باب ما روي في تحريم المتعة مما سوى ما تقدم ذكره


تفسير

رقم الحديث : 23

وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ " وَهِذِهِ أَيْضًا نُصُوصٌ تُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى صِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهَا ، وَتَحْرِيمِهَا . اعْتَرَضُوا عَلَى جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِاعْتِرَاضٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ اسْتِدْلَالِنَا مِنْهَا ، وَهُوَ أَنْ قَالُوا : رَوَيْتُمْ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا عَامَ خَيْبَرَ ، وَفِي حَدِيثِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَرُوِيَ عَامَ الْفَتْحِ ، وَكَانَ عَامُ خَيْبَرَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَحِجَّةُ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ ، وَالْفَتْحُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ ، وَهَذَا اضْطِرَابٌ يَمْنَعُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهَا ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهُمَا : أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِ التَّحْرِيمِ ، مَعَ الاتِّفَاقِ عَلَى التَّحْرِيمِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّتِهِ ، لِأَنَّ الْجَمِيعَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى التَّحْرِيمِ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَجَبَ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ الَّذِي اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَضُرَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ خِلَافِ الزَّمَانِ ، كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ ، أَنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَ مِائَةٍ ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَلْفٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعَ مِائَةٍ ، تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يَضُرَّ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الزَّمَانِ ، كَذِلِكَ هَاهُنَا . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْعَامِ الَّذِي حَرَّمَهَا فِيهِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَهْلِ بِوَقْتِ التَّحْرِيمِ ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ إِثْبَاتِ التَّحْرِيمِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ نَقَلَا التَّحْرِيمَ ، وَلَمْ يَنْقُلَا وَقْتَ التَّحْرِيمِ ، وَقَالَا : نَسِينَا وَقْتَ التَّحْرِيمِ ، لَكَانَ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ وَاجِبًا ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ نَقَلَا حُكْمًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُلٍ ، وَاخْتَلَفَا فِي اسْمِهِ أَوْ فِي وَقْتِهِ ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ ، وَقَدْ وُجِدَ مِثْلُ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ ، فَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ : فَاطِمَةُ بِنْتُ حُبَيْشٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِي خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ ، فَقِيلَ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ ، وَقِيلَ : مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْخَبَرُ وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا حَقًّا وَصِدْقًا ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صِدْقًا دُونَ الْآخَرِ ، أَوْ يَكُونَا جَمِيعًا كَذِبًا ، وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَا مَعًا كَذِبًا ، لِصَدْقِ الرُّوَاةِ لَهُمَا ، وَصِحَّةِ طُرُقِهِمَا ، وَمَعْرِفَةِ الْعُلَمَاءِ بِهِمَا ، وَاسْتِقَامَةِ إِسْنَادِهِمَا ، وَاتِّصَالِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَطَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَذِبًا لِهَذَا الدَّلِيلِ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا صِدْقًا وَحَقًّا ، وَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ تَقَدُّمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، فَيَكُونُ نَاسِخًا لَهُ وَلَا مُبْطِلًا ، بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لَهُ وَتَقْوِيَةٌ لَهُ ، وَزِيَادَةُ دَلِيلٍ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ ، وَتَصْحِيحٌ لَهُ ، وَإِبْطَالٌ لِمَا خَالَفَهُ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا عَامَ خَيْبَرَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ ، أَوْ عَامَ الْفَتْحِ لِحَاجَةٍ كَانَتْ بِهِمْ إِلَيْهَا ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ حَرَّمَهَا بَعَدَ ذَلِكَ ، فَتَكُونُ رِوَايَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَرِوَايَةُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ حَقًّا وَصَوَابًا ، وَلَا يَمْتَنِعُ إِبَاحَةُ الشَّيْءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَنَسْخُهُ عِنْدَ الْغَنَاءِ عَنْهُ ، وَثُبُوتُ النَّاسِخِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ تَرْكَ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِنْزَالٌ ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ " أَيْ : الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ عِنْدَ إِنْزَالِ الْمَاءِ ، وَكَانَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ لَهُمْ إِلَيْهِ ، وَعَدَمِ إِمْكَانِ الْغُسْلِ لَهُمْ بِهِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْحَاجَةِ ، وَكَثْرَةِ الْكِسْوَةِ ، وَعَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ لِقِلَّةِ الْكِسْوَةِ ، فَقَالَ : " إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ " ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ هُوَ الْغُسْلُ ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ هَذَا يَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ بَيَانِهَا ، فَكَذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِثْلُهُ ، وَأَنَا أَذْكُرُ صِحَّةَ نَسْخِهَا ، وَالنَّصَّ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَبَيَانَ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهَا ، وَتَحْرِيمَ ذَلِكَ بَعْدَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَجَوَابٌ آخَرُ : فِي التَّعْلِيقِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّحْرِيمِ كَانَ بِخَيْبَرَ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّحْرِيمِ بِمَكَّةَ ، فَهُوَ إِخْبَارٌ عَنِ التَّحْرِيمِ الْمُتَقَدِّمِ ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَحْرِيمٍ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا بِالتَّحْرِيمِ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْكُفْرِ عَامَ خَيْبَرَ ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ ، وَأَسْلَمُوا ، أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي كَانَ جَائِزًا عِنْدَهُمْ وَعِنْدَهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ حُرِّمَ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ ، وَأَنَّهُ مُحَرَّمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
جَدِّهِ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ

ضعيف الحديث

يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

ثقة

عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ

ثقة حافظ

أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَصْرِيُّ

ثقة

أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.