أخبرنا أَبُو عَبْد اللَّه بْن اليزيدي , يرفعه إلى عمه , عَن جده أبي مُحَمَّد اليزيدي واسمه يحيى المبارك ، قَالَ : كنا فِي مجلس أبي عمرو العلاء , فجاءه عيسى بْن عمر الثقفي فقال : يا أبا عمرو , ما شيء بلغني أنك تجيزه ؟ قَالَ : وما هو ؟ قَالَ : بلغني أنك تجيز : ليس الطيب إلا المسك , بالرفع ، فقال له أَبُو عمرو : هيهات , نمت وأدلج الناس ! ليس فِي الأرض حجازي إلا وهو ينصب , ولا فِي الأرض تميمي إلا وهو يرفع ، ثم قَالَ لي أَبُو عمرو : تعال أنت يا يحيى ، وقال لخلف الأحمر : تعال أنت يا خلف ، امضيا إلى أبي مهدية فلقناه الرفع , فإنه يأبى ، وامضيا إلى المنتجع بْن نبهان التميمي , فلقناه النصب فإنه يأبى ، قَالَ أَبُو مُحَمَّد : فمضينا إلى أبي مهدية فوجدناه قائما يصلي , فلما قضى صلاته أقبل علينا فقال : ما خطبكما ؟ فقلت : جئناك لنسألك عَن شيء من كلام العرب ، قَالَ : هاتياه ، فقلنا : كيف تقول ليس الطيب إلا المسك ؟ فقال : أتأمراني بالكذب على كبر سني , فأين الزعفران , وأين الجادي , وأين بنة الأبل الصادرة ؟ فقال له خلف : ليس الشراب إلا العسل ، قَالَ : فما تصنع سودان هجر , ما لهم غير هذا التمر ، فلما رأيت ذلك قلت له : كيف تقول : ليس ملاك الأمر إلا طاعة اللَّه والعمل بها ؟ فقال : هذا كلام لا دخل فيه , ليس ملاك الأمر إلا طاعة اللَّه والعمل بها , فنصب فلقناه الرفع فأبى , فكتبنا ما سمعناه منه . ثم جئنا إلى المنتجع فقلنا له : كيف تقول : ليس الطيب إلا المسك ؟ ونصبنا فقال : ليس الطيب إلا المسك , فرفع , وجهدنا به أن ينصب , فلم ينصب . فرجعنا إلى أبي عمرو ، وعنده عيسى بْن عمر لم يبرح بعد , فأخبرناه بما سمعنا , فأخرج عيسى خاتمه من يده , فدفعه إلى أبي عمرو , وقال : بهذا سدت الناس يا أبا عمرو .