لِمَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ، ثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، قال : حدثنا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ؟ قال : عَلِّمْهُ بِلَالًا فَقَامَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ مَثْنَى ، وَأَقَامَ مَثْنَى " . قال عَلِيٌّ : وَهَذَا إِسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مِنْ إِسْنَادِ الْكُوفِيِّينَ . فَصَحَّ أَنَّ تَثْنِيَةَ الْإِِقَامَةِ قَدْ نُسِخَتْ وَأَنَّهُ هُوَ كَانَ أَوَّلَ الْأَمْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَخَذَ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَدْرَكَ بِلَالًا وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْا فَلَاحَ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ ! . إِلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ مَا صَحَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا بِأَنْ يُوتِرَهَا إِلَّا الْإِِقَامَةَ ؛ وَالصَّحِيحُ الْآخَرُ أَوْلَى بِالْأَخْذِ مِمَّا لَا يَبْلُغُ دَرَجَتَهُ . وَقَدْ قال بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيِّينَ : مَعْنَى إِلَّا الْإِِقَامَةَ ، أَيْ إِلَّا ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَهَذَا جَرْيٌ مِنْهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي الْكَذِبِ " وَمَا سَمَّى أَحَدٌ قَطُّ قَوْلَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " إِقَامَةً ، لَا فِي لُغَةٍ ، وَلَا فِي شَرِيعَةٍ ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ مُبَيَّنًا أَنَّهُ " قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " كَمَا ذَكَرْنَاهُ ؟ وَقال الْحَنَفِيُّونَ : إِنَّ الْأَمْرَ لِبِلَالٍ بِأَنْ يُوتِرَ الْإِِقَامَةَ هُوَ مِمَّنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لِحَاقٌ مِنْهُمْ بِالرَّوَافِضِ النَّاسِبِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، تَبْدِيلَ دَيْنِ الْإِِسْلَامِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَقُولُ هَذَا فَمَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ ؟ ! فَإِِنْ قَالُوا : قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ حَيْوَةُ عَنِ الْأَسْوَدِ : أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْإِِقَامَةَ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ وَأَنَسٌ رَوَى : أَنَّ بِلَالًا أَمَرَ بِوِتْرِهَا ، وَأَنَسٌ سَمِعَ أَذَانَ بِلَالٍ بِلَا شَكٍّ ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْأَسْوَدُ قَطُّ يُؤَذِّنُ ، وَلَا يُقِيمُ : فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْأَسْوَدِ : إِنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْإِِقَامَةَ يُرِيدُ قَوْلَهُ " قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ " حَتَّى يَتَّفِقَ قَوْلُهُ مَعَ رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ . قال عَلِيٌّ : وَقال بَعْضُ الْحَنَفِيِّينَ : لَعَلَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ أَنْ يَقُولَ " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ خَفَضَ بِهِ صَوْتَهُ ، لَا لِأَنَّهُ مِنْ حُكْمِ الْأَذَانِ ؟ قال عَلِيٌّ : وَهَذَا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَرَّدٌ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا التَّرْجِيعَ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْأَذَانِ لَنَبَّأَهُ عَلَيْهِ ، وَلَمَا تَرَكَهُ أَلْبَتَّةَ يَقُولُ ذَلِكَ خَافِضًا صَوْتَهُ فِي ابْتِدَاءِ الْأَذَانِ فَلَيْسَ هُوَ كَلِمَةً وَاحِدَةً بَلْ أَرْبَعَ قَضَايَا . الِاثْنَتَانِ مِنْهَا : سِتُّ كَلِمَاتٍ ، سِتُّ كَلِمَاتٍ . وَالِاثْنَتَانِ : خَمْسُ كَلِمَاتٍ ، خَمْسُ كَلِمَاتٍ . فَمِنَ الْكَذِبِ الْبَحْتِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ صَاحِبُهُ أَنْ يَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ أَنْ يَدَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ يَأْتِي بِكُلِّ ذَلِكَ خَافِضَ الصَّوْتِ وَلَيْسَ خَفْضُهُ مِنْ حُكْمِ الْأَذَانِ فَإِِذَا تَرَكَهُ عَلَى الْخَطَأِ ، وَلَمْ يَنْهَهُ زَادَ فِي إِضْلَالِهِ ، بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ رَافِعًا صَوْتَهُ ، وَلَا يُعْلِمُهُ أَنَّ تَكْرَارَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْأَذَانِ وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَنْطَلِقُ بِهَذَا لِسَانُ مُسْلِمٍ ! أَوْ يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ ! . فَكَيْفَ وَالْآثَارُ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ جَاءَتْ مُبَيِّنَةً بِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ كَذَلِكَ نَصًّا كَلِمَةً كَلِمَةً ، تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً ! ! ! فَوَضَحَ كَذِبُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ جِهَارًا ! . وَقال بَعْضُهُمْ : لِمَا رَأَيْنَا مَا كَانَ فِي الْأَذَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي عَلَى نِصْفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ : أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقال فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " مَرَّتَيْنِ ، وَيُقال فِي آخِرِهِ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " مَرَّةً ! . وَكَانَ التَّكْبِيرُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي الْأَذَانِ ، وَكَانَ التَّكْبِيرُ فِي آخَرِ الْأَذَانِ مَرَّتَيْنِ ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعًا ! ! ! . قال عَلِيٌّ : إِذَا كَانَ هَذَا الْهَوَسُ عِنْدَكُمْ حَقًّا فَإِِنَّ التَّكْبِيرَ مُرَبَّعٌ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ كَمَا تَقُولُ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " مُرَبَّعًا أَيْضًا فِي التَّكْبِيرِ ، وَأَنْ لَا يُثَنَّى مِنَ الْأَذَانِ إِلَّا مَا اتُّفِقَ عَلَى أَنْ يُثَنَّى ، كَمَا لَا يُفْرَدُ مِنْهُ إِلَّا مَا اتُّفِقَ عَلَى إِفْرَادِهِ ، وَهُوَ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَقَطْ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْأَذَانِ ثَلَاثَ قَضَايَا مُرَبَّعَاتٍ ، ثُمَّ يَتْلُوهَا ثَلَاثُ قَضَايَا مُثَنَّيَاتٍ ثُمَّ تُوتِرُ ذَلِكَ قَضِيَّةٌ سَابِعَةٌ مُفْرَدَةٌ فَهَذَا هَذْرٌ أَفْلَحُ مِنْ هَذْرِكُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْتَزِمُوهُ ! ! ! وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ ، فَإِِنَّهُمْ إِذَا قَاسُوا الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى الْمُصَرَّاةِ ، وَالنَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ سورة الإسراء آية 23 وَالْمَرْأَةَ ذَاتَ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتَ وَفَرْجَ الْمُتَزَوِّجَةِ عَلَى يَدِ السَّارِقِ وَسَائِرَ تِلْكَ الْقِيَاسَاتِ الَّتِي لَا شَيْءَ أَسْقَطَ مِنْهَا وَلَا أَغَثَّ . فَهَذَانِ الْقِيَاسَانِ أَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ عِنْدَ كُلِّ ذِي مَسْكَةِ عَقْلٍ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَلْتَزِمُوهَا إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ وَإِِلَّا فَلْيَتْرُكُوا تِلْكَ الْمُقَايِسَ السَّخِيفَةَ فَهُوَ أَحْظَى لَهُمْ فِي الدِّينِ وَأَدْخَلُ فِي الْمَعْقُولِ ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَقال بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ : لَمَّا كَانَتْ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " تُقال فِي آخِرِ الْأَذَانِ مَرَّةً وَاحِدَةً : وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْإِِقَامَةُ كُلُّهَا كَذَلِكَ ، إِلَّا مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْبِيرِ فِيهَا . فَقُلْنَا لَهُمْ : لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْتُمْ حُجَّةً فِي إِفْرَادِ الْأَذَانِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي إِفْرَادِ الْإِِقَامَةِ . وَأَيْضًا : فَإِِنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّكْبِيرُ فِي الْإِِقَامَةِ يُثَنَّى بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ : وَجَبَ أَنْ يُثَنَّى سَائِرُ الْإِِقَامَةِ ، إِلَّا مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ التَّهْلِيلُ فِي آخِرِهَا فَقَطْ أَوْ لَمَّا كَانَ التَّكْبِيرُ فِي الْإِِقَامَةِ يُقال أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِِقَامَةِ أَيْضًا يُقال مَرَّتَيْنِ لِيَكُونَ فِيهَا تَرْبِيعٌ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى تَثْنِيَةٍ إِلَى إِفْرَادٍ ، وَكُلُّ هَذَا هَوَسٌ إِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ لِيَرَى أَهْلُ التَّصْحِيحِ فَسَادَ الْقِيَاسِ وَبُطْلَانَهُ . وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي أَذَانِهِمْ : " حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ " وَلَا نَقُولُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا عَنِ الصَّاحِبِ : مِثْلُ هَذَا لَا يُقال بِالرَّأْيِ : أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا ، فَهُوَ عَنْهُ ثَابِتٌ بِأَصَحِّ إِسْنَادٍ . وَقال الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : يُقال فِي الْعَتَمَةِ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ " وَلَا نَقُولُ بِهَذَا أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ | عبد الله بن زيد الأنصاري / توفي في :32 | صحابي |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى | عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري / ولد في :19 / توفي في :83 | ثقة |
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ | عمرو بن مرة المرادي / توفي في :116 | ثقة |
الْأَعْمَشِ | سليمان بن مهران الأعمش | ثقة حافظ |
وَكِيعٌ | وكيع بن الجراح الرؤاسي / ولد في :128 / توفي في :196 | ثقة حافظ إمام |
مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ | موسى بن معاوية الصمادحي | ثقة مأمون |
ابْنُ وَضَّاحٍ | محمد بن وضاح المرواني / توفي في :280 | ثقة |
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ | القاسم بن أصبغ البياني / ولد في :252 / توفي في :345 | ثقة حافظ ثبت |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ | عبد الله بن نصر التبريزي | مجهول الحال |
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ | محمد بن سعيد النباتي / ولد في :336 / توفي في :429 | مجهول الحال |