قَالَ : حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ ، قَالَ . ح أَبُو عِيسَى ، قَالَ . ح أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، قَالُوا . ح أَبُو مُسْهِرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ قُرَّةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الأَجَلُّ الْعَارِفُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ : " تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ " مِنْ أَوْصَافِ النَّاسِ ، وَأَقْوَالِهِمْ ، فَلا يَكَادُ يَذْكُرُهُمْ ، وَلا يَنْظُرُ إِلَى عُيُوبِهِمْ ، وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ فِي أَخْلاقِهِمْ ، لأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُهُمْ بِصِدْقِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ ، وَصِحَّةِ أَعْمَالِهِمْ ، وَيُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ ، وَيُشْفِقُ عَلَيْهِمْ ، وَيَنْصَحُ لَهُمْ ، وَيَقْبَلُ مِنْهُمْ ظَوَاهِرَهُمْ ، وَيُوَكِّلُ سَرَايِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَعْنِيهِ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ ، وَيَدِهِ ، فَهُوَ الْمُسْلِمُ ، وَالإِسْلامُ لَهُ صِفَةٌ ، وَالْحُسْنُ لإِسْلامِهِ صِفَةٌ ، فَهُوَ لَمَّا حَسُنَ إِسْلامُهُ فِي إِسْلامِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى اللَّهِ تَرَكَ مَا لا يَعْنِيهِ مِنَ الْبَحْثِ عَنْ سَرَائِرِهِمْ ، وَمُطَالَبَةِ الصِّدْقِ إِذَا صَلُحَتْ ظَوَاهِرُهُمْ ، وَالأَعْرَاضِ عَنْ مُخْتَلَفِ أَحْوَالِهِمْ إِلا فِيمَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ فِي رِقَّةٍ بِهِمْ ، وَشَفَقَةٍ عَلَيْهِمْ ، وَإِرَادَةِ الصَّلاحِ لَهُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ حُسْنَ تَسْلِيمِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ سورة التوبة آية 111 الآيَةَ ، فَقَدِ اشْتَرَى اللَّهُ مِنْهُمْ نُفُوسَهُمْ ، فَعَلَيْهِمْ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ ، وَقَدْ بَاعَ الْبَايِعُ الشَّيْءَ ، وَيَلْتَوِي فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ ، حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِحَقِّ الْبَايِعِ ، فَأَمَّا مَنْ حَسُنَ تَسْلِيمُهُ سَلَّمَ الْمَبِيعَ أَوْفَرَ مَا كَانَ ، وَأَتَمَّهُ فِي سَعَةٍ مِنْ صَدْرِهِ ، وَطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ ، خَاصَّةً إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنَ الثَّمَنِ أَضْعَافَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ ، فَمَتَى حَسُنَ إِسْلامُ الْمَرْءِ حَسُنَ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , غَيْرَ مُلْتَوٍ وَلا مُتَرَبِّصٍ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِخَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ { 131 } وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ سورة البقرة آية 132 - 132 ، وَمِنْ حُسْنِ تَسْلِيمِهِ أَنْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحْكَامِهِ عَلَيْهِ ، وَقَضَايَاهُ فِيمَا شَاءَ ، وَسَرَيَانُ الاعْتِرَاضِ مِنْهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَسَخُّطِ قَضَائِهِ ، وَالتَّأَتِّي لِمَعْقُولِ أَحْكَامِهِ هُوَ الَّذِي لا يَعْنِيهِ ، لأَنَّ الْمُشْتَرِي إِذَا أَحْدَثَ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ هَدْمِ بِنَاءٍ فِيهِ ، أَوْ تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْهُ ، أَوْ نَقْصٍ فِيهِ ، أَوْ إِبْرَامٍ ، فَاعْتَرَضَ الْبَايِعُ فِيهِ مِمَّا لا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلِهِ لِمَ فَعَلْتَ ، وَأَلا صَنَعْتَ كَذَا ، وَلَوْ فَعَلْتَ كَذَا ، وَلَيْتَكَ صَنَعْتَ كُلَّ ذَلِكَ مِمَّا لا يَعْنِيهِ , فَحَصُلَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ " ، عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ الرِّضَا بِأَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالتَّلَقِّي بِالْبِشْرِ ، وَالسُّرُورِ ، ثُمَّ الْقَضَاءُ ، وَالصَّبْرُ تَحْتَ أَثْقَالِ مَا يَكْرَهُهُ ، وَالاسْتِسْلامُ ، وَالانْقِيَادُ بِذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ لِلْمَلِكِ الْقَهَّارِ ، فِيمَا يُجْرِيهِ مِنْ أَحْكَامِهِ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنْ أَرْضِهِ ، وَسَمَائِهِ ، وَفِي نَفْسِ الْعَبْدِ مِمَّا يَؤْلِمُهُ وَيَلَذُّهُ ، أَوْ يَسُرُّهُ ، وَيُحْزِنُهُ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : وَايْمُ اللَّهِ مَا هُوَ إِلا الْفَنَاءُ ، وَالْفَقْرُ ، وَمَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُلِيتُ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : ابْتُدِيتُ , فَهَذَا مِنْ حُسْنِ الإِسْلامِ أَنْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ ، وَلا يَخْتَارَ تَسْلِيمًا لِنَفْسِهِ إِلَيْهِ ، وَتَفْوِيضًا لأَمْرِهِ إِلَيْهِ ، كَمَا نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فِيمَا حَدِيثٌ آخَرُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
أَبِي سَلَمَةَ | أبو سلمة بن عبد الرحمن الزهري / ولد في :22 / توفي في :94 | ثقة إمام مكثر |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
قُرَّةَ | قرة بن عبد الرحمن المعافري / توفي في :147 | مقبول |
الأَوْزَاعِيِّ | عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي / ولد في :87 / توفي في :157 | ثقة مأمون |
إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ | إسماعيل بن سماعة القرشي | ثقة |
أَبُو مُسْهِرٍ | عبد الأعلى بن مسهر الغساني / ولد في :140 / توفي في :218 | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ | أحمد بن نصر القرشي | ثقة فقيه حافظ |
أَبُو عِيسَى | محمد بن عيسى الترمذي / توفي في :279 | أحد الأئمة ثقة حافظ |
نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ | نصر بن الفتح الإشتيخني | مقبول |