حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : " مِنَ السَّوَادِ مَا أُخِذَ عَنْوَةً , وَمِنْهُ مَا كَانَ صُلْحًا ، فَمَا كَانَ صُلْحًا فَهُوَ مَالُهُمْ ، وَمَا كَانَ عَنْوَةً فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَعَلَى تَأْوِيلِ مَذْهَبِ ابْنِ سِيرِينَ , وَمَالِكٍ : أَنَّهُ لا بَأْسَ بِشِرَى أَرْضِ الصُّلْحِ ، لأَنَّهُ مِلْكُهُمْ , وَكَذَا يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ , أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بِهِ بَأْسًا ، وَيَكْرَهُ شِرَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ , وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ أَيْضًا : أَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا , صَارَتْ أَرْضُوهُمْ أَرْضَ عُشْرٍ , لأَنَّهَا مِلْكُ أَيْمَانِهِمْ , وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَغَيْرُ هَذَا , أَخْبَرَنِي عَنْهُ مُحَمَّدٌ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ ، أَوِ اشْتَرَى أَرْضَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ ، فَإِنَّ الصُّلْحَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ , وَأَمَّا الَّذِي أَخْتَارُ أَنَا فَذَاكَ الْقَوْلُ ، أَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ , رُدَّتْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ ، فَكَانَتْ أَرَضُوهُمْ أَرْضَ عُشْرٍ , لأَنَّهُ شَرْطُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِهِ : " أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ : فَلَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ , وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ " ، فَإِنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ , أَلا تَرَى أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمْ , وَبَيْنَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِذَا أَسْلَمُوا ، فَكَذَلِكَ بِلادُهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجُ , مَا كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ , فَإِذَا أَسْلَمُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فَرْضُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الزَّكَاةِ وَكَانُوا كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |