كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، قَالا : كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ إِلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ ، وَقَدْ كَانُوا سَقَطُوا إِلَيْهَا بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ ، ثُمَّ قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ، ثُمَّ قَدِمَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ ، فَاتَّفَقَا بِمَكَّةَ ، وَمَعَ يَعْلَى سِتُّ مِائَةِ بَعِيرٍ وَسِتُّ مِائَةِ أَلْفٍ ، فَأَنَاخَ بِالأَبْطَحِ مُعَسْكَرًا ، وَقَدِمَ مَعَهُمَا طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ ، فَلَقِيَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقَالَتْ : مَا وَرَاءَكُمَا ؟ فَقَالا : وَرَاءَنَا أَنَّا تَحَمَّلْنَا بِقَلْيَتِنَا ، هَرَابًا مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ غَوْغَاءَ وَأَعْرَابٍ ، وَفَارَقْنَا قَوْمًا حَيَارَى لا يَعْرِفُونَ حَقًّا ، وَلا يُنْكِرُونَ بَاطِلا ، وَلا يَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ . قَالَتْ : فَائْتَمِرُوا أَمْرًا ، ثُمَّ انْهَضُوا إِلَى هَذِهِ الْغَوْغَاءِ ، وَتَمَثَّلَتْ : لَوْ أَنَّ قَوْمِي طَاوَعَتْنِي سُرَاتُهُمْ لأَنْقَذْتُهُمْ مِنَ الْحِبَالِ أَوِ الْخَبْلِ وَقَالَ الْقَوْمُ فِيمَا ائْتَمَرُوا بِهِ : الشَّامَ : فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ : قَدْ كَفَاكُمُ الشَّامَ مَنْ يَسْتَمِرُّ فِي حَوْزَتِهِ . فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ : فَأَيْنَ ؟ قَالَ : الْبَصْرَةَ ، فَإِنَّ لي بِهَا صَنَائِعَ ، وَلَهُمْ فِي طَلْحَةَ هَوًى . قَالُوا : قَبَّحَكَ اللَّهُ ، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ بِالْمُسَالِمِ وَلا بِالْمُحَارِبِ ، فَهَلا أَقَمْتَ كَمَا أَقَامَ مُعَاوِيَةُ ، فَنَكْتَفِي بِكَ ، وَنَأْتِي الْكُوفَةَ فَنَسُدُّ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الْمَذَاهِبَ ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَهُ جَوَابًا مَقْبُولا ، حَتَّى إِذَا اسْتَقَامَ لَهُمُ الرَّأْيُ عَلَى الْبَصْرَةِ ، قَالُوا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ دَعِي الْمَدِينَةَ ، فَإِنَّ مَنْ مَعَنَا لا يَقْرِنُونَ لِتِلْكَ الْغَوْغَاءِ الَّتِي بِهَا ، وَاشْخَصِي مَعَنَا إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَإِنَّا نَأْتِي بَلَدًا مُضَيَّعًا ، وَسَيَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا فِيهِ بِبَيْعَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَتُنَهِّضِينَهُمْ كَمَا أَنْهَضْتِ أَهْلَ مَكَّةَ ، ثُمَّ تَقْعُدِينَ ، فَإِنْ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمْرَ كَانَ الَّذِي تُرِيدِينَ ، وَإِلا احْتَسَبْنَا وَدَفَعْنَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ بِجَهْدِنَا ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا أَرَادَهُ . فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَقِيمًا إِلا بِهَا ، قَالَتْ : نَعَمْ . وَقَدْ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا عَلَى قَصْدِ الْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا تَحَوَّلَ رَأْيُهَا إِلَى الْبَصْرَةِ تَرَكْنَ ذَلِكَ ، وَانْطَلَقَ الْقَوْمُ بَعْدَهَا إِلَى حَفْصَةَ ، فَقَالَتْ : رَأْيِي تَبَعٌ لِرَأْيِ عَائِشَةَ . حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا الْخُرُوجُ ، قَالُوا : كَيْفَ نَسْتَقِلُّ ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَالٌ نُجَهِّزُ بِهِ النَّاسَ ؟ فَقَالَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ : مَعِي سِتُّ مِائَةِ أَلْفٍ ، وَسِتُّ مِائَةِ بَعِيرٍ فَارْكَبُوهَا ، وَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ : مَعِي كَذَا وَكَذَا ، فَتَجَهَّزُوا بِهِ ، فَنَادَى الْمُنَادِي : أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ شَاخِصُونَ إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ إِعْزَازَ الإِسْلامِ ، وَقِتَالَ الْمُحِلِّينَ وَالطَّلَبَ بِثَأْرِ عُثْمَانَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَرْكَبٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَازٌ ، فَهَذَا جِهَازٌ وَهَذِهِ نَفَقَةٌ ، فَحَمَلُوا سِتَّ مِائَةِ رَجُلٍ عَلَى سِتِّ مِائَةِ نَاقَةٍ ، سِوَى مَنْ كَانَ لَهُ مَرْكَبٌ ، وَكَانُوا جَمِيعًا أَلْفًا ، وَتَجَهَّزُوا بِالْمَالِ ، وَنَادَوْا بِالرَّحِيلِ ، وَاسْتَقَلُّوا ذَاهِبِينَ ، وَأَرَادَتْ حَفْصَةُ الْخُرُوجَ ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَطَلَبَ إِلَيْهَا أَنْ تَقْعُدَ ، فَقَعَدَتْ وَبَعَثَتْ إِلَى عَائِشَةَ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْخُرُوجِ ، فَقَالَتْ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِعَبْدِ اللَّهِ ، وَبَعَثَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَجُلا مِنْ جُهَيْنَةَ يُدْعَى : ظُفُرًا ، فَاسْتَأْجَرَتْهُ عَلَى أَنْ يَطْوِيَ ، وَيَأْتِيَ عَلِيًّا بِكِتَابِهَا ، فَقَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ بِكِتَابِ أُمِّ الْفَضْلِ بِالْخَبَرِ . .