باب كتب العهود التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه لاهل الصلح


تفسير

رقم الحديث : 434

وَهَذَا كِتَابُهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ثَقِيفٍ ، بِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ : إِنَّ عِضَاهَ وَجٍّ وَصَيْدَهُ لا يُعْضَدُ , وَلا يُقْتَلُ صَيْدُهُ ، فَمَنْ وُجِدَ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَتُنْزَعُ ثِيَابُهُ ، وَمَنْ تَعَدَّى ذَلِكَ , فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فَيُبَلِّغُ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ , وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ , بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ , فَلا يَتَعَدَّهُ أَحَدٌ ، فَيَظْلِمْ نَفْسَهُ فِي مَا أَمَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِثَقِيفٍ ، وَشَهِدَ عَلَى نُسْخَةِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ , صَحِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي كَتَبَ لِثَقِيفٍ , عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَكَتَبَ نُسْخَتَهَا لِمَكَانِ الشَّهَادَةِ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ : إِثْبَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , شَهَادَةَ الْحَسَنِ , وَالْحُسَيْنِ ، وَقَدْ كَانَ يُرْوَى مِثْلُ هَذَا , عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ، أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تُكْتَبُ ، وَيُسْتَنْسَبُونَ ، فَيُسْتَحْسَنُ ذَلِكَ , فَهُوَ الآنَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ : أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمْ شُرُوطًا عِنْدَ إِسْلامِهِمْ خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ النَّاسِ مِثْلَ تَحْرِيمِهِ وَادِيَهُمْ ، وَأَنْ لا يُعْبَرُ طَائِفُهُمْ ، وَلا يَدْخُلَهُ أَحَدٌ يَغْلِبُهُمْ عَلَيْهِ ، وَأَنْ لا يُؤَمَّرَ عَلَيْهِمْ إِلا بَعْضُهُمُ ، وَهَذَا مِمَّا قُلْتُ لَكَ : إِنَّ الإِمَامَ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ ، فَإِذَا خَافَ مِنْ عَدُوٍّ غَلَبَهُ لا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِمْ , إِلا بِعَطِيَّةٍ يَرُدُّهُمْ بِهَا فَعَلَ ، كَالَّذِي صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَحْزَابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا إِلا عَلَى شَيْءٍ يَجْعَلُهُ لَهُمْ ، وَكَانَ فِي إِسْلامِهِمْ عِزٌّ لِلإِسْلامِ ، وَلَمْ يَأْمَنْ مَعَرَّتَهُمْ , وَبَأْسَهُمْ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ لِيَتَأَلَّفَهُمْ بِهِ ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، إِلَى أَنْ يَرْغَبُوا فِي الإِسْلامِ وَتَحْسُنُ فِيهِ نِيَّتَهُمْ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْضٌ لِلْكِتَابِ وَلا لِلسُّنَّةِ ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ فِي مَا أَعْطَاهُمْ تَحْلِيلَ الرِّبَا , أَلا تَرَاهُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَهُمُ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ ؟ هَذَا وَإِنَّمَا كَانَ أَصْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَهُوَ إِذَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِي الإِسْلامِ أَشَدَّ تَحْرِيمًا وَأَحْرَى أَنْ لا يَجُوزَ ، وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ , أَنَّهُمْ كَانُوا سَأَلُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُسْلِمُوا عَلَى تَحْلِيلِ الزِّنَا , وَالرِّبَا , وَالْخَمْرِ ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ , ثُمَّ عَادُوا إِلَيْهِ رَاغِبِينَ فِي الإِسْلامِ ، فَكَتَبَ لَهُمْ هَذَا الْكِتَابَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.