كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، قَالَ : " أَوَّلُ مَنْ غَزَا فِي الْبَحْرِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ زَمَانَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَقَدْ كَانَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِيهِ ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ ، فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ لَمْ يَزَلْ بِهِ مُعَاوِيَةُ ، حَتَّى عَزَمَ عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ بِآخِرَةٍ ، وَقَالَ : لا تَنْتَخِبِ النَّاسَ وَلا تَقْرَعْ بَيْنَهُمْ ، خَيِّرْهُمْ فَمَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ طَائِعًا فَاحْمِلْهُ وَأَعِنْهُ . فَفَعَلَ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْبَحْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ الْحَارِثِيَّ حَلِيفَ بَنِي فَزَارَةَ ، فَغَزَا خَمْسِينَ غَزَاةً مِنْ بَيْنِ شَاتِيَةٍ وَصَائِفَةٍ فِي الْبَحْرِ ، وَلَمْ يَغْرَقْ فِيهِ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَنْكَبْ ، وَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ الْعَافِيَةَ فِي جُنْدِهِ ، وَأَلا يَبْتَلِيَهُ بِمُصَابِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، فَفَعَلَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُ وَحْدَهُ ، خَرَجَ فِي قَارِبِ طَلِيعَةٍ ، فَانْتَهَى إِلَى الْمَرْقَى مِنْ أَرْضِ الرُّومِ ، وَعَلَيْهِ سُؤَّالٌ يَعْتَرُّونَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهِمْ ، فَرَجَعَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السُّؤَّالِ إِلَى قَرْيَتِهَا ، فَقَالَتْ لِلرِّجَالِ : هَلْ لَكُمْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ؟ قَالُوا : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَتْ : فِي الْمَرْقَى . قَالُوا : أَيْ عَدُوَّةَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ؟ فَوَبَّخَتْهُمْ ، وَقَالَتْ : أَنْتُمْ أَعْجَزُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَبْدَ اللَّهِ عَلَى أَحَدٍ . فَثَارُوا إِلَيْهِ ، فَهَجَمُوا عَلَيْهِ فَقَاتَلُوهُ وَقَاتَلَهُمْ ، فَأُصِيبَ وَحْدَهُ ، وَأَفْلَتَ الْمَلاحُ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ ، فَجَاءُوا حَتَّى أَرِقُوا وَالْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عَوْفٍ الأَزْدِيُّ ، فَخَرَجَ فَقَاتَلَهُمْ فَضَجَرَ ، وَجَعَلَ يَعْبَثُ بِأَصْحَابِهِ وَيَشْتُمُهُمْ ، فَقَالَتْ جَارِيَةُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاعَبْدَ اللَّهِ ، مَا هَكَذَا كَانَ يَقُول حِينَ يُقَاتِلُ . فَقَالَ سُفْيَانُ : وَكَيْفَ كَانَ يَقُولُ ؟ قَالَتِ : الْغَمَرَاتُ ثُمَّ يَنْجِلِينَا . فَتَرَكَ مَا كَانَ يَقُولُ ، وَلَزِمَ الْغَمَرَات ثُمَّ يَنْجَلِينَا ، وَأُصِيبَ فِي الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ ، وَذَلِكَ آخِرُ زَمَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْحَارِثِيِّ ، وَقِيلَ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ بَعْدُ : بِأَيِّ شَيْءٍ عَرَفْتِيهِ ؟ قَالَتْ : بِصَدَقَتِهِ ، أَعْطَى كَمَا يُعْطِي الْمُلُوكُ ، وَلَمْ يَقْبِضْ قَبْضَ التُّجَّارِ . .