أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ لَهُ فَطَلَّقَهَا ، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ، ارْتَجَعَهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ : وَاللَّهِ لا آوِيكِ إِلَيَّ ، وَلا تَحِلِّينَ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهَ : الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ سورة البقرة آية 229 ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلاقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمَئِذٍ ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ . وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ هَذَا ، فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَلَى أَنَّ الثَّلاثَ وَالْوَاحِدَةَ سَوَاءٌ ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ عَدَدَ الطَّلاقِ عَلَى الزَّوَاجِ ، وَأَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ ، فَسَوَاءٌ الثَّلاثُ وَالْوَاحِدَةُ وَأَكْثَرُ مِنَ الثَّلاثِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بِطَلاقِهِ " . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَحَكَمَ اللَّهُ فِي الطَّلاقِ أَنَّهُ مَرَّتَانِ ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ، وَقَوْلُهُ : فَإِنْ طَلَّقَهَا يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ الثَّلاثَ ، فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، فَدَلَّ حُكْمُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَرَّمُ بَعْدَ الطَّلاقِ ثَلاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَجَعَلَ حُكْمَهُ بِأَنَّ الطَّلاقَ إِلَى الأَزْوَاجِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا حَدَثَ تَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ بِطَلاقِ ثَلاثٍ ، وَجَعَلَ الطَّلاقَ إِلَى زَوْجِهَا ، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، كَمَا كَانُوا مُمَلَّكِينَ عِتْقَ رَقِيقِهِمْ ، فَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا أَوْ مِائَةً فِي كَلِمَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لَهَا جَمَعَ الْكَلامَ فِيهِ أَوْ فَرَّقَهُ ، مِثْلُ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ لَهُ : أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ، وَوَاللَّهِ لا أَقْرَبُكُنَّ ، وَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَقَوْلِهِ لِفُلانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، وَلِفُلانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، وَلِفُلانٍ : عَلَيَّ كَذَا ، فَلا يَسْقُطُ عَنْهُ بِجَمْعِ الْكَلامِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي ، جَمِيعُهُ كَلامٌ ، فَيَلْزَمُهُ بِجَمْعِ الْكَلامِ مَا يَلْزَمُهُ بِتَفْرِيقِهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ مِنْ سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى هَذَا ؟ قِيلَ : نَعَمْ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِيهِ | عروة بن الزبير الأسدي / توفي في :94 | ثقة فقيه مشهور |
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ | هشام بن عروة الأسدي / ولد في :58 / توفي في :145 | ثقة إمام في الحديث |
مَالِكٌ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |