تفسير

رقم الحديث : 441

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ، قَالَ : " كُنْتُ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جَيُّ ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ ، وَكَانَ يُحِبُّنِي حُبًّا شَدِيدًا لَمْ يُحِبَّهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلا وَلَدِهِ ، فَمَا زَالَ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتٍ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ ، وَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا ، وَلا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً ، فَكُنْتُ كَذَلِكَ لا أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا إِلا مَا أَنَا فِيهِ حَتَّى بَنَى أَبِي بُنْيَانًا لَهُ ، وَكَانَتْ لَهُ ضَيْعَةٌ فِيهَا بَعْضُ الْعَمَلِ ، فَدَعَانِي ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي مَا تَرَى مِنْ بُنْيَانِي عَنْ ضَيْعَتِي هَذِهِ ، وَلا بُدَّ لِي مِنِ اطِّلاعِهَا ، فَانْطَلِقْ إِلَيْهَا ، فَأْمُرْهُمْ بِكَذَا وَكَذَا وَلا تَحْتَبِسَنَّ عَنِّي ، فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَنِّي شَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : هَؤُلاءِ النَّصَارَى يُصَلُّونَ ، فَدَخَلْتُ أَنْظُرُ ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَالِسًا عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَبَعَثَ أَبِي فِي طَلَبِي فِي كُلِّ وِجْهَةٍ حَتَّى جِئْتُهُ حِينَ أَمْسَيْتُ وَلَمْ أَذْهَبْ إِلَى ضَيْعَتِهِ ، فَقَالَ أَبِي : أَيْنَ كُنْتَ ؟ أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَبَتَاهُ ، مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُقَالُ لَهُمُ النَّصَارَى ، فَأَعْجَبَنِي صَلواتُهُمْ وَدُعَاؤُهُمْ ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ كَيْفَ يَفْعَلُونَ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ ، فَقُلْتُ : لا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِخَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ ، هَؤُلاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ ، وَنَحْنُ إِنَّمَا نَعْبُدُ نَارًا نُوقِدُهَا بِأَيْدِينَا ، إِذَا تَرَكْنَاهَا مَاتَتْ ، فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ حَدِيدًا ، وَحَبَسَنِي فِي بَيْتٍ عِنْدَهُ ، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَرَاكُمْ عَلَيْهِ ؟ فَقَالُوا : بِالشَّامِ ، فَقُلْتُ : فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ فَآذِنُونِي ، قَالُوا : نَفْعَلُ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ نَاسٌ فِي تِجَارَتِهِمْ ، فَبَعَثُوا إِلَيَّ أَنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا تُجَّارٌ مِنْ تُجَّارِنَا ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الْخُرُوجَ فَآذِنُونِي ، فَقَالُوا : نَفْعَلُ ، فَلَمَّا قَضَوْا حَوَائِجَهَمْ وَأَرَادُوا الرَّحِيلَ بَعَثُوا إِلَيَّ بِذَلِكَ ، فَطَرَحْتُ الْحَدِيدَ الَّذِي فِي رِجْلَيَّ وَلَحِقْتُ بِهِمْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا ، قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ ؟ فَقَالُوا : الأَسْقُفُّ صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ ، فَجِئْتُهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ ، وَأَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا مَعَكَ ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ الْخَيْرَ ، قَالَ : فَكُنْ مَعِي ، قَالَ : فَكُنْتُ مَعَهُ ، وَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ؛ كَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا ، فَإِذَا جَمَعَهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ ، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حَالِهِ ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ ، فَلَمَّا جَاءُوا لِيَدْفِنُوهُ قُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا رَجُلُ سَوْءٍ ؛ وَكَانَ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا حَتَّى إِذَا جَمَعْتُمُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ ، فَقَالُوا : وَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ أَنَا : أُخْرِجُ لَكُمْ كَنْزَهُ ، فَقَالُوا : فَهَاتِهِ ، فَأَخْرَجْتُ لَهُمْ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا : وَاللَّهِ لا يُدْفَنُ أَبَدًا ، فَصَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَرَمَوهُ بِالْحِجَارَةِ ، وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ ، فَلا وَاللَّهِ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَشَدَّ اجْتِهَادًا ، وَلا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا ، وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَلا نَهَارًا مِنْهُ ، مَا أَعْلَمُنِي أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ قَبْلَهُ حُبَّهُ ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ : يَا فُلانُ ، قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ حُبَّكَ ، تَأْمُرُنِي ؟ وَإِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ فَائْتِهِ ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِي ، فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِالْمَوْصِلِ ، فَأَتَيْتُ صَاحِبَهَا ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الاجْتِهَادِ وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي إِلَيْكَ أَنْ آتِيَكَ وَأَكُونَ مَعَكَ ، قَالَ : فَأَقِمْ أَيْ بُنَيَّ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ، إِنَّهُ قَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى ، وَقَدْ كَانَ فُلانٌ أَوْصَانِي إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَانِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَاني فُلانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ قَالَ لِي : أَيْ بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلا رَجُلٌ بِعَمُّورِيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ ، فَأْتِهِ ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا وَارَيْتُهُ ، خَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى صَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَتْ لِي غُنَيْمَةٌ وَبَقَرَاتٌ ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ : يَا فُلانُ ، إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَانِي إِلَى فُلانٍ ، وَفُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، وَفُلانٌ إِلَيْكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهَ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنَ الْحَرَمِ ، مُهَاجَرُهُ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ ، إِلَى أَرْضٍ سَبِخَةٍ ذَاتِ نَخِيلٍ ، وَإِنَّ فِيهِ عَلامَاتٍ لا تَخْفَى : بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ ، وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَخْلُصَ إِلَى تِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ ، فَلَمَّا وَارَيْنَاهُ ، أَقَمْتُ حَتَّى مَرَّ رِجَالٌ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي مَعَكُمْ حَتَّى تَقْدَمُوا بِي أَرْضَ الْعَرَبِ ، وَأُعْطِيكُمْ غَنِيمَتِي هَذِهِ وَبَقَرَاتِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ، وَحَمَلُونِي حَتَّى إِذَا جَاءُوا بِي وَادِيَ الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي عَبْدًا لِرَجُلٍ مِنْ يَهُودَ ، بِوَادِي الْقُرَى ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّخْلَ ، وَطَمِعْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدُ الَّذِي نَعَتَ لِي صَاحِبِي وَمَا حَقَّتْ عِنْدِي حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، مِنْ يَهُودِ وَادِيَ الْقُرَى ، فَابْتَاعَنِي مِنْ صَاحِبِي الَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ ، فَخَرَجَ بِي حَتَّى قَدِمَ بِي الْمَدِينَةَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُ نَعْتَهُ ، فَأَقَمْتُ فِي رِقٍّ مَعَ صَاحِبِي ، وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ لا يَذْكُرُ لِي شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ وَأَنَا أَعْمَلُ لِصَاحِبِي فِي نَخْلَةٍ لَهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِيهَا إِذْ جَاءَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ ، فَقَالَ : فُلانُ قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمُ الآنَ لَفِي قُبَاءَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ جَاءَ مِنْ مَكَّةَ ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ سَمِعْتُهَا ، فَأَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ ، يَقُولُ الرَّعْدَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي ، وَنَزَلْتُ أَقُولُ : مَا هَذَا الْخَبَرُ ؟ مَا هُوَ ؟ فَرَفَعَ مَوْلايَ يَدَهُ ، فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ، وَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ ، فَقُلْتُ : لا شَيْءَ ، إِنَّمَا سَمِعْتُ خَبَرًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَهُ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ ، وَكَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ ، فَحَمَلْتُهُ وَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَقُلْتُ : إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ ، وَأَنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ غُرَبَاءَ ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ للصَّدَقَةِ ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ مَنْ بِهَذِهِ الْبِلادِ بِهِ فَهَا هُوَ ذَا فَكُلْ مِنْهُ ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ، وَقَالَ : لأَصْحَابِهِ : كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هَذِهِ خَلَّةٌ مِمَّا وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، ثُمَّ رَجَعْتُ ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَمَعْتُ شَيْئًا كَانَ عِنْدِي ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ ، فَقُلْتُ : إِنِّ رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ وَكَرَامَةٌ لَيْسَتْ بِالصَّدَقَةِ ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ خَلَّتَانِ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْبَعُ جَنَازَةً وَعَلَيَّ شَمْلَتَانِ لِي ، وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ ، فَاسْتَدَرْتُ بِهِ لأَنْظُرَ إِلَى الْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ شَيْئًا قَدْ وُصِفَ لِي ، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ : تَحَوَّلْ يَا سَلْمَانُ هَكَذَا ، فَتَحَوَّلْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَحَبَّ أَنْ يُسْمِعَ أَصْحَابَهُ حَدِيثِي عَنْهُ ، فَحَدَّثْتُهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، كَمَا حَدَّثْتُكَ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ ، فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا ، وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، وَأَعَانَنِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ ثَلاثِينَ وَدِيَّةً ، وَعِشْرِينَ وَدِيَّةً ، وَعَشْرًا ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقِّرْ لَهَا ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَآذِنِّي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَضَعُهَا بِيَدِي ، فَفَقَّرْتُهَا ، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي ، يَقُولُ حَفَرْتُ لَهَا حَيْثُ تُوضَعُ حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ فَرَغْنَا مِنْهَا فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَهَا ، وَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَيْهِ الْوَدِيَّ ، وَيَضَعُهُ بِيَدِهِ ، وَيُسَوِّي عَلَيْهَا ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ، وَبَقِيَتْ عَلَيَّ الدَّرَاهِمُ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الْمَعَادِنِ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنَ الذَّهَبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْنَ الْفَارِسِيُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَاتَبُ ؟ فَدُعِيتُ لَهُ ، فَقَالَ : خُذْ هَذِهِ يَا سَلْمَانُ ، فَأَدِّهَا مِمَّا عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ ؟ قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ لَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِمْ وَعُتِقَ سَلْمَانُ ، وَكَانَ الرِّقُّ قَدْ حَبَسَنِي حَتَّى فَاتَنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ ، ثُمَّ عُتِقْتُ فَشَهِدْتُ الْخَنْدَقَ ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

صحابي

ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ

له رؤية

عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ

ثقة

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ

صدوق حسن الحديث

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

ضعيف الحديث

أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ

ثقة حافظ

وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي

ثقة

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

Whoops, looks like something went wrong.