باب ذكر ما ورد في تحريم المتعة من القياس والاستدلال


تفسير

رقم الحديث : 77

وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ ، أَنَّ الْيَمَانَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ ، أَخْبَرَهُ فِيمَا أَجَازَ لَهُ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَطَّابُ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ مُغِيثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ، يَقُولُ : " كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَخْتَصِيَ ، فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِلَى أَجَلٍ بِالشَّيْءِ " قَالَ الْمُخَالِفُ : وَهَذَا نَصٌّ أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مُبَاحَةً جَائِزَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ حَرَّمَ ذَلِكَ ، احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ ، لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا قَدْ أُبِيحَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ كَانَتْ مُدَّةً مَخْصُوصَةً ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ ، وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ ، لُعُذْرٍ مَخْصُوصٍ ، وَهُوَ الْحَاجَةُ ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى النِّسَاءِ فِي الْمَغَازِي ، وَمَا كَانَ مُبَاحًا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ لَا تَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ لِكُلِّ حَالٍ ، وَالْمُخَالِفُ يُبِيحُ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلِيلٌ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ ثَبَتَ مَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُ مِنَ النَّسْخِ الصَّرِيحِ ، وَتَأْكِيدِهِ بِالتَّحْرِيمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّأْكِيدِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، مُتَأَخِّرٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا مِنَ الْغَزَوَاتِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ فِيهِ ، وَيَضْطَرُّونَ إِلَى ذَلِكَ ، وَأَخْبَارُهُمْ مُتَقَدِمَةٌ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَالَةِ ضَرُورَةٍ فِي الْغَزَوَاتِ ، وَهِيَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَحِجَّةِ الْوَدَاعِ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَاجُوا بَعْدَهُمَا إِلَى مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَهُمَا مِنَ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ ، بَلِ انْقَادَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَالْآخَرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَضَى بِهِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُ . وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ أُكِدَّ التَّحْرِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا زَائِدَةٌ ، لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ التَّحْرِيمِ ، وَتَأْكِيدَهُ ، وَتَأْبِيدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَخْبَارُهُمْ نَاقِصَةٌ ، وَالْأَخْذُ بِالزَائِدِ أَوَّلَى . وَجَوَابٌ آخَرُ : هُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا مُقَيَّدَةٌ بِزَمَانٍ وَأَخْبَارَهُمْ مُطْلَقَةٌ ، فَكَانَ الْأَخْذُ بِالْمُقَيَّدِ الَّذِي يُفِيدُ النَّسْخَ أَوْلَى . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا نَاقِلَةٌ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَبَعْضِ الْإِسْلَامِ ، وَأَخْبَارَهُمْ مُتَبَقِّيَةٌ عَلَى الْأَصْلِ ، فَكَانَ النَّاقِلُ أَوْلَى كَمَا قُلْنَا فِي نَظَائِرَ ذَلِكَ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ أَخْبَارِنَا عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْبَارُهُمْ ، وَمَا وَافَقَهُ عَمَلُ الصَّحَابَةِ كَانَ أَوْلَى ، لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِالتَّأْوِيلِ وَالْأَحْكَامِ ، فَكَانَتْ أَخْبَارُنَا أَوْلَى . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لِأَخْبَارِنَا التَّرْجِيحُ ، كَمَا ذَكَرْنَا لَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى ، لِأَنَّهَا حَاظِرَةٌ وَأَخْبَارُهُمْ مُبِيحَةٌ ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْحَظَرُ وَالْإِبَاحَةُ قُدِّمَ الْحَظَرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ ، أَوْ شَاةٌ مُذَكَّاةٌ بِمَيْتَةٍ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ الْأَخْذَ بِأَخْبَارِنَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ ، وَأَبْعَدُ مِنَ الْخَطَرِ وَارْتِكَابِ الْفَاحِشَةِ ، وَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالصَّحَابَةُ زِنًا وَبَغْيًا وَسِفَاحًا ، وَالْوَرَعُ ، وَالْعَقْلُ ، وَالدِّينُ تَشْهَدُ لَهُ ، لِمُخَالَفَتِهِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِسَائِرِ الْأُصُولِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا ، فَكَانَ الْأَخْذُ بِأَخْبَارِنَا لِجَمِيعِ الْوُجُوهِ أَوْلَى . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا نُقِلَ فِيهَا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُبَاشَرَةُ التَّحْرِيمِ بِنَفْسِهِ ، وَإِفَاضَةُ ذَلِكَ إِفَاضَةً شَائِعَةً عَامَّةً عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ ، وَمَجْمَعِ الْمَوْسِمِ ، نَاصِبًا نَفْسَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ أُمُورَ دِينِهِمْ مُوَدِعًا لَهُمْ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْبَارُهُمْ ، فَكَانَتْ أَخْبَارُنَا أَوْلَى بِالْأَخْذِ ، وَبِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا مِنْهَا . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا بِلَفْظِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَخْبَارَهُمْ عَنْ مُنَاوَلَةٍ ، وَلَفْظٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْلَى . وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ مَا أُبِيحَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ حَرَّمَهُ بَعَدَ ذَلِكَ وَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ تَحْرِيمِهِ كَالْخَمْرِ فَصْلٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنَ مَسْعُودٍ

صحابي

قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ

ثقة

إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ

ثقة ثبت

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ

ثقة حافظ حجة

الشَّافِعِيُّ

المجدد لأمر الدين على رأس المائتين

الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ

ثقة

مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ مُغِيثٍ

مجهول الحال

عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَطَّابُ

مجهول الحال

الْيَمَانَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ

مجهول الحال

أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.