حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ " فَلَمَّا دَخَلَتِ السَّنَةُ الَّتِي وَصَفَ أَصْحَابُ النُّجُومِ لِنُمْرُودَ بَعَثَ نُمْرُودُ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ حُبْلَى بِقَرْيَتِهِ ، فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ ، إِلا مَا كَانَ مِنْ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ امْرَأَةِ آزَرَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ بِحَبَلِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً جادة حديثة فِيمَا يذكرون لَمْ يُعْرَفِ الْحَبَلُ فِي بَطْنِهَا ، وَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ بِوَلَدِهَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ كُلَّ غُلامٍ وُلِدَ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ مِنْ تِلْكِ السَّنَةِ حَذَرًا عَلَى مُلْكِهِ ، فَجَعَلَ لا تَلِدُ امْرَأَةٌ غُلامًا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ مِنْ تِلْكِ السَّنَةِ إِلا أَمَرَ بِهِ ، فَذُبِحَ ، فَلَمَّا وَجَدَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ الطَّلْقَ فَخَرَجَتْ لَيْلا إِلَى مَغَارَةٍ كَانَتْ قَرِيبًا مِنْهَا فَوَلَدَتْ فِيهَا إِبْرَاهِيمَ وَأَصْلَحَتْ مِنْ شَأْنِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْلُودِ ثُمَّ سَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَغَارَةَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا ، ثُمَّ كَانَتْ تُطَالِعُهُ فِي الْمَغَارَةِ لِتَنْظُرَ مَا فَعَلَ فَتَجِدُهُ حَيًّا يَمُصُّ إِبْهَامَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا يَزْعُمُونَ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ رِزْقَ إِبْرَاهِيمَ فِيهَا وَمَا يَجِيئُهُ مِنْ مَصَّةٍ ، وَكَانَ آزَرُ فِيمَا يَزْعُمُونَ سَأَلَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَمْلِهَا : مَا فَعَلَ ؟ فَقَالَتْ : وَلَدْتُ غُلامًا فَمَاتَ ، فَصَدَّقَهَا وَسَكَتَ عَنْهَا ، فَكَانَ الْيَوْمُ فِيمَا يَذْكُرُونَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي الشَّبَابِ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالسَّنَةِ ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي الْمَغَارَةِ فِيمَا يَذْكُرُونَ إِلا خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، حَتَّى قَالَ لأُمِّهِ : أَخْرِجِينِي فَأَخْرَجَتْهُ عِشَاءً ، فَنَظَرَ فَتَفَكَّرَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَقَالَ : إِنَّ الَّذِي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي وَأَطْعَمَنِي وَسَقَانِي لَرَبِّيَ ، مَا لِيَ إِلَهٌ غَيْرُهُ " .