حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُرُوكِيُّ ، قَالَ . ح يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي حَيْرَانَ ، قَالَ . ح الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَسَحَّرُوا ، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً وَقُوَّةً " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الأَمْرِ أَنَّ الصَّائِمَ إِذْ نَامَ حُرِّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ ، ثُمَّ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الأَكْلَ وَالشُّرْبَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ سورة البقرة آية 187 ، فَإِبَاحَةُ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي لَيْلَةِ الصِّيَامِ بَعْدَ النَّوْمِ وَهُوَ السَّحُورُ زِيَادَةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ الإِفْطَارِ ، وَهُوَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ سورة البقرة آية 187 . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى بِرُخَصِهِ ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى بِعَزَائِمِهِ " فَيَكُونُ مَعْنَى التَّرْغِيبِ فِي السَّحُورِ تَرْغِيبًا فِي قَبُولِ الرُّخْصَةِ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ إِتْيَانَهَا . وَمَعْنَى الْبَرَكَةِ الزِّيَادَةُ عَلَى الإِبَاحَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ لأَنَّ الْعُمُرَ الْحَيَاةُ ، فِيهَا نَوْمٌ إِلَى الأَجَلِ الْمُؤَقَّتِ الَّذِي إِذَا جَاءَ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ فِيهَا نَوْمٌ وَيَقَظَةٌ ، وَالنَّوْمُ مَوْتٌ وَالْيَقَظَةُ حَيَاةٌ ، قَالَ تَعَالَى : وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ سورة الأنعام آية 60 ، وَقَالَ تَعَالَى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا سورة الزمر آية 42 ، فَسَمَّى الْوَفَاةَ الَّتِي هِيَ النَّوْمُ مَوْتًا ، وَالْيَقَظَةَ حَيَاةً وَنُشُورًا بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ سورة الأنعام آية 60 ، وَفِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ مَعْنَيَانِ : اكْتِسَابُ الطَّاعَةِ لِلْمُعَاوِدِ ، وَاقْتِنَاءُ الْمَرَافِقِ لِلْمَعَاشِ ، وَمِنَ الْمَرَافِقِ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ ، قَالَ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ سورة المؤمنون آية 51 وَفِي السَّحُورِ يَقَظَةٌ ، وَهِيَ الْحَيَاةُ ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْحَيَاةِ وَأَكْلٌ وَشُرْبٌ ، وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي مَرَافِقِ الْحَيَاةِ ، وَفِيهِ فِي زِيَادَةِ اكْتِسَابِ الطَّاعَةِ ، لأَنَّ مِنْ أَرَادَ السَّحُورَ رُبَّمَا تَطَهَّرَ وَصَلَّى ، فَإِنْ قَصَّرَ سَمَّى اللَّهَ وَدَعَا ، وَإِنْ غَفَلَ عَنِ الذِّكْرِ وَكَسَلَ عَنِ الصَّلاةِ ، فَإِنَّ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ لِنِيَّةِ الصِّيَامِ طَاعَةٌ ، فَفِيهِ زِيَادَةُ الْحَيَاةِ ، وَزِيَادَةُ الرِّفْقِ ، وَزِيَادَةُ الطَّاعَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْعُمُرُ ، فَفِي السَّحُورِ الرِّفْقُ فِي الْعُمُرِ ، وَيَكُونُ فِي السَّحُورِ زِيَادَةُ وَقْتِ السَّحُورِ عَلَى الأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا ، وَهِيَ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ أَوْقَاتِ الزَّمَانِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَيُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ ، وَيُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ ، وَفِي وَقْتِ السَّحُورِ كَذَلِكَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : بِالأَسْحَارِ سورة آل عمران آية 17 ، وَقَالَ : وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ سورة الذاريات آية 18 وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا كَانَ الثُّلُثُ الأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ " وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ : " الثُّلُثُ الأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ " ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنَ الْفِطْرَةِ تَأْخِيرُ السَّحُورِ " أَرَادَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فِي الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ لِيَكُونَ فِيهِ دَعْوَةٌ وَاسْتِغْفَارٌ فَيُجَابَ ، وَسُؤَالُ حَاجَةٍ فَتُقْضَى ، فَوَقْتُ السَّحُورِ زِيَادَةٌ عَلَى الأَوْقَاتِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا الَّتِي هِيَ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، إِذًا فَالسُّحُورُ زِيَادَةٌ فِي الْقُوَّةِ ، وَزِيَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَزِيَادَةٌ فِي الرُّخَصِ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ إِتْيَانَهَا ، وَزِيَادَةٌ فِي الْحَيَاةِ ، وَزِيَادَةٌ فِي الرِّفْقِ فِيهَا ، وَزِيَادَةٌ فِي اكْتِسَابِ الطَّاعَةِ ، وَزِيَادَةٌ عَلَى الأَوْقَاتِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ . وَقَدْ وَرَدَ فِي الحديثْ إِنَّ الرُّخْصَةَ بَرَكَةٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَدَتْ قِلادَةً لَهَا فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ ، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَلَبِهَا ، وَالنَّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، فَقِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : مَا هَذَا بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ ، فَجَعَلَ الرُّخْصَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَرَكَةً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَرَكَةٌ ، لأَنَّهُ لا حِسَابَ فِيهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَرْبَعُ نَفَقَاتٍ لا حِسَابَ لِلْعَبْدِ فِيهِنَّ : نَفَقَةٌ عَلَى عِيَالِهِ ، وَعَلَى وَالِدِهِ ، وَعَلَى إِفْطَارِهِ ، وَعَلَى سَحُورِهِ " ثُمَّ فِي السَّحُورِ فَوَائِدُ ، قِيلَ : فِيهِ حُصُولُ النِّيَّةِ لِلصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَيَزُولُ الاخْتِلافُ فِي جَوَازِ صَوْمِهِ ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لأَهْلِ الْكِتَابِ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحُورِ " ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ : إِنَّ السَّحُورَ وَقْتُ النَّجَاةِ ، قَالَ تَعَالَى : نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ { 34 } نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ سورة القمر آية 34-35 ، كَأَنَّهُ جَعَلَ وَقْتَ السَّحَرِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ نِعْمَةً وَنَجَاةً مِنْ نِعْمَةٍ ، وَالسَّحُورُ يَكُونُ فِي هَذَا الْوَقْتِ ، فَتَيَقُّظُ الْمُتَسَحِّرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِهَلاكِ مَنْ هَلَكَ ، وَنَجَاةِ مَنْ نَجَا . وَقِيلَ فِيهِ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ : " تَسَحَّرُوا ، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً " أَيْ : بَرَكَةُ الْبُكُورِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ | أنس بن مالك الأنصاري | صحابي |
عَبْدِ الْحَكَمِ | عبد الحكم بن عبد الله القسملي | ضعيف الحديث |
الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ | الحارث بن مسلم المقرئ | صدوق حسن الحديث |
يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي حَيْرَانَ | يعقوب بن أبي حيران | مجهول الحال |
أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُرُوكِيُّ | محمد بن أحمد بن مروك | مجهول الحال |