حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا أَبُو كَامِلٍ ، ثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ ، ثنا حُسَيْنٌ هُوَ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ ، قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " لا تُصَلُّوا صَلاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ " . فَسَقَطَ الأَمْرُ بِالإِعَادَةِ جُمْلَةً . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَالثَّالِثُ : مَنْ رَأَى الْمَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ ، فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَأَبَا ثَوْرٍ وَدَاوُدَ . قَالُوا : إِنْ رَأَى الْمَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلْيَتَمَادَ عَلَى صَلاتِهِ وَلا يُعِيدُهَا وَلا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ بِذَلِكَ ، وَإِنْ رَآهُ بَعْدَ الصَّلاةِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَغْتَسِلْ وَلا بُدَّ ، لا تُجْزِيهِ صَلاةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ إِلا بِذَلِكَ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ : سَوَاءٌ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الصَّلاةِ أَوْ بَعْدَ الصَّلاةِ يَقْطَعُ الصَّلاةَ وَلا بُدَّ ، وَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَغْتَسِلُ وَيَبْتَدِيهَا ، وَأَمَّا إِنْ رَآهُ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ تِلْكَ ، وَلا بُدَّ لَهُ مِنَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِمَا يَسْتَأْنِفُ لا تُجْزِيهِ صَلاةٌ يَسْتَأْنِفُهَا إِلا بِذَلِكَ . قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا حُجَّةَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الصَّلاةِ وَوُجُودِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ إِنْ قَالُوا قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلاةِ كَمَا أُمِرَ ، فَلا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا إِلا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : لا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذِهِ ، وَلا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَا ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلاةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلا يَخْلُو وُجُودُ الْمَاءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُعِيدُهُ فِي حُكْمِ الْمُحْدِثِ أَوِ الْمُجْنِبِ ، أَوْ يَكُونَ لا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلا يُعِيدُهُ فِي حُكْمِ الْمُجْنِبِ أَوِ الْمُحْدِثِ . فَإِنْ قَالُوا : لا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلا يُعِيدُهُ مُجْنِبًا وَلا مُحْدِثًا ، فَهَذَا جَوَابُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا ، قُلْنَا : فَلا عَلَيْكُمْ ، أَنْتُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُفْتَرَضٌ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَوِ الْوُضُوءُ مَتَى وَجَدَ الْمَاءَ بِلا خِلافٍ مِنْكُمْ ، فَمِنْ قَوْلِهِمْ : نَعَمْ ، فَقُلْنَا لَهُمْ : فَهُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي حِينِ وُجُودِهِ فِي الصَّلاةِ وَغَيْرِ الصَّلاةِ بِنَصِّ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِكُمْ فِي الْبِدَارِ إِلَى مَا أُمِرْنَا بِهِ فَإِنْ قَالُوا : لَيْسَ مَأْمُورًا بِذَلِكَ فِي الصَّلاةِ لِشُغْلِهِ بِهَا ، قُلْنَا : هَذَا فَرْقٌ لا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَدَعْوَى بِلا بُرْهَانٍ ، فَإِذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي الصَّلاةِ وَغَيْرِ الصَّلاةِ ، فَقَدْ صَحَّ إِذْ هُوَ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي الصَّلاةِ أَنَّ أَمْرَكُمْ بِالتَّمَادِي عَلَى تَرْكِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ خَطَأٌ ، لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِكُمْ لا تُنْتَقَضُ بِذَلِكَ صَلاتُهُ ، فَكَانَ اللازِمُ عَلَى أُصُولِكُمْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاتِهِ كَمَا تَقُولُونَ فِي الْمُحْدِثِ وَلا فَرْقَ ، وَهُمْ لا يَقُولُونَ هَذَا فَسَقَطَ قَوْلُهُمْ . وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ فَجَوَابُهُمْ أَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ مُجْنِبًا وَمُحْدِثًا فِي غَيْرِ الصَّلاةِ ، وَلا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلاةِ . قَالَ عَلِيٌّ : فَكَانَ هَذَا قَوْلا ظَاهِرَ الْفَسَادِ وَدَعْوَى عَارِيَّةً عَنِ الدَّلِيلِ ، وَمَا جَاءَ قَطُّ فِي قُرْآنٍ وَلا سُنَّةٍ وَلا فِي قِيَاسٍ وَلا فِي رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ أَنَّ شَيْئًا يَكُونُ حَدَثًا فِي غَيْرِ الصَّلاةِ وَلا يَكُونُ حَدَثًا فِي الصَّلاةِ وَالدَّعْوَى لا يَعْجِزُ عَنْهَا أَحَدٌ ، وَهِيَ بَاطِلٌ مَا لَمْ يُصَحِّحْهَا بُرْهَانٌ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ، لا سِيَّمَا قَوْلُهُمْ : إِنَّ وُجُودَ الْمُصَلِّي الْمَاءَ فِي حَالِ صَلاتِهِ لا يَنْقُضُ صَلاتَهُ ، فَإِذَا سَلَّمَ انْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ بِالْوُجُودِ الَّذِي كَانَ فِي الصَّلاةِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَادَ ذَلِكَ الْوُجُودُ إِلَى بَعْدِ الصَّلاةِ ، فَهَذَا أَطْرَفُ مَا يَكُونُ ! ! شَيْءٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ إِذَا عُدِمَ وَلا يَنْقُضُهَا إِذَا وُجِدَ وَهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا هَذَا بِعَيْنِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ : إِنَّ الْقَهْقَهَةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الصَّلاةِ وَلا تَنْقُضُهَا فِي غَيْرِ الصَّلاةِ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ قَدْ ظَهَرَ أَيْضًا فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ مَا لَمْ يُوجَدِ الْمَاءُ " ، فَصَحَّ أَنْ لا طَهَارَةَ تَصِحُّ بِتُرَابٍ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إِلا لِمَنْ أَجَازَهُ لَهُ النَّصُّ مِنَ الْمَرِيضِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ حَرَجٌ ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ بُطْلانُ طَهَارَةِ الْمُتَيَمِّمِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلاةٍ كَانَ أَوْ فِي غَيْرِ صَلاةٍ وَصَحَّ قَوْلُ سُفْيَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ . إِلا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ تَنَاقَضَ هَهُنَا فِي مَوْضِعَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يَرَى لِمَنْ أَحْدَثَ مَغْلُوبًا أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِيَ ، وَهَذَا أَحْدَثَ مَغْلُوبًا ، فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِيَ ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَرَى السَّلامَ مِنَ الصَّلاةِ لَيْسَ فَرْضًا : وَأَنَّ مَنْ قَعَدَ فِي آخِرِ صَلاتِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ ، وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَقَدْ صَحَّتْ صَلاتُهُ وَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ رَأَى هَهُنَا أَنَّهُ وَإِنْ قَعَدَ فِي آخِرِ صَلاتِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَإِنَّ صَلاتَهُ تِلْكَ قَدْ بَطَلَتْ وَكَذَلِكَ طَهَارَتُهُ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيُعِيدَهَا أَبَدًا ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ وَالْبُعْدِ عَنِ النُّصُوصِ وَالْقِيَاسِ وَسَدَادِ الرَّأْيِ ، وَمَا عَلِمْنَا هَذِهِ التَّفَارِيقَ لِأَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنَ عُمَرَ | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ | سليمان بن يسار الهلالي | ثقة |
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ | عمرو بن شعيب القرشي / توفي في :118 | ثقة |
حُسَيْنٌ هُوَ الْمُعَلِّمُ | الحسين بن ذكوان المعلم | ثقة |
يَزِيدُ | يزيد بن زريع العيشي / ولد في :101 / توفي في :182 | ثقة ثبت |
أَبُو كَامِلٍ | الفضيل بن الحسين الجحدري / ولد في :145 / توفي في :237 | ثقة حافظ |
أَبُو دَاوُدَ | أبو داود السجستاني | ثقة حافظ |
ابْنُ الأَعْرَابِيِّ | أحمد بن محمد العنزي | ثقة حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | محمد بن إسحاق القاضي / ولد في :302 / توفي في :367 | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ | عبد الله بن ربيع التميمي / ولد في :330 / توفي في :415 | ثقة |