أخبرني بعض أصحابنا ، قَالَ : حضرت مجلس أبي بكر بْن دريد وقد سأله بعض الناس عَن معني قول الشاعر : هجرتك لا قلى مني ولكن رأيت بقاء ودك فِي الصدود كهجر الحائمات الورد لما رأت أن النية فِي الورود تفيض نفوسها ظمأ وتخشي حماما فهي تنظر من بعيد قَالَ : الحائم : الذي يدور حول الماء ولا يصل إليه ، يقال : حام يحوم حياما . معني الشعر أن الأيائل , تأكل الأفاعي فِي الصيف , فتحمي وتلهب لحرارتها , فتطلب الماء , فإذا وقعت عليه امتنعت من شربه وحامت حوله تتنسمه ، لأنها إن شربته فِي تلك الحال وصادف الماء السم الذي فِي أجوافها تلفت , فلا تزال تدافع شرب الماء حتى يطول الزمان , فيسكن فوران السم , ثم تشربه فلا يضرها . فيقول هذا الشاعر : فأنا فِي تركي وصالك مع شدة حاجتي إليه إبقاء على ودك , بمنزلة هذه الحائمات التي تدع شرب الماء مع شدة حاجتها إليه ، إبقاء على حياتها .
الأسم | الشهرة | الرتبة |