باب صدقة مال العبد والمكاتب وما يجب عليهما منها وما لا يجب


تفسير

رقم الحديث : 969

قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، كُلُّهُمْ , عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا , وَلَهُ مَالٌ ، فَمَالُهُ لَهُ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ مَالَهُ ، فَيَكُونَ لَهُ " , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَلا تَرَى أَنَّ سُنَّةَ مِلْكِ الْعَبْدِ مُفَارِقَةٌ لِمِلْكِ الأَحْرَارِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّ مُسَلَّطٌ عَلَى مَالِهِ , بِالاسْتِهْلاكِ , وَالإِتْلافِ مِنَ الْعِتَاقِ ، وَالْهِبَةِ ، وَالصَّدَقَةِ , مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَجْرٌ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ؟ وَقَدْ أَنْكَرَ مَذْهَبَنَا نَاسٌ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالُوا : لا يُعَدُّ هَذَا مِلْكًا ، إِذَا كَانَ لا سَبِيلَ لَهُ إِلَى هَلَكَتِهِ كَالْحُرِّ , فَقُلْنَا : هَذِهِ حُجَّةٌ ، لَوْ كَانَتْ أَحْكَامُ الْمَمَالِيكِ كُلُّهَا لاحِقَةً بِأَحْكَامِ الأَحْرَارِ ، كَانَ لَكُمْ أَنْ تُشَبِّهُوا حُكْمَهُ فِي مِلْكِ الْمَالِ بِهَا ، وَلَكِنَّا رَأَيْنَا أَحْكَامَ الْفَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَةً مُتَبَايِنَةً ، أَلا تَرَوْنَ أَنَّ الْعَبْدَ لا يَنْكِحُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا اثْنَتَيْنِ ، وَأَنَّ الأَمَةَ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بِتَطْلِيقَتَيْنِ ، وَتَعْتَدُّ مِنَ الطَّلاقِ بِحَيْضَتَيْنِ ، أَوْ شَهْرًا وَنِصْفًا ، وَمِنَ الْوَفَاةِ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ ، وَيَكُونُ الإِيلاءُ مِنْهَا شَهْرَيْنِ ، وَأَنَّهُمَا لا يُجْلَدَانِ فِي الزِّنَا إِلا خَمْسِينَ جَلْدَةً ، وَفِي الْفِرْيَةِ إِلا أَرْبَعِينَ سَوْطًا ، فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَقَصَ فِيهَا الْمَمَالِيكُ عَنْ مَرَاتِبِ الأَحْرَارِ مِنَ الْمَوَارِيثِ ، وَالْفَيْءِ ، وَالْمَغْنَمِ وَالشَّهَادَاتِ ، وَالإِقْرَارِ بِالدُّيُونِ ، وَوُجُوبِ الْحَجِّ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَلِمَ قَصَرَتْ أُمُورُ هَؤُلاءِ عَنْ مَبْلَغِ تِلْكَ ؟ قَالُوا : لأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْمَمَالِيكِ أَنْ تَكُونَ أَنْقَصَ مِنْ سُنَنِ الأَحْرَارِ , قُلْنَا : فَكَذَلِكَ مِلْكُهُمْ لِلْمَالِ أَيْضًا ، سُنَّةُ مِلْكِهِمْ أَنْقَصُ مِنْ سُنَّةِ مِلْكِ الأَحْرَارِ ، إِلا أَنَّهُ لا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا ، وَلَكِنَّهُ مِلْكُ مَصْلَحَةٍ وَتَوْفِيرٍ ، وَلَيْسَ بِمِلْكٍ مُهْلِكُهُ قَوِيُّ ، فَإِذَا وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ مَالا , فَهُوَ لَهُ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي جَعَلَتْهُ لَهُ السُّنَّةُ ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ أَوْ يَبِيعَهُ ، فَيَزُولَ حِينَئِذٍ مِلْكُهُ عَنْهُ ، وَيَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ , فَاخْتَلَفَ مِلْكُ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِي الْمَالِ , كَمَا اخْتَلَفَتْ أُمُورُهُمَا وَسُنَّتُهُمَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا , نَقُولُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلأَصْحَابِهِ ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَتْ خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ كَانَتْ أَحْرَى , أَنْ يُتَمَسَّكَ بِهَا وَتُتَبَّعَ فِي حُكْمِ الْعَبِيدِ مِنْ مِلْكِهِمُ الأَمْوَالَ ، وَذَلِكَ أَنَّا لا نَعْلَمُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ الْمَمَالِيكِ ، وَلا حُفِظَ عَنْهُ فِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِمْ ، سِوَى سُنَّتِهِ فِي الْمَالِ ، وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى بِالاتِّبَاعِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ مَا جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُثْبَتًا مَحْفُوظًا ، أَوْ مَا جَاءَ عَمَّنْ سِوَاهُ ، وَإِنْ كَانُوا أَئِمَّةَ هُدًى يُقْتَدَى بِهِمْ ؟ ! فَأَمَّا الَّذِي عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ , أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ مِنَ الأَقْوَالِ مَا قَالَهُ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ ، حِينَ نَسَبَ الْمَالَ إِلَى الْعَبْدِ ، وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ لَهُ إِذَا عَتَقَ ، وَفِي إِجَابَتِهِ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ ، وَفِي قَبُولِهِ الْهَدِيَّةَ مِنْ سَلْمَانَ ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ ، فَكُلُّ هَذَا يُثْبِتُ مَا قُلْنَا , فَنَحْنُ نَقُولُ بِسُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَالِ الْعَبْدِ ، ثُمَّ نَصِيرُ إِلَى مَا أَفْتَى بِهِ الصَّالِحُونَ بَعْدُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ ، فَنَحْنُ لَهُ وَلَهُمْ مُتَّبِعُونَ فِي كُلِّ مَا أَتَانَا عَنْهُمْ , وَمِمَّا يُثْبِتُ لَهُ مَالَهُ أَيْضًا مَا أَرْخَصُوا فِيهِ مِنْ تَسَرِّيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْفُوظٌ عَنْ عِدَّةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، فَمِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالْحَسَنُ ، وَغَيْرُهُمْ ، مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ رَأَى الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ وَاجِبَةً " .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عُمَرَ

صحابي

نَافِعٍ

ثقة ثبت مشهور

بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ

ثقة

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ

ثقة

اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ

ثقة ثبت فقيه إمام مشهور

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ

مقبول

وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ

ثقة

سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

ثقة ثبت