ذكر من فتنة النساء عن طاعة الله تعالى وعظيم غلبة الشهوة


تفسير

رقم الحديث : 212

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : " كَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مَلِكٌ عَظِيمُ السُّلْطَانِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ يَدْعُوهُ إِلَى مَا قِبَلَهُ ، فَأَبَى عَلَيْهِ لِعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالرِّيحِ فَنَسَفَتْهُ الرِّيحُ ، وَمُلْكَهُ ، وَجَمِيعَ مَا قِبَلِهِ حَتَّى وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَكَانَ لِذَلِكَ الْمَلِكِ ابْنَةٌ تُدْعَى أَبْرَهَةُ ، فَأُعْجِبَ سُلَيْمَانُ بِهَا ، فَعَرَضَ عَلَيْهَا الإِسْلامَ ، فَكَرِهَتْهُ ، فَخَوَّفَهَا بِالْقَتْلِ فَأَصَرَّتْ ، فَخَوَّفَهَا بِقَتْلِ أَبِيهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ قَتَلْتَهُ قَتَلْتُ نَفْسِي ، فَخَافَ سُلَيْمَانُ إِنْ أَكْرَهَهَا فَتَقْتُلَ نَفْسَهَا ، وَأَحَبَّهَا حُبًّا شَدِيدًا ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِهَا ، وَتَرَكَهَا ، فَلَمَّا غَلَبَتْهُ فَتَزَوَّجَهَا ، وَكَانَتْ تَعْتَكِفُ عَلَى صَنَمٍ مِنْ يَاقُوتٍ ، وَكَانَ الصَّنَمُ مِنَ الْفَيْءِ الَّذِي نَسَفَتْهُ الرِّيحُ ، فَسَأَلَتْهُ سُلَيْمَانَ فَوَهَبَهُ لَهَا ، وَكَانَ لا يَصْبِرُ عَنْهَا ، وَكَانَ يَرْفُقُ بِهَا وَيَتَوَدَّدُهَا رَجَاءَ أَنْ تُسْلِمَ ، فَظَلَّ مَعَهَا ذَاتَ يَوْمٍ ، فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ ، وَثَبَتْ عَلَيْهِ فَاعْتَنَقَتْهُ ، وَقَالَتْ لَهُ : أَسْأَلُكَ بِحَيَاتِي وَبِحُبِّي وَبِحَقِّي إِلا مَا جَزَرْتَ لإِلَهِي . قَالَ سُلَيْمَانُ : إِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لِي ، وَمَا زِيَارَتِي إِيَّاكِ وَأَنْتِ مُعْتَكِفَةٌ عَلَى الشِّرْكِ إِلا رَجَاءَ أَنْ تُسْلِمِي . ثُمَّ قَالَتْ : لَئِنْ لَمْ تَجْزُرْ لأَقْتُلَنَّ نَفْسِي . وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ تَعْلِيمِ أَبِيهَا ، فَلَمَّا سَمِعَ سُلَيْمَانُ قَوْلَهَا خَافَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَخَدَعَهَا ، وَقَالَ : إِنِّي إِنْ أَجْزَرْتُ لِصَنَمِكِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ خَلَعْتُ مُلْكِي ، وَانَخَلَعْتُ مِنْ دِينِي . قَالَتْ : فَإِنِّي قَدْ حَلَفْتُ بِإِلَهِي ، لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لأَقْتُلَنَّ نَفْسِي ، وَأُبْرِزَ يَمِينِي . فَدَعَى سُلَيْمَانُ بِجَرَادَةٍ وَسِكِّينٍ ، فَذَبَحَهَا ، فَسَاعَةَ قَطَعَ رَأْسَهَا أَنْكَرَ نَفْسَهُ ، وَأَنْكَرَتْهُ هِيَ ، وَانْقَشَعَتْ عَنْهُ هَيْبَةُ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ، فَوَجَدَ خَدَمًا لَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ قُعُودًا عَلَى مِنْبَرِهِ ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لا يُرَامُ ، وَوَجَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ أَشْبَهَ النَّاسِ صُورَةً بِهِ . فَيُقَالُ : أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ سورة ص آية 34 . قَالَ : ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ خَادِمٌ مِنَ الْجِنِّ فَاسْتَلَّ خَاتَمَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ وَأَبَقَ بِهِ ، وَكَانَتِ الْجِنُّ قَبْلَ ذَلِكَ لا يَرْمُونَهُ ، فَلَمَّا أَخَذَ الْجِنِّيُّ الْخَاتَمَ وَكَانَ عِفْرِيتًا مَارِدًا ، رَأَى فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : مَا أَخَذْتُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ ، وَلا وَصَلْتُ إِلَيْهِ إِلا بِذَنْبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا آمَنُ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مُلْكَهُ ، فَلأَطْرَحَنَّ هَذَا الْخَاتَمَ طَرْحًا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَبَدًا . ثُمَّ انْطَلَقَ سَرِيعًا بِالْخَاتَمِ فَأَلْقَاهُ فِي اللُّجَّةِ الْخَضْرَاءِ ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ : لِمَ ذَبَحْتَ الْجَرَادَةَ الَّتِي قَرَّبْتَهَا ؟ أَلِي ، أَمْ لامْرَأَتِكَ ؟ فَلَئِنْ كُنْتَ ذَبَحْتَهَا لِي فَقَدْ صَغُرَتْ ، وَأَمْرِي مَا سَبَقَكَ إِلَى ذَلِكَ أَحَدٌ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لا يُذْبَحُ إِلا ذَاتُ رُغَاءٍ أَوْ خُوَارٍ أَوْ ثُغَاءٍ ، فَإِنْ كُنْتَ ذَبَحْتَهَا لِصَنَمِ امْرَأَتِكَ فَلا قَلِيلَ مِنَ الْعِزَّةِ بِي ، أَمَا كَفَاكَ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَهَا وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَلَمْ أُعَاتِبْكَ فِيهَا . فَلَمَّا فَرَغَ إِلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ شَذَّ مِنْ أَهْلِهِ مَرْعُوبًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، يُغَيِّرُ كَمَا تُغَيِّرُ الدَّابَّةَ ، يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ ، وَيُعَدِّدُ عَلَى خَطِيئَتِهِ ، وَيَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ ، فَلَمَّا أُخْبِرَتِ امْرَأَتُهُ بِالَّذِي أَصَابَهُ فِي سَبَبِهَا أَحْزَنَهَا ذَلِكَ وَأَبْكَاهَا ، فَأَسْلَمَتْ رَجَاءَ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ ، فَلَمَّا مَضَتْ لِسُلَيْمَانَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَغَفَرَ لَهُ ، وَانْصَرَفَ وَقَدْ أَجْهَدَهُ الْجُوعُ ، فَمَرَّ بِسَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ ، وَإِذَا بِحُوتٍ يَضْطَرِبُ ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْحُوتِ فَأَخَذَهُ لِيَأْكُلَهُ ، فَلَمَّا فَرَى بَطْنَهُ وَجَدَ فِيهِ خَاتَمَهُ ، فَازْدَادَ بِذَلِكَ خَوْفًا ، وَعَجَبًا ، وَوَجَلا ، فَلَبِسَ خَاتَمَهُ فَأَعَادَ اللَّهُ مُلْكَهُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.