْتَقَلُوا مَا شَاءُوا ، وَأُخِذَتْ خَزَائِنُ نَرْسِيٍّ ، فَلَمْ يَكُونُوا بِشَيْءٍ مِمَّا خُزِنَ أَفْرَحَ مِنْهُمْ بِالنَّرْسِيَّانِ ؛ لأَنَّهُ كَانَ يَحْمِيهِ وَيُمَالِئُهُ عَلَيْهِ مُلُوكُهُمْ ، فَاقْتَسَمُوهُ فَجَعَلُوا يُطْعِمُونَهُ الْفَلاحِينَ ، وَبَعَثُوا بِخُمْسِهِ إِلَى عُمَرَ ، وَكَتَبُوا إِلَيْهِ : إِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَنَا مَطَاعِمَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ يَحْمُونَهَا ، وَأَحْبَبْنَا أَنْ تَرَوْهَا وَلِتَذْكُرُوا إِنْعَامَ اللَّهِ وَإِفْضَالِهِ . وَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدٍ وَسَرَّحَ الْمُثَنَّى إِلَى بَارُوسْمَا ، وَبَعَثَ وَالِقًا إِلَى الزَّوَابِي وَعَاصِمًا إِلَى نَهْرِ جَوْبَرَ ، فَهَزَمُوا مَنْ كَانَ تَجَمَّعَ وَأَخْرَبُوا وَسَبَوْا ، وَكَانَ مِمَّا أَخْرَبَ الْمُثَنَّى وَسَبَى أَهْلَ زَنْدوَرْدَ وَبسُوسِيَا . وَكَانَ أَبُو زَعْبَلٍ مِنْ سَبْيِ زَنْدوَرْدَ وَهَرَبَ ذَلِكَ الْجُنْدُ إِلَى الْجَالِنُوسِ ، فَكَانَ مِمَّنْ أَسَرَ عَاصِمٌ أَهْلُ بيتيقَ مِنْ نَهْرِ جَوْبَرَ ، وَمِمَّنْ أَسَرَ وَالِقٌ أَبُو الصَّلْتِ ، وَخَرَجَ فَرُّوخُ وَفروندَاذُ إِلَى الْمُثَنَّى يَطْلُبَانِ الْجَزَاءَ وَالذِّمَّةَ دَفْعًا عَنْ أَرْضِهِمْ ، فَأَبْلَغَهُمَا أَبَا عُبَيْدٍ ، أَحَدُهُمَا بَارُوسْمَا وَالآخَرُ نَهْرَ جَوْبَرَ ، فَأَعْطَيَاهُ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ أَرْبَعَةً ، فَرُّوخُ عَنْ بَارُوسْمَا وَفروندَاذُ عَنْ نَهْرِ جَوْبَرَ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الزَّوَابِي وَكَسْكَرُ ، وَضَمِنَا لَهُمُ الرِّجَالَ عَنِ التَّعْجِيلِ فَفَعَلُوا ، وَصَارُوا صُلْحًا ، وَجَاءَ فَرُّوخُ ، وَفروندَاذُ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ بِآنِيَةٍ فِيهَا أَنْوَاعُ أَطْعِمَةِ فَارِسَ مِنَ الأَلْوَانِ وَالأَخْبِصَةِ وَغَيْرِهَا ، فَقَالُوا : هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمْنَاكَ بِهَا وَقِرًى لَكَ ، قَالَ : أَأَكْرَمْتُمُ الْجُنْدَ وَقَرَيْتُمُوهُمْ مِثْلَهُ ؟ قَالُوا : لَمْ يَتَيَسَّرْ وَنَحْنُ فَاعِلُونَ ، وَإِنَّمَا يَتَرَبَّصُونَ بِهِمْ قُدُومَ الْجَالِنُوسِ وَمَا يَصْنَعُ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا لا يَسَعِ الْجُنْدَ ، فَرَدَّهُ وَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ حَتَّى يَنْزِلَ بِبَارُوسْمَا ، فَبَلَغَهُ مَسِيرُ الْجَالِنُوسِ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |