حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، قَالَ : ثنا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ سورة التوبة آية 30 , إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ ؛ لأَنَّهُمْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِمُ الْعَمَالِقَةُ فَقَتَلُوهُمْ ، وَأَخَذُوا التَّوْرَاةَ ، وَذَهَبَ عُلَمَاؤُهُمُ الَّذِينَ بَقُوا , فَدَفَنُوا كُتُبَ التَّوْرَاةِ فِي الْجِبَالِ ، وَكَانَ عُزَيْرٌ غُلامًا يَتَعَبَّدُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ ، لا يَنْزِلُ إِلا يَوْمَ عِيدٍ ، فَجَعَلَ الْغُلامُ يَبْكِي وَيَقُولُ : رَبِّ تَرَكْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرِ عَالِمٍ ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ , فَنَزَلَ مَرَّةً إِلَى الْعِيدِ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ عِنْدَ قَبْرٍ مِنْ تِلْكِ الْقُبُورِ تَبْكِي وَتَقُولُ : يَا مُطْعِمَاهُ ، وَيَا كَاسِيَاهُ ، فَقَالَ لَهَا : وَيْحَكِ ، مَنْ كَانَ يُطْعِمُكِ أوَ يَكْسُوكِ أو يَسْقِيكِ أو يَنْفَعُكِ قَبْلَ هَذَا الرَّجُلِ ؟ قَالَتِ : اللَّهُ , قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ حَيُّ لَمْ يَمُتْ , قَالَتْ : يَا عُزَيْرُ ، فَمَنْ كَانَ يُعَلِّمُ الْعُلَمَاءَ قَبْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ؟ قَالَ : اللَّهُ , قَالَتْ : فَلِمَ تَبْكِي عَلَيْهِمْ ؟ فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ خُصِمَ وَلَّى مُدْبِرًا ، فَدَعَتْهُ فَقَالَتْ : يَا عُزَيْرُ إِذَا أَصْبَحْتَ غَدًا , فَأْتِ نَهْرَ كَذَا وَكَذَا فَاغْتَسِلْ فِيهِ ، ثُمَّ اخْرُجْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ شَيْخٌ ، فَمَا أَعْطَاكَ فَخُذْهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ، انْطَلَقَ عُزَيْرٌ إِلَى ذَلِكَ النَّهْرِ ، فَاغْتَسَلَ فِيهِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنٍ ، فَجَاءَهُ الشَّيْخُ , فَقَالَ : افْتَحْ فَمَكَ ، فَفَتَحَ فَمَهُ ، فَأَلْقَى فِيهِ شَيْئًا كَهَيْئَةِ الْجَمْرَةِ الْعَظِيمَةِ ، مُجْتَمِعٌ كَهَيْئَةِ الْقَوَارِيرِ , ثَلاثَ مِرَارٍ . فَرَجَعَ عُزَيْرٌ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ ، فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِالتَّوْرَاةِ . فَقَالُوا يَا عُزَيْرُ مَا كُنْتَ كَذَّابًا , فَعَمَدَ فَرَبَطَ عَلَى كُلِّ أُصْبُعٍ لَهُ قَلَمًا ، وَكَتَبَ بِأَصَابِعِهِ كُلِّهَا ، فَكَتَبَ التَّوْرَاةَ كُلَّهَا . فَلَمَّا رَجَعَ الْعُلَمَاءُ أُخْبِرُوا بِشَأْنِ عُزَيْرٍ ، فَاسْتَخْرَجَ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ كُتُبَهُمُ الَّتِي كَانُوا رفعوهَا مِنَ التَّوْرَاةِ فِي الْجِبَالِ ، وَكَانَتْ فِي خَوَابٍ مَدْفُونَةٍ ، فَعَارَضُوهَا بِتَوْرَاةِ عُزَيْرٍ فَوَجَدُوهَا مِثْلَهَا ، فَقَالُوا : مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ هَذَا إِلا أَنَّكَ ابْنُهُ " .