حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، ثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ ، لَا تُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا ، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا ، عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا ، لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَمَنْ مَنَعَهَا ، فَإِِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ " . قَالُوا : فَمَنْ أَخَذَ الْغَنَمَ مِنْ أَرْبَعِينَ نَاقَةً لِثَمَانِيَةِ شُرَكَاءَ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسٌ ، فَقَدْ فَرَّقَهَا عَنْ حِسَابِهَا ، وَلَمْ يَخُصَّ عَلَيْهِ السَّلامُ مِلْكَ وَاحِدٍ مِنْ مِلْكِ جَمَاعَةٍ ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَنَقُولُ لَهُمْ : وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ ، إِنَّ كُلَّ هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَكُمْ حُجَّةٌ فَخُذُوا بِمَا فِيهِ ، مِنْ أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَشَطْرُ إِبِلِهِ زِيَادَةٌ ؟ فَإِِنْ قُلْتُمْ : هَذَا مَنْسُوخٌ ؟ قُلْنَا لَكُمْ : هَذِهِ دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ ، لَا يَعْجِزُ عَنْ مِثْلِهَا خُصُومُكُمْ ، فَيَقُولُوا لَكُمْ : وَالَّذِي تَعَلَّقْتُمْ بِهِ مِنْهُ مَنْسُوخٌ ! وَإِِنْ كَانَ الْمِشْغَبُ بِهِ مَالِكِيًّا ؟ ، قُلْنَا لَهُمْ : فَإِِنْ كَانَ شَرِيكُهُ مُكَاتِبًا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا ! فَإِِنْ قَالُوا : هَذَا قَدْ خَصَّتْهُ أَخْبَارٌ أُخَرُ ؟ قُلْنَا : وَهَذَا نَصٌّ قَدْ خَصَّتْهُ أَخْبَارٌ أُخَرُ ، وَهِيَ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي أَرْبَعٍ مِنَ الْإِِبِلِ فَأَقَلَّ ، وَأَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةً إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ . ثُمَّ نَقُولُ : هَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ . لِأَنَّ بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ غَيْرُ مَشْهُورِ الْعَدَالَةِ ، وَوَالِدُهُ حَكِيمٌ كَذَلِكَ . فَكَيْفَ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْمُخْتَلِطَيْنِ حُكْمُ الْوَاحِدِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ مَالُ إِنْسَانٍ إِلَى مَالِ غَيْرِهِ فِي الزَّكَاةِ ، وَلَا أَنْ يُزَكَّى مَالُ زَيْدٍ بِحُكْمِ مَالِ عَمْرٍو ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى سورة الأنعام آية 164 فَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَعْنَاهُ بِلَا شَكٍّ فِيمَا جَاوَزَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنَ الْإِِبِلِ ، لِمُخَالَفَةِ جَمِيعِ الْأَخْبَارِ أَوَّلِهَا عَنْ آخِرِهَا ، لِمَا خَالَفَ هَذَا الْعَمَلَ لِإِِجْمَاعِهِمْ وَإِِجْمَاعِ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ مِنَ الْإِِبِلِ حِقَّةً لَا بِنْتَ لَبُونٍ ، وَلِسَائِرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا ! وَأَيْضًا : أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا الْإِِبِلُ فَقَطْ ، فَنَقَلَهُمْ حُكْمُ الْخُلْطَةِ إِلَى الْغَنَمِ ، وَالْبَقَرِ : قِيَاسٌ ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْلُ هَذَا الْحُكْمِ عَنِ الْإِِبِلِ إِلَى الْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ بِأَوْلَى مِنْ نَقْلِهِ إِلَى الثِّمَارِ ، وَالْحُبُوبِ ، وَالْعَيْنِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ دَعْوَى فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَلِأَبِي حَنِيفَةَ هَهُنَا تَنَاقُضٌ طَرِيفٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَانِينَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا ، إِنَّ عَلَيْهِمَا شَاتَيْنِ بَيْنَهُمَا ، وَأَصَابَ فِي هَذَا . ثُمَّ قَالَ فِي ثَمَانِينَ شَاةً لِرَجُلٍ وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا الثَّانِي لِأَرْبَعَيْنِ رَجُلًا : إِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا أَصْلًا ، لَا عَلَى الَّذِي يَمْلِكُ نِصْفَهَا ، وَلَا عَلَى الْآخَرِينَ ، وَاحْتَجَّ فِي إِسْقَاطِهِ الزَّكَاةَ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنَّ تِلْكَ الَّتِي بَيْنَ اثْنَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا وَهَذِهِ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا ؟ فَجَمَعَ كَلَامُهُ هَذَا : أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ مِنْ فَاحِشِ الْخَطَأِ ؟ ! أَحَدُهَا : إِسْقَاطُهُ الزَّكَاةَ عَنْ مَالِكِ أَرْبَعِينَ شَاةً هَهُنَا ؟ وَالثَّانِي : إِيجَابُهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَالِكِ أَرْبَعِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى ، فَفَرَّقَ بِلَا دَلِيلٍ وَالثَّالِثُ : احْتِجَاجُهُ فِي إِسْقَاطِهِ الزَّكَاةَ هُنَا بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تُمْكِنُ هُنَالِكَ : وَلَا تُمْكِنُ هَاهُنَا ، فَكَانَ هَذَا عَجَبًا ؟ وَمَا نَدْرِي لِلْقِسْمَةِ وَإِِمْكَانِهَا ، أَوْ تَعَذُّرِ إِمْكَانِهَا مَدْخَلًا فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الزَّكَاةِ ؟ ! وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ قَدْ قَالَ : الْبَاطِلَ ، بَلْ إِنْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ هُنَالِكَ مُمْكِنَةً فَهِيَ هَهُنَا مُمْكِنَةٌ ، وَإِِنْ كَانَتْ هَهُنَا مُتَعَذِّرَةً فَهِيَ هُنَالِكَ مُتَعَذِّرَةٌ ، فَاعْجَبُوا لِقَوْمٍ هَذَا مِقْدَارُ فَهْمِهِمْ ! ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : فَإِِذَا قَالَ قَائِلٌ : فَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ الزَّكَاةَ عَلَى الشَّرِيكِ فِي الْمَاشِيَةِ إِذَا مَلَكَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فِي حِصَّتِهِ ، وَتُوجِبُونَهَا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ فِي الرَّقِيقِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ، وَتَقُولُونَ : فِيمَنْ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ مَعَ آخَرَ وَنِصْفُ عَبْدٍ آخَرَ مَعَ آخَرَ ، فَأَعْتَقَ النِّصْفَيْنِ : إِنَّهُ لَا يُجْزِئَانِهِ عَنْ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ ، وَمَنْ لَهُ نِصْفُ شَاةٍ مَعَ إِنْسَانٍ ، وَنِصْفُ شَاةٍ أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَذَبَحَهُمَا : إِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ فَكَيْفَ هَذَا ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ ، وَعَبْدِهِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ " ، فَقُلْنَا : بِعُمُومِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : " كُلُّ خَلِيطَيْنِ ، فَإِِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ " ، فَقُلْنَا : بِذَلِكَ ، وَأَوْجَبَ رَقَبَةً وَهَدْيَ شَاةٍ وَلَا يُسَمَّى نِصْفَا عَبْدَيْنِ : رَقَبَةً ، وَلَا نِصْفَا شَاةٍ : شَاةً ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ | معاوية بن حيدة القشيري | صحابي |
حَكِيمٍ | حكيم بن معاوية البهزي | صدوق حسن الحديث |
بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ | بهز بن حكيم القشيري | ثقة |
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ | يزيد بن هارون الواسطي / ولد في :117 / توفي في :206 | ثقة متقن |
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ | ابن أبي شيبة العبسي / توفي في :235 | ثقة حافظ صاحب تصانيف |
مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ | محمد بن وضاح المرواني / توفي في :280 | ثقة |
وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ | وهب بن مسرة التميمي / توفي في :346 | ثقة حافظ |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ | أحمد بن محمد الأموي | ثقة |