حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : " إِِذَا أَخَذَ الْمُصَّدِّقُ سِنًّا فَوْقَ سِنٍّ رَدَّ عَشْرَةَ دَرَاهِمِ أَوْ شَاتَيْنِ " . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : مَا نَرَى الْحَنَفِيِّينَ ، وَالْمَالِكِيِّينَ ، وَالشَّافِعِيِّينَ إِِلا قَدْ بَرَدَ نَشَاطُهُمْ فِي الاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ ، وَلابُدَّ لَهُمْ مِنَ الأَخْذِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ ، مِمَّا خَالَفُوهُ وَأَخَذَ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ ، أَوْ تَرْكِ الاحْتِجَاجِ بِمَا لَمْ يَصِحْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ التَّلاعُبِ بِالسُّنَنِ وَالْهَزْلِ فِي الدِّينِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا أَحَبُّوا وَيَتْرُكُوا مَا أَحَبُّوا ؟ لا سِيَّمَا وَبَعْضُهُمْ هَوَّلَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا بِأَنَّهُ مُسْنَدٌ ! فَلْيَهِنُهُمْ خِلافُهُ إِِنْ كَانَ مُسْنَدًا ، وَلَوْ كَانَ مُسْنَدًا مَا اسْتَحْلَلْنَا خِلافَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقِ . فَلَمْ يَبْقَ لِمَنْ قَالَ بِالْتَبِيعِ وَالْمُسِنَّةِ فَقَطْ فِي الْبَقَرِ حُجَّةٌ أَصْلا ، وَلا قِيَاسٌ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ فَبَطُلَ قَوْلُهُمْ جُمْلَةً بِلا شَكٍّ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ لا قُرْآنٌ يُعَضِّدُهُ وَلا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْصُرُهُ ، وَلا فَاسِدَةٌ تُؤَيَّدَهُ ، وَلا قَوْلَ صَاحِبٍ يَشُدُّهُ ، وَلا قِيَاسٌ يُمَوِّهَهُ ، وَلا رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ يُسَدِّدَهُ . إِِلا أَنَّ بَعْضَهُمْ ، قَالَ : لَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَقْصًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ . فَقِيِلَ لَهُمْ : وَلا وَجَدْتُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ زَكَاةِ الْمَوَاشِي جَزَءًا مِنْ رَأْسِ وَاحِدٍ . فَإِِنْ ، قَالُوا : أَوْجَبَهُ الدَّلِيلُ . قِيلَ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ ! مَا أَوْجَبَهُ دَلِيلٌ قَطُّ ، وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى رَأْيَ النَّخْعِيِّ وَحْدَهُ دَلِيلا فِي دِينِهِ ، وَقَدْ وَجَدْنَا الأَوْقَاصَ تَخْتَلِفُ ، فَمَرَّةً هُوَ فِي الإِِبِلِ أَرْبَعٌ ، وَمَرَّةً عَشْرَةٌ ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ ، وَمَرَّةً أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَمَرَّةً أَحَدَ عَشَرَ ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَمَرَّةً هُوَ فِي الْغَنَمِ ثَمَانُونَ ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَسَبْعُونَ ، وَمَرَّةً مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ ، وَمَرَّةً تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَأَيُّ نَكْرَةٍ فِي أَنْ تَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ إِِذَا صَحَّ بِذَلِكَ دَلِيلٌ ؟ لَوْلا الْهَوَى وَالْجَهْلُ ! فَلَمْ يَبْقَ إِِلا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ عَمَلِ عُمَّالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَمَلِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ جِدًا بِالْمَدِينَةِ بِحْضَرَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَنْكِرُوهُ ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا لا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا مِنْ طَرِيقِ إِِسْنَادِ الآحْادِ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ شَيْءٌ كَمَا قَدَّمْنَا ، وَلا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لا يُعَارِضُهُ غَيْرُهُ ، وَلا يَحِلُّ أَنْ تُؤْخَذَ شَرِيعَةٌ إِِلا عَنِ اللََّهِ تَعَالَى إِِمَّا مِنَ الْقُرْآنِ ، وَإِِمَّا مِنْ نَقْلٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ الآحَادِ وَالتَّوَاتُرِ بَيَانُ زَكَاةِ الْبَقَرِ ، وَوَجَدْنَا الإِِجَمَاعَ الْمُتَيَقَّنَ الْمَقْطُوعَ بِهِ ، الَّذِي لا خِلافَ فِي أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، قَالَ : بِهِ وَحَكَمَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ دُونَهُمْ قَدْ صَحَّ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسِينَ بَقَرَةً : بَقَرَةً ، فَكَانَ هَذَا حَقًا مَقْطُوعًا بِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ ، وَكَانَ مَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا فِيهِ ، وَلا نَصٌ فِي إِِيجَابِهِ ، فَلَمْ يَجُزِ الْقَوْلُ بِهِ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ سورة البقرة آية 188 ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ " فَلَمْ يَحِلَّ أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ ، وَلا إِِيجَابُ شَرِيعَةٍ بِزَكَاةٍ مَفْرُوضَةٍ بِغَيْرِ يَقِينٍ ، مِنْ نَصٍّ صَحِيحٍ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلا يَغْتَرَّنَّ بِدَعْوَاهِمِ : أَنَّ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ كَانَ مَشْهُورًا ، فَهَذَا بَاطِلٌ ، وَمَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ إِِلا خَامِلا فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَلا يُؤْخَذُ إِِلا عَنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ ، بِاخْتِلافٍ مِنْهُمْ أَيْضًا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ . قَالَ عَلِيٌّ : ثُمَّ اسْتَدْرَكَنَا فَوَجَدْنَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ إِِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ فِعْلَ مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ ، وَهُوَ بِلا شَكٍّ قَدْ أَدْرَكَ مُعَاذًا وَشَهِدَ حُكْمَهُ وَعَمَلَهُ الْمَشْهُورَ الْمُنْتَشِرَ ، فَصَارَ نَقْلُهُ لِذَلِكَ ، وَلأَنَّهُ عَنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقْلا عَنِ الْكَافَةِ عَنْ مُعَاذٍ بِلا شَكٍّ ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ | عاصم بن ضمرة السلولي / توفي في :74 | صدوق حسن الحديث |
أَبِي إِِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ | أبو إسحاق السبيعي / ولد في :30 / توفي في :126 | ثقة مكثر |
شُعْبَةُ | شعبة بن الحجاج العتكي | ثقة حافظ متقن عابد |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ | عبد الرحمن بن مهدي العنبري / ولد في :135 / توفي في :198 | ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث |
مُحَمَّدُ بْنِ الْمُثَنَّى | محمد بن المثنى العنزي / ولد في :167 / توفي في :252 | ثقة ثبت |
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْخُشَنِيُّ | محمد بن عبد السلام الخشني / توفي في :286 | ثقة |
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ | القاسم بن أصبغ البياني / ولد في :252 / توفي في :345 | ثقة حافظ ثبت |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ | أحمد بن عبد البصير القرطبي | ثقة حافظ |
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ | محمد بن سعيد النباتي / ولد في :336 / توفي في :429 | مجهول الحال |