باب الحجامة للصائم


تفسير

رقم الحديث : 117

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَيَغْتَسِلُ ، وَيَصُومُ يَوْمَهُ " . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَأَخَذْنَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِمَعَانٍ ، مِنْهَا أَنَّهُمَا زَوْجَتَاهُ ، وَزَوْجَتَاهُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ رَجُلٍ إِنَّمَا يَعْرِفُهُ سَمَاعًا أَوْ خَبَرًا ، وَمِنْهَا أَنَّ عَائِشَةَ مُقَدَّمَةٌ فِي الْحِفْظِ ، وَأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَافِظَةٌ ، وَرِوَايَةُ اثْنَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ رِوَايَةِ وَاحِدٍ ، وَمِنْهَا أَنَّ الَّذِيَ رَوَتَا عَنِ النَّبِيِّ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَعْقُولِ ، وَالأَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَمَا يُعْرَفُ مِنْهُ فِي الْمَعْقُولِ ؟ قِيلَ : إِذَا كَانَ الْجِمَاعُ ، وَالطَّعَامُ ، وَالشَّرَابُ مُبَاحًا فِي اللَّيْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ ، وَمَمْنُوعًا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ ، فَكَانَ الْجِمَاعُ قَبْلَ الْفَجْرِ ، أَمَا كَانَ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُبَاحًا ؟ فَإِذَا قِيلَ : بَلَى ، قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ الْغُسْلَ هُوَ الْجِمَاعُ أَمْ هُوَ شَيْءٌ وَجَبَ بِالْجِمَاعِ ؟ فَإِنْ قَالَ : هُوَ شَيْءٌ وَجَبَ بِالْجِمَاعِ ، قِيلَ : وَلَيْسَ فِي فِعْلِهِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الصَّائِمِ فِي لَيْلٍ وَلا نَهَارٍ ، فَإِنْ قَالَ : لا ، قِيلَ : فَبِذَلِكَ زَعَمْنَا أَنَّ الرَّجُلَ يُتِمُّ صَوْمَهُ لأَنَّهُ يَحْتَلِمُ بِالنَّهَارِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ، وَيُتِمُّ صَوْمَهُ لأَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْ فِي نَهَارٍ ، وَأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لا يُوجِبُ إِفْطَارًا ، فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ سُنَّةٌ تُشْبِهُ هَذَا ؟ قِيلَ : نَعَمْ ، الدَّلالَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ ، وَقَدْ كَانَ تَطَيَّبَ حَلالا قَبْلُ ، يُحْرِمُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَوْنُهُ وَرَائِحَتُهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ لأَنَّ نَفْسَ التَّطَيُّبِ كَانَ وَهُوَ مُبَاحٌ ، وَهَذَا فِي أَكْثَرِ مَعْنَى مَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ مِنْ جِمَاعٍ مُتَقَدِّمٍ ، قَبْلُ يَحْرُمُ الْجِمَاعُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَنَّى تَرَى الَّذِي رَوَى خِلافَ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ ؟ قِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ : قَدْ يَسْمَعُ الرَّجُلُ سَائِلا يَسْأَلُ ، عَنْ رَجُلٍ جَامَعَ أَهْلَهُ بِلَيْلٍ ، وَأَقَامَ مجامعًا بَعْدَ الْفَجْرِ شَيْئًا ، فَأُمِرَ بِأَنْ يَقْضِيَ لأَنَّ بَعْضَ الْجِمَاعِ قَدْ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ إِذَا أَمْكَنَ هَذَا عَلَى مُحَدِّثٍ ثِقَةٍ ثَبَتَ حَدِيثُهُ ، وَلَزِمَتْ بِهِ حُجَّةٌ ؟ قِيلَ : كَمَا يَلْزَمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْحَكَمُ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ مَا لَمْ يُخَالِفْهُمَا غَيْرُهُمَا ، وَقَدْ يُمْكِنُ عَلَيْهِمَا الْغَلَطُ وَالْكَذِبُ ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا إِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِرِ ، وَلَوْ شَهِدَ غَيْرُهُمَا بِضِدِّ شَهَادَتِهِمَا ، كَمَا يَسْتَعْمِلُهَا إِذَا انْفَرَدَا ، فَحُكْمُ الْمُحَدِّثُ لا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ كَحُكْمِ الشَّاهِدَيْنِ لا يُخَالِفُهُمَا غَيْرُهُمَا ، وَيَحُولُ حُكْمُهُ إِذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ بِمَا وَصَفْتُ ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الدَّلائِلِ عَلَى الأَحْفَظِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ بِمَا وَصَفْتُ بِمَا لا يُؤْخَذُ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ بِحَالٍ إِنْ كَانَ إِلا قَلِيلا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ

ثقة

سُمَيٌّ

ثقة

سُفْيَانُ

ثقة حافظ حجة