وقد جاء في صفة النبي عليه الصلاة والسلام من الاحاديث الطوال ما يشتمل على اكثر من هذه...


تفسير

رقم الحديث : 1913

فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُؤَذِّنُ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ النَّسَوِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ، أَنْبَأَنَا صُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرْغَانِيُّ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَتْ مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَامَتِهِ ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ ، وَلا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ ، وَلا الْمُشَذَّبِ الذَّاهِبِ ، وَالْمُشَذَّبُ الطول نَفْسُهُ إِلا أَنَّهُ الْمُخَفَّفُ . وَلَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلَى الرَّبْعَةِ إِذَا مَشَى وَحْدَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى حَالٍ يُمَاشِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ إِلا طَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام ، وَلَرُبَّمَا اكْتَنَفَهُ الرَّجُلانِ الطَّوِيلانِ فَيَطُولُهُمَا ، فَإِذَا فَارَقَاهُ نُسِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّبْعَةِ ، وَيَقُولُ : " نُسِبَ الْخَيْرُ كُلُّهُ إِلَى الرَّبْعَةِ " . وَكَانَ لَوْنُهُ لَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ : وَالأَمْهَقُ : الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ الَّذِي يَضْرِبُ بَيَاضُهُ الشُّهْبَةَ . وَلَمْ يَكُنْ بِالآدَمِ ، وَكَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ ، وَالأَزْهَرُ الأَبْيَضُ النَّاصِحُ الْبَيَاضِ ، الَّذِي لا يَشُوبُهُ حُمْرَةٌ وَلا صُفْرَةٌ وَلا شَيْءَ مِنَ الأَلْوَانِ . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْتَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِيَّاهُ فِي لَوْنِهِ حَيْثُ يَقُولُ : وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثُمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ وَيَقُولُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ : هَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ نَعَتَهُ بَعْضُ مَنْ نَعَتَهُ بِأَنَّهُ كَانَ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ ، وَقَدْ صَدَقَ مَنْ نَعَتَهُ بِذَلِكَ . وَلَكِنْ إِنَّمَا كَانَ الْمُشْرَبُ مِنْهُ حُمْرَةَ مَا ضَحَا لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ ، فَقَدْ كَانَ بَيَاضُهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ أُشْرِبَ حُمْرَةً ، وَمَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَهُوَ الأَبْيَضُ الأَزْهَرُ لا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ أَزْهَرُ ، فَعَنَى مَا تَحْتَ الثِّيَابِ ، فَقَدْ أَصَابَ . وَمَنْ نَعَتَ مَا ضَحَى الشَّمْسُ وَالرِّيَاحُ بِأَنَّهُ أَزْهَرُ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ ، فَقَدْ أَصَابَ ، وَلَوْنُهُ الَّذِي لا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ الأَبْيَضُ الأَزْهَرُ ، وَإِنَّمَا الْحُمْرَةُ مِنْ قِبَلِ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ . وَكَانَ عَرَقُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ ، وَكَانَ رَجِلَ الشَّعْرِ حَسَنًا لَيْسَ بِالسَّبِطِ ، وَلا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ ، كَانَ إِذَا مَشَطَهُ بِالْمُشْطِ كَأَنَّهُ حُبُكُ الرَّمْلِ أَوْ كَأَنَّهُ الْمُتُونُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْغُدْرَانِ إِذَا سَفَّتْهَا الرِّيَاحُ ، فَإِذَا مَكَثَ لَمْ يُرَجَّلْ أَخَذَ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَتَحَلَّقَ حَتَّى يَكُونَ مُتَحَلِّقًا كالْخَوَاتِيمِ ، كَانَ أَوَّلُ أَمْرِهِ قَدْ سَدَلَ نَاصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَمَا تُسْدَلُ نَوَاصِي الْخَيْلِ ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِالْفَرْقِ ، فَفَرَقَ . فَكَانَ شَعْرُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كَانَ يَضْرِبُ شَعْرُهُ مَنْكِبَيْهِ ، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ . وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ رُبَّمَا جَعَلَهُ غَدَائِرَ أَرْبَعًا تَخْرُجُ الأُذُنُ الْيُمْنَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا ، وَتَخْرُجُ الأُذُنُ الْيُسْرَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا ، وَتَخْرُجُ الأُذُنَانِ بِبَيَاضِهَا مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْغَدَائِرِ كَأَنَّهُمَا تُوَقُّدُ الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ بَيْنَ سَوَادِ شَعْرِهِ ، وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي الرَّأْسِ فِي فَوْدَيْ رَأْسِهِ . وَالْفَوْدَانِ : حَرْفَا الْفَرْقِ ، وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي لِحْيَتِهِ ، فَوْقَ الذَّقَنِ . وَكَانَ شَيْبُهُ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الْفِضَّةِ يَتَلأْلأُ بَيْنَ ظَهْرَيْ سَوَادِ الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ ، فَإِذَا مَسَّ ذَلِكَ الشَّيْبَ الصُّفْرَةُ ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ صَارَ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الذَّهَبِ يَتَلأْلأُ بَيْنَ ظَهْرَيْ سَوَادِ الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ . وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا ، وَأَنْوَرَهُمْ لَوْنًا ، لَمْ يَصِفْهُ وَاصِفٌ قَطُّ بَلَغَتْنَا صِفَتُهُ إِلا شَبَّهَ وَجْهَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ . وَلَقَدْ كَانَ يَقُولُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَقُولُ : لَرُبَّمَا نَظَرْنَا إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، فَيَقُولُ : هُوَ أَحْسَنُ فِي أَعْيُنِنَا مِنَ الْقَمَرِ . أَزْهَرُ اللَّوْنِ : نَيِّرُ الْوَجْهِ ، يَتَلأْلأُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ . يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ فِي سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَوْ سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ الْمِرْآةُ كَأَنَّمَا الدُّرُ تَلاحَكَ وَجْهَهُ ، وَإِذَا غَضِبَ يَكُونُ وَجْهُهُ ذَا حُمْرَةٍ ، وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ . وَقَالُوا : وَكَانُوا يَقُولُونَ : هُوَ صلى الله عليه وسلم كَمَا وَصَفَهُ صَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : أَمِينٌ مُصْطَفًى لِلْخَيْرِ يَدْعُو كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلَهُ الظَّلامُ يَقُولُونَ كَذَلِكَ كَانَ . وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، يَقُولُ : كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى حَيْثُ يَقُولُ لِهَرِمِ بْنِ سِنَانٍ : لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ كُنْتَ الْمُضِيءَ لِلَيْلَةِ الْبَدْرِ فَيَقُولُ عُمَرُ وَمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ غَيْرُهُ . وَكَذَلِكَ قَالَتْ عَمَّتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَمَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا ، فَجَزِعَتْ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَانْبَعَثَتْ تَقُولُ : عَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ عَلَى الْمُرْتَضَى كَالْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ عَلَى الْمُرْتَضَى وَالْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى وَالدِّينِ وَالدُّنْيَا بِهِيمِ الْمَعَالِمِ عَلَى الصَّادِقِ الْمَيْمُونِ ذُو الْحِلْمِ وَالنُّهَى وَذُو الْفَضْلِ وَالدَّاعِي بِخَيْرِ التَّرَاحُمِ وَأَنْشَدَتْ ثَانِيًا تَقُولُ حِينَ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ : عَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ عَلَى الْمُرْتَضَى كَالْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ عَلَى الْمُرْتَضَى الْبِرُّ وَالْعَدْلُ وَالتُّقَى وَالدِّينُ وَالدُّنْيَا بَهِيمُ الْمَعَالِمِ عَلَى الصَّادِقِ الْمَيْمُونِ ذُو الْحِلْمِ وَالنُّهَى وَذُو الْفَضْلِ وَالدَّاعِي بِخَيْرِ التَّرَاحُمِ شَبَّهَتْهُ بِالْبَدْرِ ، وَنَعَتَتْهُ بِهَذَا النَّعْتِ ، وَوَقَعَتْ فِي النُّفُوسِ كَمَا أَلْقَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ فِي الصُّدُورِ . وَلَقَدْ نَعَتَتْهُ ، وَإِنَّهَا لَعَلَى دِينِ قَوْمِهَا . وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْلَى الْجَبِينِ ، إِذَا طَلَعَ جَبِينُهُ مِنْ بَيْنِ الشَّعَرِ ، إِذَا طَلَعَ فِي فَلَقِ الصُّبْحِ أَوْ عِنْدَ طَفَلِ اللَّيْلِ ، أَوْ طَلَعَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ تَرَاءَوْا جَبِينَهُ كَأَنَّهُ ضَوْءُ السِّرَاجِ الْمُتَوَقِّدِ قَدْ يَتَلأْلأُ . وَكَانُوا يَقُولُونَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ شَاعِرُهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ : مَتَّى يَبْدُ فِي الدَّاجِي الْبَهِيمِ جَبِينُهُ يَلُحْ مِثْلَ مِصْبَاحِ الدُّجَى الْمُتَوَقِّدِ فَمَنْ كَانَ أَوْ مَنْ قَدْ يَكُونُ كَأَحْمَدَ نَظَّامٌ لِحَقٍّ أَوْ نَكَّالٌ لِمُلْحِدِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِعَ الْجَبْهَةِ ، أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ سَابِغَهُمَا . وَالأَزَجُّ الْحَاجِبَيْنِ : هُمَا الْحَاجِبَانِ الْمُتَوَسِّطَانِ اللَّذَانِ لا تَعْدُو الشَّعْرَةُ مِنْهُمَا شَعْرَةً فِي النَّبَاتِ ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْ بَيْنِ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا . وَكَانَ أَبْلَجَ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى كَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا الْفِضَّةُ الْمُخَلَّصَةُ . بَيْنَهُمَا عَرَقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ ، لا يُرَى ذَلِكَ الْعَرَقُ إِلا أَنْ يُدِرَّهُ الْغَضَبُ . وَالأَبْلَجُ : النَّقِيُّ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ مِنَ الشَّعْرِ . وَكَانَتْ عَيْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجْلاوَانِ أَدْعَجُهُمَا ، وَالْعَيْنُ النَّجْلاءُ : الْوَاسِعَةُ الْحَسَنَةُ ، وَالدَّعَجُ : شِدَّةُ سَوَادِ الْحَدَقَةِ ، وَكَانَ فِي عَيْنَيْهِ تَمَزُّجٌ مِنْ حُمْرَةٍ ، وَكَانَ أَهْدَبَ الأَشْفَارِ حَتَّى تَكَادُ تَبِينُ مِنْ كَثْرَتِهِمَا . أَقْنَى الْعِرْنِينِ . وَالْعِرْنِينُ : الْمُسْتَوِي الأَنْفِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ ، وَهُوَ الأَشَمُّ . وَكَانَ أَفْلَجَ الأَسْنَانِ أَشْنَبَهُمَا ، وَالشَّنَبُ : أَنْ تَكُونَ الأَسْنَانُ مُتَفَرِّقَةً ، فِيهَا طَرَائِقُ مِثْلُ تَقَرُّصِ الْمُشْطِ ، إِلا أَنَّهَا حَدِيدَةُ الأَطْرَافِ ، وَهُوَ الأُشُرُ الَّذِي يَكُونُ أَسْفَلَ الأَسْنَانِ كَأَنَّهُ مَاءٌ يَقْطُرُ فِي تَفَتُّحِهِ ذَلِكَ وَطَرَائِقِهِ . وَكَانَ يَتَبَسَّمُ عَنْ مِثْلِ الْبَرَدِ الْمُنْحَدِرِ مِنْ مُتُونِ الْغَمَامِ . فَإِذَا افْتَرَّ ضَاحِكًا افْتَرَّ عَنْ مِثْلِ سَنَاءِ الْبَرْقِ إِذَا تَلأْلأَ . وَكَانَ أَحْسَنَ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى شَفَتَيْنِ ، وَأَلْطَفَهُ خَتْمِ فَمٍ ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ صَلْتَهُمَا ، قَالَ : وَالصَّلْتُ الْخَدِّ : الأَسِيلُ ، وَالسَّهْلُ الْخَدِّ : الْمُسْتَوِي الَّذِي لا يَقْرَبُ بَعْضُ لَحْمِهِ بَعْضًا . لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْوَجْهِ ، وَلا بِالْمُكَلْثَمِ ، كَثَّ اللِّحْيَةِ ، وَالْكَثُّ : الْكَثِيرُ مَنَابِتِ الشَّعْرِ الْمُلْتَفُّهَا ، فَكَانَتْ عَنْفَقَتُهُ بَارِزَةً . فَنِيكَاهُ حَوْلَ الْعَنْفَقَةِ كَأَنَّهَا بَيَاضُ اللُّؤْلُؤِ ، وَفِي أَسْفَلِ عَنْفَقَتِهِ شَعْرٌ مُنْقَادٌ حَتَّى يَقَعَ انْقِيَادُهَا عَلَى شَعْرِ اللِّحْيَةِ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ مِنْهَا ، وَالْفَنْيَكَانِ هُمَا مَوْضِعُ الطَّعَامِ حَوْلَ الْعَنْفَقَةِ مِنْ جَانِبَيْهَا جَمِيعًا . وَكَانَ أَحْسَنَ عِبَادِ اللَّهِ عُنُقًا ، لا يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ وَلا إِلَى الْقِصَرِ ، مَا ظَهَرَ مِنْ عُنُقِهِ لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ فَكَأَنَّهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ يَشُوبُ ذَهَبًا يَتَلأْلأُ فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ وُحَمْرَةِ الذَّهَبِ . وَمَا غَيَّبَتِ الثِّيَابُ مِنْ عُنُقِهِ مَا تَحْتَهَا ، فَكَأَنَّهُ الْبَدْرُ . وَكَانَ عَرِيضَ الصَّدْرِ مَمْسُوحَهُ ، كَأَنَّهُ الْمَرَايَا فِي شِدَّتِهَا وَاسْتِوَائِهَا ، وَلا يَعْدُو بَعْضُ لَحْمِهِ بَعْضًا عَلَى بَيَاضِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، مَوْصُولَ مَا بَيْنَ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ شَعْرٌ مُنْقَادٌ كَالْقَضِيبِ ، لَمْ يَكُنْ فِي صَدْرِهِ وَلا بَطْنِهِ شَعْرَةٌ غَيْرُهُ . وَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ نُكْتَةٌ يُغَطِّي الإِزَارُ مِنْهَا وَاحِدَةً وتَظْهَرُ اثْنَتَانِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُغَطِّي الإِزَارُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ وَتَظْهَرُ وَاحِدَةٌ ، كُلَّ تِلْكَ الْعُكُنِ أَبْيَضَ مِنَ الْقُبَاطِيِّ الْمُطْوَاةِ ، وَأَلْيَنَ مَسًّا . وَكَانَ عَظِيمَ الْمَنْكِبَيْنِ ، أَشْعَرَهُمَا ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ ، وَالْكَرَادِيسُ : عِظَامُ الْمَنْكِبَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْوِرْكَيْنِ . وَكَانَ جَلِيلَ الْكَتَدِ ، قَالَ : وَالْكَتَدُ : مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ وَالظَّهْرِ ، وَاسِعَ الظَّهْرِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَهُوَ مِمَّا يَلِي مَنْكِبَهُ الأَيْمَنَ ، فِيهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ تَضْرِبُ إِلَى الصُّفْرَةِ ، حَوْلَهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَالِيَاتٌ ، كَأَنَّهَا مِنْ عُرْفِ فَرَسٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كَانَتْ شَامَةُ النُّبُوَّةِ بِأَسْفَلِ كَتِفِهِ ، خَضْرَاءَ ، مُنَحفَّرَةً فِي اللَّحْمِ قَلِيلا . وَكَانَ طَوِيلَ مَسْرُبَةِ الظَّهْرِ ، وَالْمَسْرُبَةُ : الْفَقَارُ الَّذِي فِي الظَّهْرِ مِنْ أَعْلاهُ إِلَى أَسْفَلِهِ . وَكَانَ عَبْلَ الْعَضُدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ : طَوِيلَ الزِّنْدَيْنِ ، الزِّنْدَانِ : الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِي ظَاهِرِ السَّاعِدَيْنِ . وَكَانَ فَعْمَ الأَوْصَالِ ، ضَبْطِ الْقَصَبِ ، شَثْنَ الْكَفِّ ، رَحْبَ الرَّاحَةِ ، سَائِلَ الأَطْرَافِ ، كَأَنَّ أَصَابِعَهُ قُضْبَانُ الْفِضَّةِ ، كَفُّهُ أَلْيَنُ مِنَ الْحَرِيرِ ، وَكَانَ كَفُّهُ عَطَّارًا طَيِّبًا ، مَسَّتْهَا بِطِيبٍ أَوْ لَمْ تَمَسَّهَا ، فَصَافَحَهُ الْمُصَافِحُ فَيَظَلُّ يَوْمَهُ يَجِدُ رِيحَهَا ، وَيَضَعُهَا عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ ، فَيُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ مِنْ رِيحِهَا عَلَى رَأْسِهِ . وَكَانَ عَبْلَ مَا تَحْتَ الإِزَارِ مِنَ الْفَخْذَيْنِ وَالسَّاقِ ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ غَلِيظَهُمَا ، لَيْسَ لَهُمَا خَمَصٌ ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كَانَ فِي قَدَمِهِ شَيْءٌ مِنْ خَمَصٍ . يَطَأُ الأَرْضَ بِجَمِيعِ قَدَمَيْهِ ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ ، بَدِنٌ فِي آخِرِ زَمَانِهِ ، وَكَانَ بِذَلِكَ الْبَدَنِ مُتَمَاسِكًا ، وَكَادَ يَكُونُ عَلَى الْخَلْقِ الأَوَّلِ ، لَمْ تَضُرَّهُ السِّنُّ . وَكَانَ فَخْمًا مُفَخَّمًا فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ ، إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا ، وَإِذَا أَدْبَرَ أَدْبَرَ جَمِيعًا ، وَإِذَا أَقْبَلَ أَقْبَلَ جَمِيعًا . وَكَانَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ مِنْ صَوَرٍ ، وَالصَّوَرُ : الرَّجُلُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَلْمَحُ الشَّيْءَ بِبَعْضِ وَجْهِهِ . وَإِذَا مَشَى مَشَى فَكَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ فِي صَخْرٍ ، وَيَتَحَدَّرُ فِي صَبَبٍ ، يَخْطُو تَكَفِّيًا ، وَيَمْشِي الْهُوَيْنَا بِغَيْرِ عشرٍ ، وَالْهُوَيْنَا : تَقَارُبُ الْخُطَى ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْهَيِّنَةِ ، يَبْدُرُ الْقَوْمَ إِذَا سَارَعَ إِلَى خَيْرٍ أَوْ مَشَى إِلَيْهِ ، وَيَسُوقُهُمْ إِذَا لَمْ يُسَارِعْ إِلَى شَيْءٍ مِشْيَةَ الْهُوَيْنَا ، وَتَرَفُّعُهُ فِيهَا . وَكَانَ يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : أَنَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِأَبِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ أَبِي إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ أَشْبَهَ النَّاسِ بِي خَلْقًا وَخُلُقًا صلى الله عليه وسلم وَعَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَالْمُرْسَلِينَ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة فقيه مشهور

وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

ثقة إمام في الحديث

أَبِيهِ

ثقة

جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ

صدوق فقيه إمام

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ

ثقة حافظ

صُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرْغَانِيُّ

صدوق يخطئ

أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ

ثقة حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ النَّسَوِيُّ

مجهول الحال

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُؤَذِّنُ

مجهول الحال

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ

ثقة حافظ

أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ

ثقة حافظ

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.