حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَحْسِبُهُ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَى أَعْرَابِيٌّ عُمَرَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بِلادُنَا ، قَاتَلْنَا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَسْلَمْنَا عَلَيْهَا فِي الإِسْلامِ ، عَلامَ تَحْمِيهَا ؟ قَالَ : فَأَطْرَقَ عُمَرُ ، وَجَعَلَ يَنْفُخُ وَيَفْتِلُ شَارِبَهُ , وَكَانَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ فَتَلَ شَارِبَهُ وَنَفَخَ , فَلَمَّا رَأَى الأَعْرَابِيُّ مَا بِهِ ، جَعَلَ يُرَدِّدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ عُمَرُ " الْمَالُ مَالُ اللَّهِ ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَوْلا مَا أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , مَا حَمَيْتُ مِنَ الأَرْضِ شِبْرًا فِي شِبْرٍ " , قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُحْمَلُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الظَّهْرِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَحَمَى عُمَرُ لإِبِلِ الصَّدَقَةِ , وَلابْنِ السَّبِيلِ جَمِيعًا , وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَأْخُذُ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ الَّذِي فِي النَّقِيعِ ، قَالَ : السُّنَّةُ أَنْ يُحْمَى النَّقِيعُ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ ، إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ ، وَلا يُحْمَى لِغَيْرِهَا ، قِيلَ لَهُ : فَلإِبِلِ الصَّدَقَةِ ؟ قَالَ : لا وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَحَجَرْتُ الأَحْمَاءَ , وَأَمَّا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ , فَيُرْوَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ : قَدْ أُبِيحَتِ الأَحْمَاءُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يُحَدِّثُهُ الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ مَا كَانَ لِلَّهِ ، مِثْلُ مَا حَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمِثْلُ مَا حَمَى عُمَرُ ، يَقُولُ : هَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي الْحِمَى لِلَّهِ , فَإِلَى هَذَا انْتَهَى تَأْوِيلُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا فِي اشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ ، الَّذِي يَكُونُ عَامًّا ، وَتَأْوِيلُ اسْتِثْنَائِهِ فِي مَا يَكُونُ خَاصًّا , وَأَمَّا قَوْلُهُ : " لا يُمْنَعُ الْمَاءُ , لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلإِ " , فَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ عِنْدِي فِي الأَرْضِ الَّتِي لَهَا رَبٌّ وَمَالِكٌ ، وَيَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ الْعَدُّ الَّذِي وَصَفْنَاهُ ، وَالْكَلأُ الَّذِي تُنْبِتُهُ الأَرْضُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّفَ لَهَا رَبُّهَا لِذَلِكَ غَرْسًا وَلا بَذْرًا ، فَأَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ يَطِيبُ لِرَبِّهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ وَالْكَلإِ , وَإِنْ كَانَ مِلْكَ يَمِينِهِ إِلا قَدْرَ حَاجَتِهِ ، لِشَفَتِهِ ، وَمَاشِيَتِهِ ، وَسَقْيِ أَرْضِهِ ، ثُمَّ لا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ , وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ أَهْلَ الْمُلْكِ : ذِكْرُهُ فَضْلَ الْمَاءِ وَالكِلاء ، فَرَخَّصَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَيْلِ مَا لا غَنَاءَ لَهُ بِهِ عَنْهُ ، ثُمَّ حَظَرَ عَلَيْهِ مَنْعَ مَا سِوَى ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ , مَا كَانَ لِذِكْرِ الْفُضُولِ هَاهُنَا مَوْضِعٌ ، وَلَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ شَرْعًا سَوَاءً , وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ : أَنَّهُ سَأَلَهُ : مَا يُحْمَى مِنَ الأَرَاكِ ؟ فَقَالَ : مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ , فَلَيْسَ لِهَذَا وَجْهٌ , إِلا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ يَمْلِكُهَا ، وَلَوْلا الْمِلْكُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ شَيْئًا دُونَ النَّاسِ ، مَا نَالَتْهُ الإِبِلُ أَوْ لَمْ تَنَلْهُ ، فَلِهَذَا كَرِهَتِ الْعُلَمَاءُ ثَمَنَ الْكَلإِ وَالْمَاءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |