باب المجمل والمفسر


تفسير

رقم الحديث : 62

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ حَاطِبٍ ، حَدَّثَهُ قَالَ : " تُوُفِّيَ حَاطِبٌ فَأَعْتَقَ مَنْ صَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ وَصَامَ ، وَكَانَتْ لَهُ أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ ، وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَمْ تَفْقَهْ ، فَلَمْ تَرُعْهُ إِلا بِحَمْلِهَا ، وَكَانَتْ ثَيِّبًا ، فَذَهَبَ إِلَى عُمَرَ فَحَدَّثَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لأَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي لا يَأْتِي بِخَيْرٍ ، فَأَفْزَعَهُ ذَلِكَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُمَرُ ، فَقَالَ : أَحَبِلْتِ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، مَنْ مَرَّ عَرَّسَ بِدِرْهَمَيْنِ ، فَإِذَا هِيَ تُسَهِّلُ بِذَلِكَ وَلا تَكْتُمُهُ ، قَالَ : وَصَادَفَ عَلِيًّا ، وَعُثْمَانَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، فَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ ، قَالَ : وَكَانَ عُثْمَانُ جَالِسًا فَاضْطَجَعَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ : قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَدُّ ، فَقَالَ : أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ ، فَقَالَ : قَدْ أَشَارَ عَلَيْكَ أَخَوَاكَ ، فَقَالَ : أَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ ، قَالَ : أُرَاهَا تُسَهِّلُ بِهِ ، كَأَنَّهَا لا تَعْلَمُهُ ، وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : صَدَقْتَ صَدَقْتَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْحَدُّ إِلا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ ، فَجَلَدَهَا عُمَرُ مِائَةً ، وَغَرَّبَهَا عَامًا " . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَخَالَفَ عَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَلَمْ يَحُدَّهَا حَدَّهَا عِنْدَهُمَا ، وَهُوَ الرَّجْمُ ، وَخَالَفَ عُثْمَانَ أَنْ لا يَحُدَّهَا بِحَالٍ ، وَجَلَدَهَا مِائَةً وَغَرَّبَهَا عَامًا ، فَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِنْ خِلافِهِ بَعْدَ حَدِّهِ إِيَّاهَا حَرْفٌ ، وَلَمْ يُعْلَمْ خِلافَهُمْ لَهُ إِلا بِقَوْلِهِمُ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ فِعْلِهِ ، قَالَ : وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ مَا لا يَنْبَغِي لَهُ إِذْ قِيلَ : حَدَّ عُمَرُ مَوْلاةَ حَاطِبٍ كَذَا ، لَمْ يَكُنْ لِيَجْلِدَهَا إِلا بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ جَهَالَةً بِالْعِلْمِ ، وَجُرْأَةً عَلَى قَوْلِ مَا لا يَعْلَمُ ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى أَنْ يَقُولَ : إِنَّ قَوْلَ رَجُلٍ أَوْ عَمَلَهُ فِي خَاصٍّ مِنَ الأَحْكَامِ ، مَا لَمْ يُحْكَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ ، قَالَ عِنْدَنَا مَا لَمْ يَعْلَمْ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَضَى عُمَرُ أَنْ لا تُبَاعَ أُمَّهَاتُ الأَوْلادِ ، وَخَالَفَهُ عَلِيٌّ وَغَيْرُهُ . وَقَضَى عُمَرُ فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَجَعَلَ الضِّرْسَ سِنًّا فِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ . وَقَالَ عُمَرُ ، وَعَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ ، وَغَيْرُهُ : لِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْعَةُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ ، فَقَالَ : إِذَا طَعَنَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدِ انْقَطَعَتْ رَجْعَتُهُ عَنْهَا ، مَعَ أَشْيَاءَ أَكْثَرَ مِمَّا وَصَفْتُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَائِلَ السَّلَفِ يَقُولُ بِرَأْيِهِ ، وَيُخَالِفُهُ غَيْرُهُ وَيَقُولُ بِرَأْيِهِ ، وَلا يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ فِيمَا قَالَ بِهِ شَيْءٌ ، فَلا يُنْسَبُ الَّذِي لَمْ يُرْوَ عَنْهُ شَيْءٌ إِلَى خِلافِهِ ، وَلا مُوَافَقَتِهِ لأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُلْ لَمْ يُعْلَمْ قَوْلُهُ ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى مُوَافَقَتِهِ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى خِلافِهِ ، وَلَكِنَّ كُلا كَذَبَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ قَوْلا وَلا الصِّدْقَ فِيهِ ، إِلا أَنْ يُقَالَ مَا يُعْرَفُ ، إِذَا لَمْ يَقُلْ قَوْلا ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لا يَرَى قَوْلَ بَعْضٍ حُجَّةً تَلْزَمُهُ ، إِذْ رَأَى خِلافَهَا ، وَأَنَّهُمْ لا يَرَوْنَ اللازِمَ إِلا الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا قَطُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ خَاصُّ الأَحْكَامِ كُلِّهَا إِجْمَاعًا كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجُمَلِ الْفَرَائِضِ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا وَجَدُوا كِتَابًا أَوْ سُنَّةً اتَّبَعُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَإِذَا تَأَوَّلُوا مَا يُحْتَمَلُ فَقَدْ يَخْتَلِفُونَ ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالُوا فِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا فِيهِ سُنَّةً اخْتَلَفُوا . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَكَفَى حُجَّةً عَلَى أَنَّ دَعْوَى الإِجْمَاعِ فِي كُلِّ الأَحْكَامِ لَيْسَ كُلَّمَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى مَا وَصَفْتُ مِنْ هَذَا وَنَظَائِرَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الإِجْمَاعَ فِيمَا سِوَى جُمَلِ الْفَرَائِضِ الَّتِي كَلَّفَهَا الْعَامَّةُ ، أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلا التَّابِعِينَ ، وَلا الْقَرْنُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَلا الْقَرْنُ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، وَلا عَالِمٌ عَلِمْتُهُ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ ، وَلا أَحَدٌ نَسَبَتْهُ الْعَامَّةُ إِلَى عِلْمٍ إِلا حِينًا مِنَ الزَّمَانِ ، فَإِنَّ قَائِلا ، قَالَ فِيهِ بِمَعْنًى لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَرَفَهُ ، وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ عَدَدٍ مِنْهُمْ إِبْطَالَهُ ، وَمَتَى كَانَتْ عَامَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دَهْرٍ بِالْبُلْدَانِ عَلَى شَيْءٍ وَعَامَّةُ قَبْلِهِمْ ، قِيلَ : يُحْفَظُ عَنْ فُلانٍ وَفُلانٍ كَذَا ، وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا وَنَأْخُذُ بِهِ ، وَلا نَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ لأَنَّا لا نَعْرِفُ مَنْ قَالَهُ مِنَ النَّاسِ إِلا مَا سَمِعْنَاهُ مِنْهُ أَوْ عَنْهُ ، قَالَ : وَمَا وَصَفْتُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ نَصًّا وَاسْتِدْلالا . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْعِلْمُ مِنْ وَجْهَيْنِ : اتِّبَاعٍ ، وَاسْتِنْبَاطٍ ، وَالإِتِّبَاعُ اتِّبَاعُ كِتَابٍ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسُنَّةٌ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَقَوْلُ عَامَّةِ مَنْ سَلَفَنَا ، لا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ سَلَفِنَا ، لا مُخَالِفَ لَهُ ، وَلا يَجُوزُ الْقَوْلُ إِلا بِالْقِيَاسِ ، وَإِذَا قَاسَ مَنْ لَهُ الْقِيَاسُ فَاخْتَلَفُوا ، وَسِعَ كُلا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ ، وَلَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِخِلافِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
يَحْيَى بْنَ حَاطِبٍ

ثقة

أَبِيهِ

ثقة فقيه مشهور

هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

ثقة إمام في الحديث

ابْنِ جُرَيْجٍ

ثقة

مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ

صدوق كثير الأوهام

Whoops, looks like something went wrong.