حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَأَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ عَنْتَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ : أَنَّهُ كَانَ " يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنْ أَصْحَابِ الإِبَرِ الإِبَرَ ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْمَسَالِّ الْمَسَالَّ ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْحِبَالِ الْحِبَالَ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَأَرَاهُمَا قَدْ رَخَّصَا فِي أَخْذِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ مَكَانَ الْجِزْيَةِ ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا الدَّرَاهِمُ , وَالدَّنَانِيرُ , وَالطَّعَامُ , وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُهُمَا فِي الدِّيَاتِ مِنَ الذَّهَبِ , وَالْوَرِقِ , وَالإِبِلِ , وَالْبَقَرِ , وَالْغَنَمِ , وَالْخَيْلِ ، إِنَّمَا أَرَادَا التَّسْهِيلَ عَلَى النَّاسِ ، فَجَعَلا عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا يُمْكِنُهُمْ , فَالصَّدَقَةُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا أَنَّ الأَسْنَانَ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ ، إِذَا لَمْ تُوجَدِ السِّنُّ الَّتِي تَجِبُ ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَمَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ سُفْيَانُ , لأَنَّ فِيهِ تَيْسِيرًا عَلَى الَّذِينَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ ، وَوَفَاءً لِلَّذِينَ تُؤْخَذُ لَهُمْ , فَهَذَا مَا جَاءَ فِي فَرَائِضِ الإِبِلِ إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا مَسَانَّ ، أَوْ خَالَطَتْهَا صِغَارُهَا مِنَ الْخِيرَانِ وَالسِّقَابِ ، فَإِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا لا مُسِنَّةَ فِيهَا ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَقْوَالا أَرْبَعَةً , قَالَ سُفْيَانُ : يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْكِبَارِ مِنَ الأَسْنَانِ ، إِلا أَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ ، وَبَيْنَ الرُّبَعِ أَوِ السَّقِيبِ الَّذِي وَجَبَ فِي الْمَالِ , وَقَالَ مَالِكٌ : يُؤْخَذُ مِنْهَا مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَسَانِّ مِنَ الأَسْنَانِ ، وَلا يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَضْلَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ , وَقَالَ غَيْرُهُمَا قَوْلا ثَالِثًا : أَنَّهُ لا صَدَقَةَ فِي الصِّغَارِ ، وَلا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا , وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنَّ فِيهَا وَاحِدَةً مِنْهَا , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِكُلٍّ مَذْهَبٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ ، فَأَمَّا سُفْيَانُ : فَنَرَاهُ أَرَادَ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمَاشِيَةِ ، كِبَارًا كَانَتْ أَوْ صِغَارًا ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ : لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهَا مِنَ الأَسْنَانِ دُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ ، فَتُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهَا بِنْتُ مَخَاضٍ ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ ، وَبَيْنَ الْحُوَارِ الَّذِي وَجَبَ ، فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ قَدْ أُخِذَتْ عَلَى فَرَائِضِهَا وَسُنَّتِهَا ، وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ الْفَضْلُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ , وَأَمَّا مَالِكٌ : فَحُجَّتُهُ أَنْ يَقُولَ : إِنَّ الإِبِلَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا الأَسْنَانُ الْجِلَّةُ مِثْلُ الثَّنِيَّةِ ، وَالرُّبَاعِيَّةِ ، وَالسَّدِيسِ ، وَالْبَازِلِ ، وَفَوْقَ ذَلِكَ ، فَلا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْ هَذِهِ الأَسْنَانِ الْعَالِيَةِ شَيْءٌ ، وَإِنَّمَا الْفَرَائِضُ دُونَهَا ، مِثْلُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ ، وَبَنَاتِ اللَّبُونِ ، وَالْحِقَاقِ ، وَالْجِذَاعِ , يَقُولُ : فَكَمَا يُعْفَى لَهُمْ عَنْ أَخْذِ تِلْكَ الْجِلَّةِ ، فَكَذَلِكَ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِمْ بِالْخِيرَانِ , وَالرِّبَاعِ , وَالسِّقَابِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسِنٌّ وَاحِدٌ , وَأَمَّا الَّذِي قَالَ : لا صَدَقَةَ فِيهَا ، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِإِبِلٍ ، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الصَّدَقَةُ فِي الإِبِلِ ، وَإِنَّمَا يُقَالَ لِهَذِهِ رِبَاعٌ ، وَفُصْلانٌ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَلا شَيْءَ فِيهَا , وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ : فِيهَا وَاحِدَةٌ ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ حَوَاشِي الأَمْوَالِ لا مِنْ خِيَارِهَا ، فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهَا أَعْلَى مِنَ الأَسْنَانِ الَّتِي يَمْلِكُ ؟ , يَقُولُ : فَإِذَا أَخَذَ الْمُصَدِّقُ وَاحِدَةً مِنْ عَرْضِهَا لَيْسَتْ بِأَحْسَنِ الْمَالِ , فَقَدِ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ، أَوْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ مَقَالَ ، إِلا أَنَّ أَشْبَهَهَا بِتَأْوِيلِ كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَسُنَّتِهِ فِي الصَّدَقَةِ عِنْدِي قَوْلُ مَالِكٍ , وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَضَ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ وَذَكَرَ أَسْنَانَهَا ، قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ قَدْ تَكُونُ جِلَّةً وَصِغَارًا ، فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ ، وَلا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَنَّهُمْ خَصُّوا مِنْهَا كَبِيرًا دُونَ صَغِيرٍ ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالْعُمُومِ لِحِلَّتِهَا ، فَقَالَ : فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ , أَوِ الذَّوْدِ شَاةٌ ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ شَاتَانِ , ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا ، فَإِذَا جَاءَتِ السُّنَّةُ عَامَّةً لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ شَيْئًا مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ ، إِلا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ , كَالَّذِي جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي الْعَرَايَا حِينَ اسْتَثْنَاهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ ، فَأَرْخَصَ فِيهَا , وَكَمَا خَصَّ الْحَائِضَ بِالنَّفْرِ فِي حَجِّهَا , قَبْلَ تَوْدِيعِ الْبَيْتِ دُونَ النَّاسِ , وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يُضَحَّى بِهِ خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ ، وَأَشْبَاهٌ لِهَذَا فِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ ، وَإِنَّمَا نَخُصُّ مَا خَصَّتْ ، وَنَعُمُّ مَا عَمَّتْ ، مَعَ أَنَّ الإِبِلَ فِي كَلامِ الْعَرَبِ : اسْمٌ شَامِلٌ يَجْمَعُ صِغَارَهَا وَمَسَانَّهَا ، كَمَا أَنَّ النَّاسَ : اسْمٌ لِبَنِي آدَمَ يَشْمَلُ أَطْفَالَهُمْ وَرِجَالَهُمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الأَنْعَامَ ، فَسَوَّى بَيْنَ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا ، فَسَمَّاهَا جَمِيعًا نَعَمًا ، فَقَالَ : وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا سورة الأنعام آية 142 .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيٍّ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |