أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ ، قَالَ : ثنا شَبَابَةُ ، قَالَ : ثنا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ غَيْلانُ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ أَرَانِي أُبَلَّغُ عَنْكَ ! وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ ، أَرَانِي أُبَلَّغُ عَنْكَ ؟ أَيَا غَيْلانُ أَحَقًّا مَا أُبَلَّغُ عَنْكَ ؟ ! فَسَكَتَ ، فَقَالَ : هَاتِ فَإِنَّكَ آمِنٌ ، فَإِنْ يَكُ الَّذِي تَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ حَقًّا ، فَأَحَقُّ مِنْ دَعَا إِلَيْهِ النَّاسَ نَحْنُ ، هَاتِ فَسَكَتْ طَوِيلا ، فَقَالَ عُمَرُ : وَيْحَكَ فَإِنَّكَ آمِنٌ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَجَلَسَ ، فَتَكَلَّمَ بِلِسَانٍ ذَلْقٍ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لا يُوصَفُ إِلا بِالْعَدْلِ ، وَلَمْ يُكَلِّفْ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ، وَلا يُكَلِّفُ اللَّهَ نَفْسًا إِلا مَا أَتَاهَا ، وَلَمْ يُكَلِّفِ الْمُسَافِرَ صَلاةَ الْمُقِيمِ ، وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ الْمَرِيضَ عَمَلَ الصَّحِيحِ ، وَلَمْ يُكَلِّفِ الْفَقِيرَ مِثْلَ صَدَقَةِ الْغَنِيِّ ، وَلَمْ يُكَلِّفِ النَّاسَ إِلا مَا جَعَلَ إِلَيْهِ السَّبِيلَ ، وَأَعْطَاهُمُ الْمَشِيئَةَ ، فَقَالَ : فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ سورة الكهف آية 29 ، وَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ سورة فصلت آية 40 ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلامٍ كَثِيرٍ ، قَالَ لَهُ عُمَرُ فِي آخِرِ كَلامِهِ : يَا غَيْلانُ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ : يس { 1 } وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ { 2 } إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ { 3 } عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { 4 } تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ { 5 } لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ { 6 } لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ { 7 } إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ { 8 } وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ { 9 } وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ { 10 } سورة يس آية 1-10 ، أَنْتَ تَزْعُمُ يَا غَيْلانَ ، ذَكَرَ كَلامًا كَثِيرًا سَقَطَ مِنَ الْكِتَابِ ، فَسَكَتَ غَيْلانُ لا يُجِيبُهُ ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ ، وَغَيْلانُ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ مَرَّةً وَإِلَى الأَرْضِ مَرَّةً وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ، فَقَالَ : مَا أَنْ تَتَكَلَّمَ وَقَدْ جَعَلْتُ لَكَ الأَمَانَ ؟ فَقَالَ غَيْلانُ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ادْعُ لِي بِالْمَغْفِرَةِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ صَادِقًا فَوَفِّقْهُ وَسَدِّدْهُ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا ، أَعْطَانِي بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْصَفْتُهَ وَجَعَلْتُ لَهُ الأَمَانَ ، فَسَلِّطْ عَلَيْهِ مِنْ يُمَثِّلُ بِهِ ، قَالَ : فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ بَعْدَ أَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ وَصُلِبَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |