حَدَّثَنَا ابْنُ الْفَيْضِ ، قَالَ : أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنُ صَاعِدٍ الْفَقِيهُ الصُّورِيُّ ، بِصُورَ ، مِنْ شِعْرِهِ لِنَفْسِهِ : " مَجَالُ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِرَوْضَةٍ سَمَاوِيَّةٍ مِنْ دُونِهَا حُجُبُ الرَّبِّ مُعَسْكَرُهَا فِيهَا وَمَجْنَى ثِمَارِهَا تَنَسَّمُ رُوْحَ الْأُنْسِ بِاللَّهِ مِنْ قُرْبِ تَكَنَّفَهَا مِنْ عَالَمِ السِّرِّ حُبُّهُ فَلَوْلَا مَدَى الْآجَالِ ذَابَتْ مِنَ الْحُبِّ وأَنْشَقَهَا سُبْحَانَهُ رُوحَ قُرْبِهِ وَبَرْدَ نَسِيمٍ جَلَّ عَنْ مُنْتَهَى الْخَطْبِ وَأَرْوَى صَدَاهَا صِرْفُ كَاسَاتِ حُبِّهِ بِأَشْهَى مِنَ الْمَاذِيِّ بِالْبَارِدِ الْعَذْبِ فَيَا لَقُلُوبٍ قُرِّبَتْ فَتَقَرَّبَتْ فَحَلَّتْ مِنَ الْمَحْبُوبِ فِي أَقْرَبِ الْقُرْبِ رَضِيَهَا فَأَرْضَاهَا فَجَازَتْ مَدَى الرِّضَا وَحَلَّتْ مِنَ الْمَحْبُوبِ فِي الْمَنْزِلِ الرَّحْبِ سَرَى سِرُّهَا بَيْنَ الْحَبِيبِ وَبَيْنَهَا فَأَضْحَى مَصُونًا عَنْ ... وَالْقَلْبِ فَغَدَا عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ ، وَسَعِيدٌ الْخَيَّاطُ ، وَأَبُو هِشَامٍ الْخَزَّازُ ، وَكَانُوا زُهَّادًا عُبَّادًا ، فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَهُ سِوَى الرَّبِّ قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالُوا : قُلْتَ : مَجَالُ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِرَوْضَةٍ سَمَاوِيَّةٍ مِنْ دُونِهَا حُجُبُ الرَّبِّ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : مِنْ فَوْقِهَا حُجُبُ الرَّبِّ . فَقَالَ لَهُمْ ، وَأَنَا أَسْمَعُهُ قَوْلَهُ لَهُمْ : وَأَيُّ فَضِيلَةٍ لَهَا إِذَا كَانَ مِنْ دُونِ الْحُجُبِ ؟ إِنَّمَا فَضِيلَتُهَا إِذَا خَرَّقَتِ الْحُجُبَ ، لِأَنَّ الْقَوْمَ أَخْلَصُوا بِالْفِكْرِ ، فَجَالَتْ فِكَرُهُمْ حَتَّى خرَّقَتِ الْحُجُبَ ، فَصَارَتْ بِالرَّوْضَةِ السَّمَاوِيَّةِ مِنْ فَوْقِ الْحُجُبِ . فَقَالُوا لَهُ : صَدَقْتَ " .