باب قسم الصدقة في بلدها وحملها الى بلد سواه ومن اولى بان يبدا به منها


تفسير

رقم الحديث : 1234

وَمِثْلُ ذَلِكَ , أَوْ نَحْوُهُ قَوْلُهُ لِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ ، وَقَالَتْ لَهُ : إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ ، أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ ؟ , فَقَالَ : " خُذِي مَا يَكْفِيكِ , وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ " , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُهُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَهَؤُلاءِ الأَهْلُ وَالْوَلَدُ ، وَكَذَلِكَ الْوَالِدَانِ إِذَا كَانَا ذَوَيْ خَلَّةٍ وَفَاقَةٍ ، فَعَلَى وَلَدِهِمَا الْمُوسِرِ أَنْ يَعُولَهُمَا كَعَوْلِهِ وَلَدَهُ وَأَهْلَهُ ، بِسُنَّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهِيَ قَوْلُهُ : " إِنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ " , وَالْحَدِيثُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ تَخْصِيصٍ , فَهَذِهِ السُّنَنُ هِيَ الْفَاصِلَةُ عِنْدَنَا بَيْنَ عِيَالِ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ عَوْلُهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَهُمُ الْوَالِدَانِ ، وَالْوَلَدُ ، وَالزَّوْجَةُ ، وَالْمَمْلُوكُ ، فَهَؤُلاءِ لا حَظَّ لَهُمْ فِي زَكَاتِهِ ، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ مِنْهَا كَانَتْ غَيْرَ قَاضِيَةٍ عَنْهُ , مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُ فِي مَالِهِ بِالْحُقُوقِ الَّتِي أَلْزَمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ لَهُمْ سِوَى الزَّكَاةِ ، ثُمَّ جَعَلَ الزَّكَاةَ فَرْضًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَإِذَا صَرَفَهَا إِلَى هَؤُلاءِ كَانَ قَدْ جَعَلَ حَقًّا وَاحِدًا يُجْزِي عَنْ فَرْضَيْنِ ، وَهَذَا لا جَائِزٌ وَلا وَاسِعٌ , فَلِهَذَا صَارَ هَؤُلاءِ خَارِجِينَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا ، فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ جَمِيعِ ذَوِي الرَّحِمِ وَغَيْرِهِمْ ، فَلَيْسَ عَوْلُهُ فِي الأَصْلِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ , وَلا السُّنَّةِ , وَبِهَذَا يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ , وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ , فَيَقُولُونَ غَيْرَ ذَلِكَ الْقَوْلِ ، يَقُولُونَ , أَوْ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ : يُجْبَرُ ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمُ عَلَى نَفَقَةِ ذِي رَحِمِهِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَالْقَوْلُ عِنْدِي هُوَ الأَوَّلُ ، وَلِهَذَا صَارَ إِعْطَاؤُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ جَازِيًا عَنِ الْمُعْطِي ، إِذَا كَانُوا لَهَا مَوْضِعًا ، بَلْ هُوَ الْمُحْسِنُ الْمُجْمِلُ فِي ذَلِكَ , لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ، وَهِيَ لِذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ : صَدَقَةٌ ، وَصِلَةٌ " , فَلَمْ يَشْتَرِطْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَافِلَةً , وَلا فَرِيضَةً , فَهَذَا عِنْدِي هُوَ الأَصْلُ ، وَلَسْتُ أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَكُونَ ذُو الْمَالِ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ , وَلا غَيْرَ مَحْكُومٍ ، وَلا إِلَى أَنْ يَكُونُوا مَضْمُومِينَ إِلَى عِيَالِهِ بِأَبْدَانِهِمْ , أَوْ غَيْرَ مَضْمُومِينَ ، إِنَّمَا نَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ , أَلا تَرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تُعْطِيَ بَنِي أَخِيهَا مِنْ زَكَاتِهَا ، وَهِيَ تُخْبِرُهُ أَنَّهُمْ فِي حِجْرِهَا ، فَهَلْ يَكُونُ مِنَ الضَّمِّ أَكْثَرُ مِنَ التَّرْبِيَةِ فِي الْحُجُورِ ؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : يَتِيمِي وَذُو فَاقَتِي , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَالَّذِي يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ لَهُ قَرِيبٌ ، أَوْ حَمِيمٌ ، ذُو حَاجَةٍ وَخَلَّةٍ ، وَلَيْسَ هُوَ مَعَ هَذَا مِمَّنْ عَوْلُهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ ، فَحَضَرَتْهُ نِيَّةٌ فِي ضَمِّهِ إِيَّاهُ إِلَى نَفْسِهِ ، وَخَلْطِهِ بِعِيَالِهِ تَطَوُّعًا ، ثُمَّ إِنَّ نِيَّتَهُ حَالَتْ عَنْ ذَلِكَ ، وَصَارَ إِلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ نَفَقَتِهِ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ الأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَى أَنْ يُنِيلَهُ مِنْ زَكَاتِهِ ، كَمَا يَفْعَلُهُ بِالأَجْنَبِيِّ ، فَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا فِي مَا أَعْلَمُهُ مُجْزِيهِ ، بَلْ قَرِيبُهُ أَسْعَدُ بِزَكَاتِهِ وَأَوْلَى فِيهَا مِنَ الْبَعِيدِ , لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ، وَهِيَ لِذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ : صَدَقَةٌ ، وَصِلَةٌ " , مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ إِجَازَةِ مَنْ أَجَازَ مِنَ الصَّحَابَةِ , وَالتَّابِعِينَ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.