كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ بِإِسْنَادِهِمْ ، قَالُوا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ بِإِسْنَادِهِمْ ، قَالُوا : وَلَمَّا رَجَعَ الْجَالِنُوسُ إِلَى رُسْتُمَ وَمَنْ أَفْلَتَ مِنْ جُنُودِهِ ، قَالَ رُسْتُمُ : أَيُّ الْعُجْمِ أَشَدُّ عَلَى الْعَرَبِ فِيمَا تَرَوْنَ ؟ قَالُوا : بهمنُ جَاذُوَيْهِ ، فَوَجَّهَهُ وَمَعَهُ فِيَلَةٌ وَرَدَّ الْجَالِنُوسَ مَعَهُ ، وَقَالَ لَهُ : قَدِّمِ الْجَالِنُوسَ فَإِنْ عَادَ لِمِثْلِهَا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ ، فَأَقْبَلَ بهمنُ جَاذُوَيْهِ وَمَعَهُ دَرفشُ كابيانَ رَايَةُ كِسْرَى ، وَكَانَتْ مِنْ جُلُودِ النَّمِرِ عَرْضَ ثَمَانِيَةِ أَذْرُعٍ فِي طُولِ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا ، وَأَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فَنَزَلَ الْمَرْوَحَةَ مَوْضِعَ الْبُرْجِ وَالْعَاقُولِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بهمنُ جَاذُوَيْهِ : إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا وَنَدَعُكُمْ وَالْعُبُورَ ، وَإِمَّا أَنْ تَدَعُونَا نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ . فَقَالَ النَّاسُ : لا تَعْبُرْ يَا أَبَا عُبَيْدٍ نَنْهَاكَ عَنِ الْعُبُورِ ، وَقَالُوا لَهُ : قُلْ لَهُمْ فَلْيَعْبُرُوا وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ سُلَيْطٌ فَلَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ وَتَرَكَ الرَّأْيَ ، وَقَالَ : لا يَكُونُونَ أَجْرَأَ عَلَى الْمَوْتِ مِنَّا ، بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْهِمْ ، فَعَبَرُوا إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي مَنْزِلٍ ضَيِّقِ الْمَطْرَدِ وَالْمَذْهَبُ ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمًا وَأَبُو عُبَيْدٍ فِيمَا بَيْنَ السِّتَّةِ وَالْعَشَرَةِ ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَاسْتَبْطَأَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ الْفَتْحَ أَلَّفَ بَيْنَ النَّاسِ فَتَصَافَحُوا بِالسُّيُوفِ ، وَضَرَبَ أَبُو عُبَيْدٍ الْفِيلَ ، وَخَبَطَ الْفِيلُ أَبَا عُبَيْدٍ وَقَدْ أَسْرَعَتِ السُّيُوفُ فِي أَهْلِ فَارِسَ وَأُصِيبَ مِنْهُمْ سِتَّةُ آلافٍ فِي الْمَعْرَكَةِ ، وَلَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ إِلا الْهَزِيمَةِ ، فَلَمَّا خُبِطَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَامَ عَلَيْهِ الْفِيلُ ، جَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً ، ثُمَّ تَمُّوا عَلَيْهَا ، وَرَكِبَهُمْ أَهْلُ فَارِسَ ، فَبَادَرَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ إِلَى الْجِسْرِ فَقَطَعَهُ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَيْهِ وَالسُّيُوفُ تَأْخُذُهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ، فَتَهَافَتُوا فِي الْفُرَاتُ فَأَصَابُوا يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ آلافِ مِنْ بَيْن غَرِيقٍ وَقَتِيلٍ . وَحَمَى الْمُثَنَّى النَّاسَ وَعَاصِمٌ وَالْكَلَجُ الضَّبِّيُّ وَمَذْعُورٌ حَتَّى عَقَدُوا الْجِسْرَ وَعَبَرُوهُمْ ، ثُمَّ عَبَرُوا فِي آثَارِهِمْ ، فَأَقَامُوا بِالْمَرْوَحَةِ وَالْمُثَنَّى جَرِيحٌ والْكَلَجُ وَمَذْعُورٌ وَعَاصِمٌ ، وَكَانُوا حُمَاةَ النَّاسِ مَعَ الْمُثَنَّى ، وَهَرَبَ مِنَ النَّاسِ بَشَرٌ كَثِيرٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، وَافْتَضَحُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَاسْتَحْيُوا مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ ، وَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَوَى إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ : عِبَادَ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ فِي حِلٍّ مِنِّي أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عُبَيْدٍ لَوْ كَانَ عَبَرَ فَاعْتَصَمَ بِالْخِيفِ أَوْ تَحَيَّزَ إِلَيْنَا وَلَمْ يَسْتَقْتِلْ لَكُنَّا لَهُ فِئَةٌ ، وَبَيْنَا أَهْلُ فَارِسَ يُحَاوِلُونَ الْعُبُورَ أَتَاهُمُ الْخَبَرُ : أَنَّ النَّاسَ بِالْمَدَائِنِ ، قَدْ ثَارُوا بِرُسْتُمَ وَنَقَضُوا الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ، فَصَارُوا فِرْقَتَيْنِ ، الْفهلُوجُ عَلَى رُسْتُمَ ، وَأَهْلُ فَارِسَ عَلَى الْفيرزانِ ، وَكَانَ بَيْنَ وَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ وَالْجِسْرِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، وَكَانَ الَّذِي جَاءَ بِالْخَبَرِ عَنِ الْيَرْمُوكِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْيَرِيُّ ، وَالَّذِي جَاءَ بِالْخَبَرِ عَنِ الْجِسْرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ ، وَلَيْسَ بِالَّذِي رَأَى الرُّؤْيَا ، فَانْتَهَى إِلَى عُمَرَ ، وَعُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَنَادَى عُمَرُ : الْخَبَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ . قَالَ : أَتَاكَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ ! ثُمَّ صَعِدَ إِلَيْهِ الْمِنْبَرَ فَأَسَرَّ ذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَكَانَتِ الْيَرْمُوكُ فِي أَيَّامٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ وَالْجِسْرِ فِي شَعْبَانَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |