حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عجلان أَبُو بَكْر ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَمَّاد بْن إِسْحَاق ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْحَمِيد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْحَمِيد بْن يَحْيَى ، عَنْ عمّه أَيُّوب بْن إِسْمَاعِيل ، قَالَ : لما استُخْلِف الْوَلِيد كتب إِلَى عامله بالمدينة أن أَشْخِص إليّ عَطَرَّدَ المغني ، قَالَ عَطَرَّد : فدفع إليّ العامل الكتاب فقرأته ، وقلت : سمعًا وطاعة . فدخلت عَلَيْه فِي قصره وَهُوَ قاعدٌ عَلَى شفير بِرْكة ليست بالكبيرة ، يدور فيها الرَّجُل سباحة ، فواللَّهِ ما كلمني كلمة ، حَتَّى قَالَ : أعَطَرَّد ؟ فقلت : لبَّيك يا أمير الْمُؤْمِنِين ، قَالَ : غَنِّي حَيِّ الْحُمُول ، قَالَ عَطَرَّد : فغنيتُ : حي الْحُمُولَ بجانب العَزْلِ إذْ لا يُناسِبُ شَكْلُها شَكْلِي اللَّهُ أنجحُ ما طلبتَ بِهِ والْبِرُّ خيرُ حقيبة الرَّحْلِ إني بحبْلِك واصلٌ حَبْلِي وبِريش نبلك رائشٌ نَبْلِي وشَمَائِلي ما قَدْ علمتَ وَمَا نَبَحَتْ كلابُك طارقًا مِثّلي قَالَ : فواللَّهِ ما تكلم بكلمة حَتَّى شق بُرْدةً صنعانية عَلَيْه ما يدري ما ثمنها نصفين ، فخرج منها كَمَا ولدته أُمّه ، ثُمّ رمى بنفسه فِي البركة فنهل منها حَتَّى تعرفت فيها النقصان ، فأخرج منها ميتًا سُكْرًا ، فضربت يدي إِلَى البردة فأخذتها فواللَّهِ ما قَالَ لي الخادم خذها وَلا دعها ، وانصرفت إِلَى منزلي وأنا أفكِّر فِيهِ وفيما رَأَيْت منه . فَلَمَّا كَانَ من الغد دعاني فِي مثل ذلك الوقت ، وَهُوَ قاعد فِي مثل ذَلِكَ الموضع ، فَقَالَ : عَطَرَّد قُلْتُ : لبيك يا أمير الْمُؤْمِنِين ، قَالَ : غَنِّي ، فغنيته : أيَذْهَبُ عُمْرِي هكذا لَمْ أَنَلْ بِهِ مَجَالِسَ تَشْفي قَرْحَ قَلبي من الوَجْدِ وقالوا : تَدَاوَى إنَّ فِي الطبِّ راحةً فَعزّيتُ نفسي بالدوَّاءِ فلم يُجْدِ فلم يتكلم حَتَّى شق بردة كَانَتْ عَلَيْه مثل البردة والأُمْسِيَّة ، فخرج منه ورمى بنفسه فِي البركة فنهل واللَّه منها حَتَّى تبينتُ النُّقصان ، فأُخْرج ميِّتًا سُكْرًا ، وضممت البردة إليّ فَمَا قِيلَ لي خُذْ وَلا دَعْ ، فانصرفتُ إِلَى منزلي ، فَلَمَّا كَانَ فِي اليوم الثالث دعاني فدخلت إِلَيْهِ وَهُوَ فِي بَهْوٍ قَدْ كُنَّت سُتُوره ، فكلمني من وراء الستر ، فَقَالَ : أعطرد ؟ فقلت : لبيك يا أمير قَالَ : كَأَنَّني بك الآن قَدْ أتيت المدينة فقلت : دعاني أمير الْمُؤْمِنِين ، فدخلت إِلَيْهِ ، ففعل وفعل ، قَالَ : يا ابْن الفاعلة لئن تكلمت بشيء مما كَانَ شَفَتَاكَ ، لأطرحنَّ الَّذِي فِيهِ عيناك ، ويا غُلام ، أعطه خمس مائة ، الحق بالمدينة . قُلْتُ : أفلا يأذن لي أمير الْمُؤْمِنِين ، فَأَقْبَلَ يده وأتزود نظرة إِلَى وجهه ، قَالَ : لا ، قَالَ عَطَرَّد : فخرجت من عنده فَمَا تكلمت بشيء من هَذَا حَتَّى دَخَلَت الهاشميَّة . قوله : وقالوا تداوى . . . خرجه عَلَى الأصل لإقامة الوزن ، وَقَدْ بينا هَذَا فيما مضى بشواهده .
الأسم | الشهرة | الرتبة |