باب الخلاف في ذلك


تفسير

رقم الحديث : 18

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَزِيدَ فِي صَلاةِ الْحَضَرِ ، وَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ " . قَالَ الزُّهْرِيُّ : قُلْتُ : فَمَا شَأْنُ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلاةَ ؟ قَالَ : إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ ؟ قُلْتُ : أَقُولُ : إِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ مَا أَرَدْتَ بِالدِّلالَةِ عَنْهَا ، قَالَ : وَمَا مَعْنَاهُ ؟ قُلْتُ : إِنَّ صَلاةَ الْمُسَافِرِ أُقِرَّتْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إِنْ شَاءَ ، قَالَ : وَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَهَا ؟ قُلْتُ : إِنَّهَا أَتَمَّتْ فِي السَّفَرِ ، قَالَ : فَمَا قَوْلُ عُرْوَةَ : إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ ؟ قُلْتُ : لا أَدْرِي أَتَأَوَّلَتْ أَنَّ لَهَا أَنْ تُتِمَّ وَتَقْصُرَ ، فَاخْتَارَتِ الإِتْمَامَ ، وَكَذَلِكَ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ وَمَا رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ وَقَالَتْ بِمِثْلِهِ أَوْلَى بِهَا مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ أَنَّهَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ ، لَوْ كَانَ عُرْوَةُ ذَهَبَ إِلَى غَيْرِ هَذَا ، وَمَا أَعْرِفُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَلَعَلَّهُ حَكَاهُ عَنْهَا ، قُلْتُ : فَمَا عَلِمْتُهُ حَكَاهُ عَنْهَا ، وَإِنْ حَكَاهُ فَقَدْ يُقَالُ : تَأَوَّلَ عُثْمَانُ أَنْ لا يَقْصُرَ إِلا خَائِفٌ ، وَمَا نَقِفُ عَلَى مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ خَبَرًا صَحِيحًا ، قَالَ : فَلَعَلَّهَا تَأَوَّلَتْ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ ، قُلْتُ : لَمْ تَزَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ أُمًّا وَهِيَ تَقْصُرُ ، ثُمَّ أَتَمَّتْ بَعْدُ ، وَحَالُهَا فِي أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ الْقَصْرِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ ، وَقَدْ قَصَرَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَتَمَّتْ ، قَالَ : أَمَّا أَنْ لَيْسَتْ لِي عَلَيْكَ مَسْأَلَةٌ بِأَنَّ أَصْلَ مَا أَذْهَبُ إِلَيْهِ وَتَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنْ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حُجَّةٌ ، وَأَنَّكَ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّ فَرْضَ الْقُرْآنِ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ لا حَتْمٌ ، وَكَذَلِكَ رِوَايَتُكَ فِي السُّنَّةِ ، قُلْتُ : مَا خَفِيَ عَلَيَّ ذَلِكَ ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ أَنِّي لَمْ أَرَكَ سَلَكْتَ طَرِيقًا فِي صَلاةِ السَّفَرِ إِلا أَخْطَأْتَ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ ، فَتَكُونُ أَوْهَنَ لِجَمِيعِ قَوْلِكَ ، قَالَ : فَقَدْ عَابَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى عُثْمَانَ إِتْمَامَهُ بِمِنًى ، قُلْتُ : وَقَامَ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي مَنْزِلِهِ فَأَتَمَّ ، فَقِيلَ لَهُ : عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ الإِتْمَامَ ، وَأَتْمَمْتَ ؟ قَالَ : الْخِلافُ شَرٌّ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَذَا مِمَّا وَصَفْتَ مِنَ احْتِجَاجِكَ بِمَا عَلَيْكَ ، قَالَ : وَمَا فِي هَذَا مِمَّا عَلَيَّ ؟ قُلْتُ : أَتَرَى أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُتِمُّ وَهُوَ يَرَى الإِتْمَامَ لَيْسَ لَهُ ؟ قَالَ : مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَتَمَّ إِلا وَالإِتْمَامُ عِنْدَهُ لَهُ وَإِنِ اخْتَارَ الْقَصْرَ ، وَلَكِنْ مَا مَعْنَى عَيْبِ ابْنِ مَسْعُودٍ الإِتْمَامَ ؟ قُلْتُ لَهُ : مَنْ عَابَ الإِتْمَامَ عَلَى أَنَّ الْمُتِمَّ رَغِبَ عَنِ الرُّخْصَةِ ، فَهُوَ مَوْضِعٌ يَجُوزُ لَهُ بِهِ الْقَوْلُ ، كَمَا نَقُولُ فِيمَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ رَغْبَةً عَنِ الرُّخْصَةِ ، وَلا نَقُولُ ذَلِكَ فِيمَنْ تَرَكَهُ غَيْرَ رَغْبَةٍ عَنْهَا ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ عَابَ الإِتْمَامَ ، وَأَتَمَّهَا عُثْمَانُ وَصَلَّى مَعَهُ ، قُلْتُ : فَهَذَا مِثْلُ مَا رَوَيْتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَنَّ صَلاتَهُمْ لا تَفْسُدُ ، أَفَتَرَى أَنَّهُمْ فِي صَلاتِهِمْ مَعَ عُثْمَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا لا يَجْلِسُونَ فِي مَثْنَى ؟ قَالَ : مَا يَجُوزُ هَذَا عَلَيْهِمْ ، قُلْتُ : أَفَتَفْسُدُ صَلاتُهُ وَصَلاتُهُمْ بِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا ، وَإِنَّمَا فَرْضُهُ زَعَمْتَ رَكْعَتَانِ ، أَوْ تُرَاهُمْ إِذَا ائْتَمُّوا بِهِ فِي الإِتْمَامِ لَوْ سَهَا فَقَامَ يُخَالِفُونَهُ فَيَجْلِسُونَ فِي مَثْنَى وَيُسَلِّمُونَ ؟ قَالَ : مَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَقُولَ هَذَا ، قُلْتُ : قَدْ قُلْتَهُ أَوَّلا ، ثُمَّ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَلْزَمُكَ فِيهِ هَذَا فَأَمْسَكْتَ عَنْهُ ، وَقَدِ اجْتَرَأْتَ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلا وَهُوَ خِلافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَخِلافُهُمَا أَضْيَقُ عَلَيْكَ مِنْ خِلافِ مَنِ امْتَنَعْتَ مِنْ أَنْ تُعْطِيَ خِلافَهُ ، قَالَ : فَتَقُولُ مَاذَا ، قُلْتَ : مَا وَصَفْتَ مِنْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ بِالإِتْمَامِ بِأَصْلِ الْفَرْضِ ، وَمُصِيبُونَ بِالْقَصْرِ بِقَبُولِ الرُّخْصَةِ كَمَا أَقُولُ فِي كُلِّ رُخْصَةٍ ، وَأَنْ لا مَوْضِعَ لِعَيْبِ الإِتْمَامِ إِلا أَنْ يُتِمَّ رَجُلٌ يَرْغَبُ ، عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

عُرْوَةَ

ثقة فقيه مشهور

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

سُفْيَانُ

ثقة حافظ حجة

Whoops, looks like something went wrong.