سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ صُهَيْبٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : " لا يُذْنِبُ الْمُؤْمِنُ ذَنْبًا حَتَّى يَكْتَسِبَ مَعَهُ مِائَةَ حَسَنَةٍ " ، فَقِيلَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَكَيْفَ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا دَوْسَتْ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَكْتَسِبُ سَيِّئَةً إِلا وَهُوَ يَخَافُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَخَوْفُهُ الْعِقَابَ عَلَيْهَا حَسَنَةٌ ، وَيَرْجُو غُفْرَانَ اللَّهِ لَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَرَجَاؤُهُ لِغُفْرَانَهَا حَسَنَةٌ وَهُوَ يَرَى التَّوْبَةَ مِنْهَا ، وَلَوْ لَمْ يَرَهَا هَكَذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَرُؤْيَتُهُ التَّوْبَةَ مِنْهَا حَسَنَةٌ ، وَيَكْرَهُ الدَّلالَةَ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَكْرَهِ الدَّلالَةَ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَكَرَاهَةُ الدَّلالَةِ عَلَيْهَا حَسَنَةٌ ، وَيَكْرَهُ الْمَوْتَ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَكْرَهِ الْمَوْتَ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَكَرَاهَتُهُ لِلْمَوْتِ عَلَيْهَا حَسَنَةٌ ، فَهَذِهِ خَمْسُ حَسَنَاتٍ وَهِيَ بِخَمْسِينَ حَسَنَةً ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا سورة الأنعام آية 160 ، فَهَذِهِ تَصِيرُ مِائَةَ حَسَنَةٍ فَمَا ظَنُّكُمْ بِسَيِّئَةٍ تَعْتَوِرُهَا مِائَةُ حَسَنَةٍ وَتُحِيطُ بِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ سورة هود آية 114 ، وَمَا ظَنُّكُمْ بِثَعْلَبٍ بَيْنَ مِائَةِ كَلْبٍ ؟ أَلَيْسَ يُمَزِّقُونَهُ ؟ ثُمَّ بَكَى سَهْلٌ ، وَقَالَ : لا تُحَدِّثُوا بِهَذَا الْجُهَّالَ مِنَ النَّاسِ فَيَتَّكِلُوا وَيَغْتَرُّوا فَإِنَّ هَذِهِ السَّيِّئَةَ هِيَ شَيْءٌ عَلَيْهِ وَحَسَنَاتُهُ هِيَ أَشْيَاءُ لَهُ ، وَمَا عَلَيْهِ فَلِلَّهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ وَيَكُونُ عَادِلا بِعُقُوبَتِهِ عَلَيْهِ ، وَمَالُهُ لا يَظْلِمُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَلْ يوَفِّيهِ ثَوَابَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حِينٍ ، وَمَنْ يَصْبِرِ عَلَى حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ سَاعَةً وَاحِدَةً ؟ وَلَكِنْ بَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ مِنْ هَذِهِ السَّيِّئَةِ حَتَّى تَأْمَنُوا الْعُقُوبَةَ ، وَتَصِيرُوا أَحْبَابَ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ " .