كَمَا حَدَّثَنَا كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأَنْبَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَيْسَمٍ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ تَلا : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ سورة البقرة آية 282 إِلَى فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ سورة البقرة آية 283 ، قَالَ : " نَسَخَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا " . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ ، وَالْحَكَمِ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ ، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهَا عَلَى النَّدْبِ وَالإِرْشَادِ لَا عَلَى الْحَتْمِ : الشَّعْبِيِّ ، وَيُحْكَى أَنَّ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وأَصْحَابِ الرَّأْي رَحِمَهُمُ اللَّهُ , ُوَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فِي أَنَّهَا أَمْرٌ لازِمٌ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا إِلَى أَجَلٍ أَنْ يَكْتُبَ وَيُشْهِدَ وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ أَجَلٍ أَنْ يُشْهِدَ بِظَاهِرِ الآيَةِ , وَأَنَّهُ فَرْضٌ لَا يَسَعُ تَضْيِيعُهُ لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ بِهِ ، وَأَمْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لازِمٌ لَا يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَالإِرْشَادِ إِلا بِدَلِيلٍ ، وَلا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا نَسْخًا ؛ لأَنَّ مَعْنَى النَّاسِخِ أَنْ يَبْقَى حُكْمُ الْمَنْسُوخِ , وَلَمْ تَأْتِ آيَةٌ فِيهَا لَا تَكْتُبُوا وَلا تُشْهِدُوا فَيَكُونُ هَذَا نَاسِخًا ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ سورة البقرة آية 283 نَاسِخٌ لِلأَوَّلِ ، لأَنَّ هَذَا حُكْمٌ غَيْرَ ذَاكَ وَإِنَّمَا هَذَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يَجِدْ كَاتِبًا أَوْ كِتَابًا , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا سورة البقرة آية 283 أَيْ فَلَمْ يُطَالِبْهُ بِرَهْنٍ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ سورة البقرة آية 283 ، قَالَ : وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا نَاسِخًا لِلأَوَّلِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ سورة النساء آية 43 , الآيَةَ نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ سورة المائدة آية 6 وَلَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى : فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سورة المجادلة آية 4 نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سورة النساء آية 92 . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا كَلامٌ بَيِّنٌ ، غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا ، وَأَكْثَرَ النَّاسِ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَمِمَّا يَحْتَجُّونَ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ رَجُلا لَوْ خَاصَمَ رَجُلا إِلَى الْحَاكِمِ , فَقَالَ : بَاعَنِي كَذَا , فَقَالَ : مَا بِعْتُهُ ، وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ ، أَنَّ الْحَاكِمَ يَسْتَحْلِفُهُ ، وَيَحْتَجُّوُنَ أَيْضًا .