حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، قَالَ : " صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسْتُ أَذْكُرُ اللَّهَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، إِذْ دَخَلَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ مِنْ بَابِ السَّاعَاتِ ، فَوَقَفَ بِقَاسِمٍ الْجُوعِيِّ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ يَقُومَ ، فَقَامَ مَعَهُ ، فَمَرَّ بِي ، فَسَلَّمَ ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ ، وَأَشَارَ إِلَيَّ فَقُمْتُ أَنَا وَقَاسِمٌ نَمْشِي وَرَاءَهُ حَتَّى انْحَدَرَ مِنَ الدَّرَجِ ثُمَّ أَخَذَ فِي سُوقِ الْأَحَدِ حَتَّى أَتَى الْمُرَبَّعَةَ فَدَخَلَ فِي قَنْطَرَةِ بَنِي مُدْلِجٍ حَتَّى أَتَى النَّيْبَطُونَ ، فَأَخَذَ يَسْرَةً ، فَمَرَّ بِدَارٍ فَجَازَهَا ، ثُمَّ أَتَى دَارًا أُخْرَى ، فَدَخَلَ وَدَخَلْنَا مَعَهُ ، فَفَتَحَ بَابَ بَيْتٍ ، ثُمَّ دَخَلَ فَسَلَّمَ ، وَدَخَلَ قَاسِمٌ مَعَهُ ، وَجَلَسْتُ أَنَا عَلَى يَمْنَةِ الْبَابِ ، فَلَمْ نَرَ شَيْئًا فِي الْبَيْتِ مِنْ ظُلْمَتِهِ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا سَاعَةً تَأَمَّلْتُ فَإِذَا بِامْرَأَةٍ عَلَيْهَا جُبَّةُ صُوفٍ وَخِمَارُ صُوفٍ ، فِي يَدِهَا سُبْحَةٌ ، فَلَمَّا دَخَلَ ضَوْءُ الشَّمْسِ مِنْ كُوَّةٍ فِي الْبَيْتِ رَدَّتْ عَلَيْنَا السَّلَامَ ، فَقَالَ لَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ : يَا أُمَّ هَارُونَ ، كَيْفَ أَصْبَحْتِ ؟ قَالَتْ : كَيْفَ أَصْبَحَ مَنْ قَلْبُهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ ، يَقُولُ بِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا ، وَأَشَارَتْ بِيَدِهَا فَقَالَ لَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ : أُمَّ هَارُونَ ، مَا تَقُولِينَ فِي الرَّجُلِ يُحِبُّ لِقاءَ اللَّهِ ؟ فَقَالَتْ : وَيْحَكَ ، ذَاكَ رَجُلٌ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الطَّاعَةُ ، وَأَحَبَّ الرَّاحَةَ مِنْهَا . قَالَ لَهَا : فَإِنَّهُ أَحَبَّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا . قَالَتْ : بَخٍ بَخٍ ، ذَاكَ رَجُلٌ أَحَبَّ الطَّاعَةَ ، وَأَحَبَّ أَنْ يَبْقَى لَهَا وَتَبْقَى لَهُ . ثُمَّ سَلَّمَ وَخَرَجْنَا فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ : مَنْ قَالَ : هَذِهِ أُمُّ هَارُونَ الْخُرَاسَانِيَّةُ ، أُسْتَاذَتِي " .