ذكر اسماء قضاته وكتابه وعماله على الصدقات


تفسير

رقم الحديث : 1157

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، قَالَ : لَمَّا جَاءَ الْمُغِيرَةُ إِلَى الْقَنْطَرَةِ فَعَبَرَهَا إِلَى أَهْلِ فَارِسَ ، حَبَسُوهُ وَاسْتَأْذَنُوا رُسْتُمَ فِي إِجَازَتِهِ ، وَلَمْ يُغَيِّرُوا شَيْئًا مِنْ شَارَتِهِمْ تَقْوِيَةً لِتَهَاوُنِهِمْ ، فَأَقْبَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ، وَالْقَوْمُ فِي زِيِّهِمْ عَلَيْهِمُ التِّيجَانُ وَالثِّيَابُ الْمَنْسُوجَةُ بِالذَّهَبِ ، وَبُسُطُهُمْ عَلَى غَلْوَةٍ لا يَصِلُ إِلَى صَاحِبِهِمْ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَيْهِمْ غَلْوَةً ، وَأَقْبَلَ الْمُغِيرَةُ وَلَهُ أَرْبَعُ ضَفَائِرَ يَمْشِي ، حَتَّى جَلَسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَوِسَادَتِهِ ، فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَتَرْتَرُوهُ وَأَنْزَلُوهُ وَمَغَثُوهُ ، فَقَالَ : كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكُمُ الأَحْلامُ ، وَلا أَرَى قَوْمًا أَسْفَهَ مِنْكُمْ ، إِنَّا مَعْشَرَ الْعَرَبِ سَوَاءٌ لا يَسْتَعْبِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا إِلا أَنْ يَكُونَ مُحَارِبًا لِصَاحِبِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّكُمْ تُوَاسُونَ قَوْمَكُمْ كَمَا نَتَوَاسَى ، وَكَانَ أَحْسَنَ مِنَ الَّذِي صَنَعْتُمْ أَنْ تُخْبِرُونِي أَنَّ بَعْضَكُمْ أَرْبَابُ بَعْضٍ ، وَأَنَّ هَذَا الأَمْرَ لا يَسْتَقِيمُ فِيكُمْ فَلا نَصْنَعُهُ ، وَلَمْ آتِكُمْ وَلَكِنْ دَعَوْتُمُونِي ، الْيَوْمُ عَلِمْتُ أَنَّ أَمْرَكُمْ مُضْمَحِلٌّ وَأَنَّكُمْ مَغْلُوبُونَ ، وَأَنَّ مُلْكًا لا يَقُومُ عَلَى هَذِهِ السِّيرَةِ ، وَلا عَلَى هَذِهِ الْعُقُولِ . فَقَالَتِ السَّفَلَةُ : صَدَقَ وَاللَّهِ الْعَرَبِيُّ . وَقَالَتِ الدَّهَّاقِينُ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَمَى بِكَلامٍ لا يَزَالُ عَبِيدُنَا يَنْزَعُونَ إِلَيْهِ ، قَاتَلَ اللَّهُ أَوَّلينَا ، مَا كَانَ أَحْمَقَهُمْ حِينَ كَانُوا يُصَغِّرُونَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ ، فَمَازَحَهُ رُسْتُمُ لِيَمْحُوَ مَا صَنَعَ . وَقَالَ لَهُ : يَا عَرَبِيُّ ، إِنَّ الْحَاشِيَةَ قَدْ تَصْنَعُ مَا لا يُوَافِقُ الْمَلِكَ ، فَيَتَرَاخَى عَنْهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكْسِرَهَا عَمَّا يَنْبَغِي مِنْ ذَلِكَ ، فَالأَمْرُ عَلَى مَا تُحِبُّ مِنَ الْوَفَاءِ وَقُبُولِ الْحَقِّ ، مَا هَذِهِ الْمَغَازِلُ الَّتِي مَعَكَ ؟ قَالَ : مَا ضَرَّ الْجَمْرَةَ أَلا تَكُونَ طَوِيلَةً ثُمَّ رَامَاهُمْ . وَقَالَ : مَا بَالُ سَيْفِكَ رَثًّا ؟ قَالَ : رَثُّ الْكِسْوَةِ حَدِيدُ الْمَضْرَبَةِ ، ثُمَّ عَاطَاهُ سَيْفَهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ رُسْتُمُ : تَكَلَّمْ أَمْ أَتَكَلَّمُ ؟ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : أَنْتَ الَّذِي بَعَثْتَ إِلَيْنَا فَتَكَلَّمْ ، فَأَقَامَ التَّرْجُمَانُ بَيْنَهُمَا . وَتَكَلَّمَ رُسْتُمُ : فَحَمِدَ قَوْمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُمْ وَطَوَّلَهُ ، وَقَالَ : لَمْ نَزَلْ مُتَمَكِّنِينَ فِي الْبِلادِ ، ظَاهِرِينَ عَلَى الأَعْدَاءِ ، أَشْرَافًا فِي الأُمَمِ ، فَلَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ مِثْلُ عِزِّنَا وَشَرَفِنَا وَسُلْطَانِنَا ، نُنْصَرُ عَلَى النَّاسِ وَلا يُنْصَرُونَ عَلَيْنَا إِلا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ أَوِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ لِلذُّنُوبِ ، فَإِذَا انْتَقَمَ اللَّهُ فَرَضِيَ رَدَّ إِلَيْنَا عِزَّنَا ، وَجَمَعَنَا لِعَدُوِّنَا شَرَّ يَوْمٍ هُوَ آتٍ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاسِ أُمَّةٌ أَصْغَرُ عِنْدَنَا أَمْرًا مِنْكُمْ ، كُنْتُمْ أَهْلَ قَشَفٍ وَمَعِيشَةٍ سَيِّئَةٍ ، لا نَرَاكُمْ شَيْئًا وَلا نَعُدُّكُمْ ، وَكُنْتُمْ إِذَا قَحِطَتْ أَرْضُكُمْ وَأَصَابَتْكُمُ السَّنَةُ ، اسْتَغَثْتُمْ بِنَاحِيَةِ أَرْضِنَا ، فَنَأْمُرُ لَكُمْ بِالسَّيِّئِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ نَرُدُّكُمْ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُمْ إِلا مَا أَصَابَكُمْ مِنَ الْجَهْدِ فِي بِلادِكُمْ ، فَأَنَا آمِرٌ لأَمِيرِكُمْ بِكِسْوَةٍ وَبَغْلٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَآمِرٌ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِوِقْرِ تَمْرٍ وَبِثَوْبَيْنِ وَتَنْصَرِفُونَ عَنَّا ، فَإِنِّي لَسْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَقْتُلَكُمْ وَلا آسِرَكُمْ . فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَازِقُهُ ، فَمَنْ صَنَعَ شَيْئًا فَإِنَّمَا هُوَ يَصْنَعُهُ وَالَّذِي لَهُ ، وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْتَ بِهِ نَفْسَكَ وَأَهْلَ بِلادِكَ مِنَ الظُّهُورِ عَلَى الأَعْدَاءِ ، وَالتَّمَكُّنِ فِي الْبِلادِ ، وَعِظَمِ السُّلْطَانِ فِي الدُّنْيَا ، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُ وَلَسْنَا نُنْكِرُهُ ، فَاللَّهُ صَنَعَهُ بِكُمْ وَوَضَعَهُ فِيكُمْ وَهُوَ لَهُ دُونَكُمْ ، وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْتَ فِينَا مِنْ سُوءِ الْحَالِ ، وَضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَاخْتِلافِ الْقُلُوبِ ، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُ وَلَسْنَا نُنْكِرُهُ ، وَاللَّهُ ابْتَلانَا بِذَلِكَ وَصَيَّرَنَا إِلَيْهِ ، وَالدُّنْيَا دُوَلٌ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ شَدَائِدِهَا يَتَوَقَّعُونَ الرَّخَاءِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَيْهِ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ رَخَائِهَا يَتَوَقَّعُونَ الشَّدَائِدَ حَتَّى تَنْزِلَ بِهِمْ وَيَصِيرُوا إِلَيْهَا ، وَلَوْ كُنْتُمْ فِيمَا آتَاكُمُ اللَّهُ ذَوِي شُكْرٍ ، كَانَ شُكْرُكُمْ يَقْصُرُ عَمَّا أُوتِيتُمْ ، وَأَسْلَمَكُمْ ضَعْفُ الشُّكْرِ إِلَى تَغَيُّرِ الْحَالِ ، وَلَوْ كُنَّا فِيمَا ابْتُلِينَا بِهِ أَهْلَ كُفْرٍ ، كَانَ عَظِيمُ مَا تَتَابَعَ عَلَيْنَا مُسْتَجْلِبًا مِنَ اللَّهِ رَحْمَةً يُرَفِّهُ بِهَا عَنَّا ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ غَيْرُ مَا تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ ، أَوْ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَنَا بِهِ ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ فِينَا رَسُولا ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ الْكَلامِ الأَوَّلِ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ : وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَكَ فَكُنْ لَنَا عَبْدًا تُؤَدِّي الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَأَنْتَ صَاغِرٌ ، وَإِلا فَالسَّيْفُ إِنْ أَبَيْتَ ، فَنَخَرَ نَخْرَةً وَاسْتَشَاطَ غَضَبًا ، ثُمَّ حَلِفَ بِالشَّمْسِ : لا يَرْتَفِعُ لَكُمُ الصُّبْحُ غَدًا حَتَّى أَقْتُلَكُمْ أَجْمَعِينَ ، فَانْصَرَفَ الْمُغِيرَةُ وَخَلَصَ رُسْتُمُ تَأَلُّفًا بِأَهْلِ فَارِسَ ، وَقَالَ : أَيْنَ هَؤُلاءِ مِنْكُمْ مَا بَعْدُ هَذَا ؟ أَلَمْ يَأْتِكُمُ الأَوَّلانِ فَحَسَرَاكُمْ وَاسْتَحْرَجَاكُمْ ؟ ثُمَّ جَاءَكُمْ هَذَا ، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا وَسَلَكُوا طَرِيقًا وَاحِدًا وَلَزِمُوا أَمْرًا وَاحِدًا ، هَؤُلاءِ وَاللَّهِ الرِّجَالُ صَادِقِينَ كَانُوا أَمْ كَاذِبِينَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ بَلَغَ مِنْ إِرْبِهِمْ وَصَوْنِهِمْ لِسِرِّهِمْ أَلا يَخْتَلِفُوا ، فَمَا قَوْمٌ أَبْلَغُ فِيمَا أَرَادُوا مِنْهُمْ ، لَئِنْ كَانُوا صَادِقِينَ مَا يَقُومُ لِهَؤُلاءِ شَيْءٌ ، فَلُجُّوا وَتَجَلَّدُوا . وَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُصْغُونَ إِلَى مَا أَقُولُ لَكُمْ ، وَإِنَّ هَذَا مِنْكُمْ رِئَاءً فَازْدَادُوا لَجَاجَةً . .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.