كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : لَمَّا رَجَعَ الْمُثَنَّى مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الأَنْبَارِ ، سَرَّحَ الْمُضَارِبَ الْعِجْلِيَّ وَزَيْدًا إِلَى الْكَبَاثِ وَعَلَيْهِ فَارِسُ الْعنابِ التَّغْلِبِيُّ ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آثَارِهِمْ ، فَقَدِمَ الرَّجُلانِ الْكَبَاثَ وَقَدِ ارْفَضُّوا وَأَخْلَوُا الْكَبَاثَ ، وَكَانَ أَهْلُهُ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ ، فَرَكِبُوا آثَارَهُمْ يَتْبَعُونَهُمْ فَأَدْرَكُوا أُخْرَيَاتِهِمْ ، وَفَارِسُ الْعنابِ يَحْمِيهِمْ فَحَمَاهُمْ سَاعَةً ثُمَّ هَرَبَ ، وَقَتَلُوا فِي أُخْرَيَاتِهِمْ وَأَكْثَرُوا ، وَرَجَعَ الْمُثَنَّى إِلَى عَسْكَرِهِ بِالأَنْبَارِ ، وَالْخَلِيفَةُ عَلَيْهِمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ ، فَلَمَّا رَجَعَ الْمُثَنَّى إِلَى الأَنْبَارِ سَرَّحَ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ ، وَعُتَيْبَةَ بْنَ النَّهَّاسِ وَأَمَرَهُمَا بِالْغَارَةِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ تَغْلِبَ وَالنَّمِرِ بِصِفِّينَ ، ثُمَّ اتَّبَعَهُمَا ، وَخَلَّفَ عَلَى النَّاسِ عَمْرَو بْنَ أَبِي سَلْمَى الْهُجَيْمِيَّ ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ صِفِّينَ ، افْتَرَقَ الْمُثَنَّى وَفُرَاتُ وَعُتَيْبَةُ ، وَفَرَّ أَهْلُ صِفِّينَ وَعَبَرُوا الْفُرَاتَ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَتَحَصَّنُوا ، وَأَرْمَلَ الْمُثَنَّى وَأَصْحَابُهُ مِنَ الزَّادِ ، حَتَّى أَقْبَلُوا عَلَى رَوَاحِلِهِمْ إِلا مَا لا بُدَّ مِنْهُ ، فَأَكَلُوهَا حَتَّى أَخْفَافَهَا وَعِظَامَهَا وَجُلُودَهَا ، ثُمَّ أَدْرَكُوا عِيرًا مِنْ أَهْلِ دِيَافَ وَحَوْرَانَ ، فَقَتَلُوا الْعُلُوجَ ، وَأَصَابُوا ثَلاثَةَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ خُفَرَاءَ ، وَأَخَذُوا الْبَعِيرَ وَكَانَ ظَهْرًا فَاضِلا ، وَقَالَ لَهُمْ : دُلُّونِي . فَقَالَ أَحَدُهُمْ : آمِنُونِي عَلَى أَهْلِي وَمَالِي ، وَأَدُلُّكُمْ عَلَى حَيٍّ مِنْ تَغْلِبَ غَدَوْتُ مِنْ عِنْدِهِمُ الْيَوْمَ ، فَآمَنَهُ الْمُثَنَّى وَسَارَ مَعَهُ يَوْمَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَشِيُّ هَجَمَ عَلَى الْقَوْمِ ، فَإِذَا النَّعَمُ صَادِرَةٌ عَنِ الْمَاءِ ، وَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ بِأَفْنِيَةِ الْبُيُوتِ ، فَبَثَّ غَارَتَهُ فَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَوُا الذُّرِيَّةَ وَاسْتَاقُوا الأَمْوَالَ ، وَإِذَا هُمْ بَنُو ذِي الرُّوَيْحِلَةِ ، فَاشْتَرَى مَنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ رَبِيعَةَ السَّبَايَا بِنَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ ، وَأَعْتَقُوا سَبْيَهُمْ ، وَكَانَتْ رَبِيعَةُ لا تُسْبَى إِذِ الْعَرَبُ يَتَسَابُونَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ، وَأَخْبِرَ الْمُثَنَّى : أَنَّ جُمْهُورَ مَنْ سَلَكَ الْبِلادَ قَدِ انْتَجَعُوا الشَّطَّ شَاطِئَ دِجْلَةَ ، فَخَرَجَ الْمُثَنَّى وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي غَزَوَاتِهِ هَذِهِ بَعْدَ الْبُوَيْبِ كُلِّهَا حُذَيْفَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغلفَانِيُّ ، وَعَلى مُجَنِّبَتَيْهِ النُّعْمَانُ بْنُ عَوْفِ بْنِ النُّعْمَانِ وَمَطَرٌ الشَّيْبَانِيَّانِ ، فَسَرَّحَ فِي أَدْبَارِهِمْ حُذَيْفَةَ وَأَتْبَعَهُ فَأَدْرَكُوهُمْ بِتِكْرِيتَ دُوَيْنَهَا مِنْ حَيْثُ طَلَبُوهُمْ ، يَخُوضُونَ الْمَاءَ فَأَصَابُوا مَا شَاءُوا مِنَ النَّعَمِ ، حَتَّى أَصَابَ الرَّجُلُ خمسًا مِنَ النَّعَمِ ، وَخمسًا مِنَ السَّبْيِ ، وَخُمْسَ الْمَالِ ، وَجَاءَ بِهِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَى النَّاسِ بِالأَنْبَارِ ، وَقَدْ مَضَى فُرَاتُ وَعُتَيْبَةُ فِي وُجُوهِهِمَا ، حَتَّى أَغَارُوا عَلَى صِفِّينَ وَبِهَا النَّمِرُ وَتَغْلِبُ مُتَسَانِدَيْنِ ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى رَمَوْا بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ فِي الْمَاءِ ، فَنَاشَدُوهُمْ فَلَمْ يُقْلِعُوا عَنْهُمْ ، وَجَعَلُوا يُنَادُونَهُمُ الْغَرَقَ الْغَرَقَ ، وَجَعَلَ عُتَيْبَةُ وَفُرَاتُ يَذْمُرُونَ النَّاسَ ، وَيُنَادُونَهُمْ : تَغْرِيقٌ بِتَحْرِيقٍ ، يُذَكِّرُونَهُمْ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، أَحْرَقُوا فِيهِ قَوْمًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي غَيْضَةٍ مِنَ الْغِيَاضِ ، ثُمَّ انْكَفَئُوا رَاجِعِينَ إِلَى الْمُثَنَّى وَقَدْ غَرَّقُوهُمْ ، وَلَمَّا تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى عَسْكَرِهِمْ بِالأَنْبَارِ وَتَوَافَى بِهَا الْبُعُوثُ وَالسَّرَايَا ، انْحَدَرَ بِهِمُ الْمُثَنَّى إِلَى الْحِيرَةِ ، فَنَزَلَ بِهَا ، وَكَانَتْ تَكُونُ لِعُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعُيُونُ فِي كُلِّ جَيْشٍ ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِمَا كَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ ، وَبَلَغَهُ الَّذِي قَالَهُ عُتَيْبَةُ وَفُرَاتُ يَوْمَ بَنِي تَغْلِبَ وَالْمَاءِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا قَالا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ مَثَلٌ ، وَأَنَّهُمَا لَمْ يَفْعَلا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ طَلَبِ ذِحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَاسْتَحْلَفَهُمَا فَحَلَفَا أَنَّهُمَا مَا أَرَادَا بِذَلِكَ إِلا الْمَثَلَ وَإِعْزَازَ الإِسْلامِ ، فَصَدَّقَهُمَا وَرَدَّهُمَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى الْمُثَنَّى . .