حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَتَبَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كِتَابًا ، فَإِذَا فِي الْكِتَابِ : إِنِّي امْرَأَةٌ أَصَابَنِي بَلاءٌ وَضُرٌّ ، وَإِنِّي أَدَعُ الصَّلاةَ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ ، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَأَفْتَانِي أَنْ أَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلَّ صَلاةٍ ، قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : اللَّهُمَّ لا أَجِدُ لَهَا إِلا مَا قَالَ عَلِيٌّ ، أَنَّهَا " تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ، وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلا وَاحِدًا " ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَكَانَ الأَوْزَاعِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَوْلُ ، فَإِنْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لا تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ ، وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاةٍ . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلٌ خَامِسٌ ، وَهُوَ أَنْ لا وُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلاةٍ إِلا أَنْ يُصِيبَهَا حَدَثٌ تُعِيدُ وُضُوءَهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْبَارٍ يُوَافِقُ كُلُّ خَبَرٍ مِنْهَا قَوْلا مِنْ هَذِهِ الأَقَاوِيلِ غَيْرَ قَوْلَ رَبِيعَةَ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي أَسَانِيدِهَا . وَالنَّظَرُ دَالٌّ عَلَى مَا قَالَ رَبِيعَةُ ، إِلا أَنَّهُ قَوْلٌ لا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا قُلْتُ النَّظَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ ؛ لأَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الدَّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْمُسْتَحَاضَةِ قَبْلَ الْوُضُوءِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي أَضْعَافِ الْوُضُوءِ ، وَالدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ الْوُضُوءِ ؛ لأَنَّ دَمَ الاسْتِحَاضَةِ إِنْ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ ، فَقَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا وَابْتَدَأَتَّ الاسْتِحَاضَةَ فِي الْوُضُوءِ ، فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ بَعْدَ غَسْلِهَا بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجَبَ أَنْ يُنْتَقَضَ مَا غَسَلَتْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ؛ لأَنَّ الدَّمَ الَّذِي يُوجِبُ الطَّهَارَةَ فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الطَّهَارَةَ قَائِمٌ ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهَا بَيْنَ أَضْعَافِ الْوُضُوءِ ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ الصَّلاةَ ، وَمَا حَدَثَ فِي الصَّلاةِ مِنْهُ لا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَجَبَ كَذَلِكَ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الصَّلاةِ لا يَنْقُضُ طَهَارَةً إِلا دَمُ الاسْتِحَاضَةِ هَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ . وَمَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ لِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلاةٍ ، إِلا أَنْ يَكُونَ الْبَرْدُ يُؤْذِيهِ ، فَإِذَا أَذَاهُ قَالَ : رَجَوْتُ أَنْ لا يَكُونَ عَلَيْهِ الضِّيقُ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ . وَقَدْ زَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الْجُرْحِ السَّايِلِ ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ لا تَتَوَضَّأَ قَالَ : وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلأَثَرِ . وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُخْتَصَرِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْهُ الآثَارَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَعِلَلَهَا ، فَمَنْ أَرَادَ أَخْذَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
| الأسم | الشهرة | الرتبة |