أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ : قَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيُّ : " عَلامَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمَجُوسِ وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسْتَوْرِدُ فَأَخَذَ بِلَبَبِهِ ، فَقَالَ : يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، تَطْعَنُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، يَعْنِي عَلِيًّا ، وَقَدْ أَخَذُوا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ ؟ ! فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْقَصْرِ ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ عَلَيْهِمَا ، فَقَالَ : الْبَدَا ، فَجَلَسْنَا فِي ظِلِّ الْقَصْرِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ ، كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يَعْلَمُونَهُ ، وَكِتَابٌ يَدْرُسُونَهُ ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ ، فَلَمَّا صَحَا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ ، فَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ فَقَالَ : تَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ ، قَدْ كَانَ آدَمُ يُنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ ، فَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ ، مَا يَرْغَبُ بِكُمْ ، عَنْ دِينِهِ ؟ ! فَاتَّبَعُوهُ وَقَاتَلُوا الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أَسْرَى عَلَى كِتَابِهِمْ ، فَرُفِعَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ ، وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ " . قَالَ : فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى مَا وَصَفْتَ غَيْرَ مَا ذَكَرْتَ مِنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، أَرَأَيْتَ إِذْ أَمَرَ اللَّهُ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ، أَمَا فِي ذَلِكَ دَلالَةٌ عَلَى أَلا تُؤْخَذَ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْتُوا الْكِتَابَ ؟ فَقَالَ : بَلَى ، لأَنَّهُ إِذَا قِيلَ : خُذْ مِنْ صِنْفٍ كَذَا ، فَقَدْ مَنَعَ مِنَ الصِّنْفِ الَّذِي يُخَالِفُهُ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتَ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُقَاتَلَ الْمُشْرِكُونَ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ، وَأَمَرَ إِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَنْ يُقْتَلَ الْمُشْرِكُونَ حَيْثُ وُجِدُوا ، وَيُحْصَرُوا ، وَيُقْعَدَ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ خُلِّيَ سَبِيلُهُمْ ، أَمَا فِي هَذَا دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُ فِي أَمْرِ اللَّهِ أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ أَهْلِ الأَوْثَانِ ، وَأَنَّ الْفَرْضَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرُهُ فِي أَهْلِ الأَوْثَانِ ؟ قَالَ : أَمَّا الْقُرْآنُ فَيَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْتَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقُلْتُ لَهُ : وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ حَدِيثَ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَامٌّ ، بِأَنْ يُدْعَوْا إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ كُلُّ مُشْرِكٍ وَثَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ، قُلْتُ لَهُ : وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ " . عَامُّ الْمَخْرَجِ ، فَإِنْ قَالَ جَاهِلٌ : بَلْ هُوَ عَلَى كُلِّ مُشْرِكٍ ، فَلا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَلا غَيْرِهِ ، وَلا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلا الإِسْلامُ أَوِ الْقَتْلُ ، هَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إِلا كَهِيَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى جُمْلَةِ حَدِيثِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، وَادَّعَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ نَاسِخٌ لَهُ ، قَالَ : مَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ شَيْءٌ ، إِلا كَمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ ، لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا الْحَدِيثَانِ بَابٌ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَفِيمَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ ، فَقَالَ : تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِمَّنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الأَوْثَانِ مَا كَانَ إِلا أَنَّهَا لا تُؤْخَذُ مِنَ الْعَرَبِ خَاصَّةً إِذَا دَانُوا دِينَ أَهْلِ الأَوْثَانِ فَأَمَّا الْعَجَمُ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَإِنْ دَانُوا دِينَ أَهْلِ الأَوْثَانِ ، قَالَ : فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ : وَمِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا ، قَالَ : ذَهَبْتُ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا الْعَرَبُ ، قُلْتُ : أَفَرَأَيْتَ الْعَرَبَ إِذَا دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ ، أَتَأْخُذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَقَدْ تَرَكْتَ أَصْلَ قَوْلِكَ وَزَعَمْتَ أَنَّ الْجِزْيَةَ عَلَى الدِّينِ لا عَلَى النَّسَبِ ، قَالَ : فَلا أَقْدِرُ أَنْ أَقُولَ الْجِزْيَةَ وَتَرْكَ الْجِزْيَةِ وَأَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُسْلِمُوا عَلَى النَّسَبِ ، وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ الْجِزْيَةَ مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَلِمَ ذَهَبْتَ أَوَّلا إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَلَسْتَ تَجِدُ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ ، قَالَ : فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِكَ مَنْ قَالَ : تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ مَنْ دَعَا إِلَيْهَا وَثَنِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ ، أَوْ أَعْجَمِيٌّ أَوْ عَرَبِيٌّ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَحَمِدْتَ قَوْلَ مَنْ قَالَ هَذَا ؟ قَالَ : لا ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْعَرَبَ فَلَمْ يَأْخُذِ الْجِزْيَةَ إِلا مِنْ عَرَبِيٍّ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَأَقُومُ لِمَنْ خَالَفَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَصْحَابِكَ بِقَوْلِهِ : فَأَقُولُ إِنَّ النَّبِيَّ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ وَرَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ ، وَلا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ ، وَلا تُنْكَحَ نِسَاؤُهُمْ ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ وَتُنَكْحُ نِسَاؤُهُمْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجُوسَ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْتُ لَهُ : قُلْتَ : إِنَّ الْمَجُوسَ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بَاقٍ فِي أَيْدِيهِمْ فَهَلْ مِنْ حُجَّةٍ فِي أَنْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ كَالْعَرَبِ ، قَالَ : لا ، إِلا مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ لا تُنْكَحَ نِسَاؤُهُمْ وَلا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ ، قُلْتُ : فَكَيْفَ أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ : حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ سورة التوبة آية 29 مَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ وَأَنْ يَكُونَ إِحْلالُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِحْلالَ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ سِوَاهُمْ فَيَكُونُونَ مُسْتَوِينَ فِي الْجِزْيَةِ مُخْتَلِفِينَ مِنَ النِّسَاءِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ، فَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الشِّرْكِ وَخَالَفَ بَيْنَهُمْ فِي الْقِتَالِ عَلَى الشِّرْكِ فَقَالَ أَوْ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ : مَا فِي هَذَا مَا أَنْكَرَهُ عَالِمٌ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْتُ لَهُ : لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْمَذْهَبَ أَحَدٌ لَهُ عِلْمٌ بِكِتَابِ اللَّهِ ، أَوِ السُّنَّةِ ، قَالَ : وَمِنْ أَيْنَ ؟ قُلْتُ : السُّنَّةُ لا تَكُونُ أَبَدًا إِلا تَبَعًا لِلْقُرْآَنِ مِثْلَ مَعْنَاهُ وَلا تُخَالِفُهُ فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ نَصًّا فَهِيَ مِثْلُهُ ، وَإِذَا كَانَ جُمْلَةً أَبَانَتْ مَا أُرِيدَ بِالْجُمْلَةِ ثُمَّ لا تَكُونُ إِلا وَالْقُرْآَنُ مُحْتَمِلٌ مَا أَبَانَتِ السُّنَّةُ مِنْهُ ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : فَمَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ خَرَجَ مِنَ الأَمْرَيْنِ مَعًا مِنَ الْكِتَابِ إِلَى غَيْرِ كِتَابٍ وَمِنَ السُّنَّةِ إِلَى غَيْرِ السُّنَّةِ ، وَذَهَبَ فِي الْمَجُوسِ إِلَى أَمْرٍ جَهِلَهُ فَقَالَ فِيهِمْ بِالْجَهَالَةِ ، قَالَ : إِنَّهُ أَشْبَهَ عَلَيْهِمْ فِي أَنْ لا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ ، قُلْتُ : لا ، وَلا ذَبَائِحُ نَصَارَى الْعَرَبِ ، وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ كَمَا وَصَفْتُ بِأَنْ يَجْتَمِعُوا فِي جُمْلَةِ مَنْ أُوتِيَ الْكِتَابَ ، وَالَّذِينَ أُمِرَ بِنِكَاحِ نِسَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ غَيْرِهِمْ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيًّا | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ | نصر بن عاصم الليثي / توفي في :99 | ثقة رمي برأي الخوارج وصح رجوعه عنه |
أَبِي سَعْدٍ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ | سعيد بن المرزبان البقال | ضعيف الحديث |
سُفْيَانُ | سفيان بن عيينة الهلالي | ثقة حافظ حجة |