وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي وَالِدِي : إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ السُّلَمِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى أَجْهَدَهُمُ الْحِصَارُ ، وَقَذَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَكَانَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ دَخَلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنِهِمْ حِينَ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ ، وَفَاءً لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ ، حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ ، قَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ ، إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَوْنَ ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلالا ثَلاثًا ، فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ ، فَقَالُوا : مَا هُوَ ؟ قَالَ : نُبَايِعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُ ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَأَنَّهُ الَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ ، فَتَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِكُمْ ، وَأَمْوَالِكُمْ ، وَنِسَائِكُمْ ، فَقَالُوا : لا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا ، وَلا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ ، قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذَا ، فَهَلُمُّوا فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ثُمَّ نَخْرُجُ إِلَى مُحَمَّدٍ رِجَالا مُصْلِتِينَ السُّيُوفَ لَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثَقَلا يَهُمُّنَا ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ ، فَإِنْ نَهْلِكْ ، نَهْلِكْ ، وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا نَسْلا يَهُمُّنَا نَخَافُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لَنَجِدَنَّ النِّسَاءَ ، وَالأَبْنَاءَ ، فَقَالُوا : نَقْتُلُ هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينَ ! فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ ؟ فَقَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ ، فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمِنُونَا فِيهَا ، فَانْزِلُوا ، فَلَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْهُمْ غِرَّةً ، فَقَالُوا : نُفْسِدُ سَبْتَنَا ، وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا أَحْدَثَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، فَأَصَابَهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ مِنَ الْمَسْخِ ، فَقَالَ : مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ لَيْلَةً وَاحِدَةً مُنْذُ وَلِدَ حَازِمًا ، ثُمَّ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الأَوْسِ ، نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا ، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ ، وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، وَالصِّبْيَانُ ، يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ ، فَرَقَّ لَهُمْ ، وَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا لُبَابَةَ ، أَتَرَى أَنْ تَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ : أَنَّهُ الذَّبْحُ ، قَالَ أَبُو لُبَابَةَ : فَوَاللَّهِ ، مَا زَالَتْ قَدَمَايَ تَرْجُفَانِ ، حِينَ عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ ، وَقَالَ : لا أَبْرَحُ مَكَانِي هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ ، وَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يَطَأَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا ، وَلا يَرَانِي فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُ ، وَكَانَ قَدِ اسْتَبْطَأَهُ ، قَالَ : " أَمَا لَوْ جَاءَنِي لاسْتَغْفَرْتُ لَهُ ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ ، مَا أَنَا بِالَّذِي يُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ ، وَزَعَمَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ ارْتِبَاطَهُ بِسَارِيَةِ التَّوْبَةِ كَانَ بَعْدَ تَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، حِينَ أَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ عَلَيْهِ عَاتِبٌ بِمَا فَعَلَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ ، ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِيمَنْ تَخَلَّفَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، وَعَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي ارْتِبَاطِهِ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، مَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ السُّلَمِيِّ | محمد بن كعب الأنصاري | ثقة |
إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ | إسحاق بن يسار المطلبي | ثقة |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
يُونُسُ | يونس بن بكير الشيباني / توفي في :199 | صدوق حسن الحديث |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ | أحمد بن عبد الجبار العطاردي | ضعيف الحديث |
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ | محمد بن يعقوب الأموي / ولد في :247 / توفي في :346 | ثقة حافظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ | الحاكم النيسابوري / ولد في :321 / توفي في :405 | ثقة حافظ |