أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْكَاتِبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ ، قَالَ : ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ أَنَّ الرَّشِيدَ ، قَالَ لابْنِهِ : كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ رَاهِبَنَا وَعَالِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَلَمْ يَزَلْ فِي خِدْمَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ ، ثُمَّ خَدَمَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ الإِمَامُ ، وَأَبَا الْعَبَّاسِ ، وَالْمَنْصُورَ ، فَحَفِظَ جَمِيعَ أَخْبَارِهِمْ وَسِيَرِهِمْ وَأُمُورِهِمْ ، وَكَانَ قُرَّةَ عَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا إِسْحَاقُ ابْنُهُ ، فَلَيْسَ فِينَا أَهْل الْبَيْتِ أَحَد أَعْرَفُ بِأَمْرِنَا مِنْ إِسْحَاقَ ، فَاسْتَكْثِرْ مِنْهُ ، وَاحْفَظْ جَمِيعَ مَا يُحَدِّثُكَ بِهِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَ أَبِيهِ فِي الْفَضْلِ ، وَإِيثَارِ الصِّدْقِ ، قَالَ : فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا ، فَسَأَلَنِي هَلْ سَمِعْتَ خَبَرَ وَفَاةِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ ، فَقَالَ : قَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ ، فَحَدِّثْنِي مَا حَدَّثَكَ بِهِ إِسْحَاقُ لأَنْظُرَ أَيْنَ هُوَ مِمَّا حَدَّثَنِي بِهِ أَبُوهُ ؟ فقَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ دَخَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ وهو فِي مَدِينَتِهِ بِالأَنْبَارِ ، قَالَ إِسْحَاقُ : قَالَ أَبِي : وَكُنْتُ قَدْ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ أَيَّامًا لَمْ أَرْكَبْ إِلَيْهِ فِيهَا ، فَعَاتَبَنِي عَلَى تَخَلُّفِي كَانَ عَنْهُ ، فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي كُنْتُ أَصُومُ مُنْذُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَقَبِلَ عُذْرِي ، وَقَالَ لِي : أَنَا فِي يَوْمِي هَذَا صَائِمٌ ، فَأَقِمْ عِنْدِي لِتَقْضِيَنِي فِيهِ بِمُحَادَثَتِكَ إِيَّايَ مَا فَاتَنِي من محادثتك فِي الأَيَّامِ الَّتِي تَخَلَّفْتَ عَنِّي فِيهَا ثُمَّ تَخْتِمُ ذَلِكَ بِإِفْطَارِكَ عِنْدِي ، فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَأَقَمْتُ إِلَى أَنْ تَبَيَّنْتُ النُّعَاسَ فِي عَيْنَيْهِ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ ، فَنَهَضْتُ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ بِهِ النَّوْمُ ، فَميلت بَيْنَ الْقَائِلَةِ فِي دَارِهِ ، وَبَيْنَ الْقَائِلَةِ فِي دَارِي ، فَمَالَتْ نَفْسِي إِلَى الانْصِرَافِ إِلَى مَنْزِلِي لأقيلَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اعْتَدْتُ الْقَائِلَةَ فِيهِ ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَقِلْتُ إِلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ، ثُمَّ رَكِبْتُ إِلَى دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَافَيْتُ إِلَى بَابِ الرَّحْبَةِ الْخَارِجِ ، فَإِذَا بِرَجُلٍ دَحْدَاحٍ حَسَنِ الْوَجْهِ مُؤْتَزِرٍ بِإِزَارٍ ، مُتَرَدٍّ بِآخَرَ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ، فقَالَ : هَنَّأَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ النِّعْمَةَ وَكُلّ نِعْمَةٍ ، الْبُشْرَى أَنَا وَافِدُ أَهْلِ السَّنَدِ ، أَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِين بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَبَيْعَتِهِمْ ، فَمَا تَمَالَكْتُ سُرُورًا أَنْ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِهِ إِياي لِلانْصِرَافِ رَغْبَةً فِي أَنْ أُبَشِّرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْبُشْرَى ، فَمَا تَوَ سَّطْتُ الرَّحْبَةَ حَتَّى وَافَى رَجُلٌ فِي مِثْلِ لَوْنِهِ وَهَيْئَتِهِ ، وَقَرِيبُ الصُّورَةِ مِنْ صُورَتِهِ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ كَمَا سَلَّمَ عَلَيَّ الآخَرُ ، وَهَنَّأَنِي بِمِثْلِ تَهْنِئَتِهِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ وَافِدُ أَهْلِ إِفْرِيقِيَةِ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَتَضَاعَفَ سُرُورِي ، وَأَكْثَرْتُ مِنْ حَمْدِي عَلَى مَا وَفَّقَنِي لَهُ مِنَ الانْصِرَافِ ، ثُمَّ دَخَلْتُ الدَّارَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ كَانَ يَتَهَيَّأُ فِيهِ لِلصَّلاةِ ، وَكَانَ يَكُونُ فِيهِ سِوَاكُهُ ، وَتَسْرِيحُ لِحْيَتِهِ ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ ، فَابْتَدَأْتُ بِتَهْنِئَتِهِ وَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي رَأَيْتُ بِبَابِهِ رَجُلَيْنِ ، أَحَدَهُمَا وَافِدَ أَهْلِ السّنَدِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ زَمْعٌ ، وَقَالَ : الآخَرَ وَافِدَ أَهْلِ إِفْرِيقِيَةِ بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ! فَسَقَطَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، كُلُّ شَيْءٍ بَائِدٌ سِوَاهُ ، نَعَيْتُ وَاللَّهِ نَفْسِي ، حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ الإِمَامُ ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " أَنَّهُ يَقْدُمُ عَلَيَّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي مَدِينَتِي هَذِهِ وَافِدَانِ وَافِدُ السَّنَدِ ، وَالآخَرُ وَافِدُ إِفْرِيقِيَةِ ، بِسَمْعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَبَيْعَتِهِمْ ، فَلا يَمْضِي بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَتَّى أَمُوتَ " ، وَقَدْ أَتَانِي الْوَافِدَانِ ، فَأَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا عَمِّ فِي ابْنِ أَخِيكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : كَلا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقَالَ : بَلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَئِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا حَبِيبَةً إِلَيَّ ، فَصِحَّةُ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهَا ، وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ ، ثُمَّ نَهَضَ وَقَالَ لِي : لا تَرِمْ مِنْ مَكَانِكَ حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ ، فَمَا غَابَ حِينًا حَتَّى أَذَّنَهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الظُّهْرِ ، فَخَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ لَهُ فَأَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَالصَّلاةِ بِالنَّاسِ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، وَرَجَعْتُ إِلَى مَوْضِعِي حَتَّى آذَنَهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الْعَصْرِ ، فَخَرَجَ إِلَيَّ الْخَادِمِ فَأَمَرَنِي بِالصَّلاةِ بِالنَّاسِ وَالرُّجُوعِ إِلَى مَوْضِعِي ، فَفَعَلْتُ ثُمَّ آذَنَهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الْمَغْرِبِ ، فَخَرَجَ الْخَادِمُ إِلَيَّ فَأَمَرَنِي بِمِثْلِ مَا كَانَ أَمَرَنِي بِهِ فِي صَلاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، ثُمَّ عُدْتُ إِلَى مَكَانِي ، ثُمَّ آذَنَهُ الْمُؤَذِّنُونَ بِصَلاةِ الْعِشَاءِ فَخَرَجَ إِلَى الْخَادِمِ فَأَمَرَنِي بِمِثْلِ مَا كَانَ يَأْمُرُنِي بِهِ ، فَفَعَلْتُ مِثْلَ مَا كُنْتُ أَفْعَلُ ، وَلَمْ أَزَلْ مُقِيمًا بِمَكَانِي إِلَى أَنْ مَرَّ اللَّيْلُ ، وَوَجَبَتْ صَلاتُهُ ، فَقُمْتُ فَتَنَفَّلْتُ حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ صَلاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ ، إِلا بَقِيَّةً بَقِيَتْ مِنَ الْقُنُوتِ ، فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ وَمَعَهُ كِتَابٌ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ حِينَ سَلَّمْتُ ، فَإِذَا هُوَ مُعَنْوَنٌ مَخْتُومٌ مِنْ عِنْدِ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الرَّسُولِ وَالأَوْلِيَاءِ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ : يَا عَمِّ ارْكَبْ فِي غَدٍ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فِي الْمُصَلَّى ، وَانْحَرْ وَأَخْبِرْ بِعِلَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَكْثِرْ لُزُومَكَ دَارَهُ ، فَإِذَا قَضَى نَحْبَهُ فَاكْتُمْ وَفَاتَهُ حَتَّى يُقْرَأَ هَذَا الْكِتَابُ عَلَى النَّاسِ ، وَتَأْخُذَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لِلْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ ، فَإِذَا أَخَذْتَهَا وَاسْتَحْلَفْتَ النَّاسَ عَلَيْهَا بِمُؤَكِّدَاتِ الأَيْمَانِ ، فَانْعِ إِلَيْهِمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَجَهِّزْهُ وَتَوَلَّ الصَّلاةَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ انْصَرِفْ فِي حِفْظِ اللَّهِ وَتَأَهَّبْ لِرُكُوبِكَ . فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ وَجَدْتَ عِلَّةً ؟ قَالَ : يَا عَمِّ وَأَيُّ عِلَّةٍ هِيَ أَقْوَى وَأَصْدَقُ مِنَ الْخَبَرِ الصَّادِقِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ وَنَهَضْتُ ، فَمَا مَشَيْتُ إِلا خُطًى حَتَّى هَتَفَ بِي يَأْمَرنِي بِالرُّجُوعِ فَرَجَعْتُ ، وَقَالَ لِي : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْبَسَكَ كَمَالًا أَكْرَهُ أَنْ يَحُطَّكَ النَّاسُ فِيهِ ، وَكِتَابِي الَّذِي فِي يَدِكَ مَخْتُومٌ وَسَيَقُولُ مَنْ يَحْسُدُكَ عَلَى مَا جَرَى عَلَى يَدَيْكَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ الْجَلِيلِ أَنَّكَ إِنَّمَا وَفَّيْتَ لِلْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ لأَنَّ الْكِتَابَ كَانَ مَخْتُومًا وَقَدْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْكَ خَاتَمَهُ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَلْسِنَةَ الْحَسَدَةِ عَنْكَ ، فَخُذِ الْخَاتَمَ فَوَاللَّهِ لَتَفِيَنَّ لِلْمُسَمَّى فِي هَذَا الْكِتَابِ ، وَلَيَلِيَنَّ الْخِلافَةَ ، مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ وَانْصَرَفْتُ . وَتَأَهَّبْتُ لِلرُّكُوبِ ، فَرَكِبْتُ وَرَكِبَ مَعِي النَّاسُ ، حَتَّى صَلَّيْتُ بِأَهْلِ الْعَسْكَرِ ، وَنَحَرْتُ وَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ خَبَرِهِ ، فَقَالَ : خَبَرُ مَا بِهِ يَمُوتُ لا مَحَالَةَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ وَجَدْتَ شَيْئًا ؟ فَأَنْكَرَ عَلَيَّ قَوْلِي ، وَكَشَّرَ فِي وَجْهِي ، وَقَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَقُولُ لَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّهُ تموت ، فَتَسْأَلنِي عَمَّا أَجِدُ لا تَعُدْ لِمِثْلِ هَذَا الَّذِي كَانَ مِنْكَ . ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ عَشِيَّةَ يَوْمِ الْعِيدِ ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ مَنْ عَايَنَتْهُ عَيْنَايَ وَجْهًا ، فَرَأَيْتُهُ فِي تِلْكَ الْعَشِيَّةَ وَقَدْ حَدَثَتْ فِي وَجْهِهِ وَرْدِيَّةٌ لَمْ أَكُنْ أَعْهَدُهَا فَزَادَتْ وَجْهَهُ كَمَالًا ، ثُمَّ بَصَرْتُ بِإِحْدَى وَجْنَتَيْهِ فِي الْحُمْرَةِ حَبَّةً مِثْلَ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ بَيْضَاءَ ، فَارْتَبْتُ بِهَا ، ثُمَّ صَوَّبْتُ بِطَرَفِي إِلَى الْوَجْنَةِ الأُخْرَى فَوَجَدْتُ فِيهَا حَبَّةً أُخْرَى ، ثُمَّ أَعَدْتُ نَظَرِي إِلَى الْوَجْنَةِ الَّتِي عَايَنْتُهَا بَدْءًا فَرَأَيْتُ الْحَبَّةَ قَدْ صَارَتِ اثْنَتَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرَى الْحَبَّ يَزْدَادُ حَتَّى رَأَيْتُ فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ وَجْنَتَيْهِ مِقْدَارَ الدِّينَارِ حَبًّا أَبْيَضَ صِغَارًا ، فَانْصَرَفْتُ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ، وَغَلَّسْتُ غَدَاةَ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ هَجَرَ وَذَهَبْتُ عَنْهُ مَعْرِفَتِي وَمَعْرِفَةَ غَيْرِي ، فَرُحْتُ إِلَيْهِ بِالْعَشِيِّ فَوَجَدْتُهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الزِّقِّ الْمَنْفُوخِ ، وَتُوُفِّيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، فَسَجَّيْتُهُ كَمَا أَمَرَنِي ، وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ وَكَانَ فِيهِ : مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الرَّسُولِ وَالأَوْلِيَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ قَلَّدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْخِلافَةَ عَلَيْكُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَعْنِي أَخَاهُ ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا ، وَقَدْ قَلَّدَ الْخِلافَةَ مِنْ بَعْدُ ، عَبْدَ اللَّهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى ، إِنْ كَانَ . قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى : قَالَ لِي أَبِي : مَا نَزَلْتُ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى وَقَعَ الاخْتِلافُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي عِيسَى بْنِ مُوسَى ، إِنْ كَانَ ، فَقَالَ قَوْمٌ : أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَهَا ، مَوْضِعًا ، وَقَالَ آخَرُونَ : أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِنْ كَانَ هَذَا لا يَكُونُ ، ثُمَّ أَخَذْتُ الْبَيْعَةَ عَلَى النَّاسِ وَجَهَّزْتُهُ ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ وَدَفَنْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ . فَقَالَ الرَّشِيدُ : هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ ، مَا غَادَرَ إِسْحَاقُ مِنْ حَدِيثِ أَبِيهِ حَرْفًا وَاحِدًا فَاسْتَكْثِرُوا مِنَ الاسْتِمَاعِ مِنْهُ ، فَنِعْمَ حَامِلَ الْعِلْمِ هُوَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ | عبد الله بن الحنيفة الهاشمي / توفي في :98 | صدوق حسن الحديث |
إبْرَاهِيمُ الإِمَامُ | إبراهيم بن محمد العباسي | مجهول الحال |
أَبِي الْعَبَّاسِ | عبد الله بن محمد السفاح / ولد في :103 / توفي في :136 | مجهول الحال |
أَبِيهِ | عيسى بن علي القرشي / ولد في :84 / توفي في :164 | صدوق حسن الحديث |
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى | إسحاق بن عيسى الهاشمي | مجهول الحال |
لابْنِهِ | المأمون بن هارون الرشيد / ولد في :170 / توفي في :218 | مجهول الحال |
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ | محمد بن عبد الله الخزاعي | مجهول الحال |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ | عبد الله بن أبي أسعد الوراق / ولد في :197 / توفي في :274 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْكَاتِبُ | محمد بن سهل الكاتب / توفي في :325 | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ | أحمد بن محمد الجندي | ضعيف الحديث |
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلالُ | الحسن بن محمد العلوي | ثقة حافظ |