ابراهيم بن اسحاق بن ابي الدرداء ابو اسحاق الانصاري الصرفندي


تفسير

رقم الحديث : 4659

أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيّ الْحَدَّاد ، أنا أَبُو نعيم الأَصْبَهَانِيّ ، نا عبد المنعم بْن عُمَرَ ، نا الْحَسَن بن يَحْيَى ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّد بن محبوب العماني : سَمِعْت أبا الحارث الأولاسي ، يَقُول : خرجت من مكة فِي غير أيام الموسم أريد الشام ، فَإِذَا أنا بثلاثة نفر عَلَى جبل ، وَإِذَا هم يتذاكرون الدنيا ، فلما فرغوا أخذوا يعاهدون اللَّه أن لا يسموا ذهبا ولا فضة ، فقلت : وأنا أيضا معكم ، فَقَالُوا : إن شئت ، ثُمَّ قاموا فَقَالَ أحدهم : أما أنا فصائر إِلَى بلد كذا وكذا ، وقال الآخر : أما أنا فصائر إِلَى بلد كذا وكذا ، وبقيت أنا وآخر ، فَقَالَ لي : أين تريد ؟ فقلت : أريد الشام ، فَقَالَ : وأنا أريد اللكام ، فكان إِبْرَاهِيم بن سعد العلوي ، فودع بعضهم بعضا ، وافترقنا ، فمكثت حينا أنتظر أن يأتيني كِتَابه ، فما شعرت يوما وأنا بأولاس ، فخرجت أريد البحر وصرت بين الأشجار إِذَا برجل صاف قدميه يصلي ، فاضطرب قلبي لما رأيته ، وعلاني له الهيبة ، فلما أحس بي سلم ، والتفت إلي ، فَإِذَا هُوَ إِبْرَاهِيم بن سعد ، فعرفته بعد ساعة ، فَقَالَ لي : هاه فوبخني ، وقال : اذهب فغيب عني شخصك ثلاثة أيام ، ولا تطعم شيئا ثُمَّ ائتني ، ففعلت ذَلِكَ ، فجئته بعد ثلاثة وَهُوَ قائم يصلي ، فلما أحس بي أوجز فِي صلاته ، ثُمَّ أخذ بيدي فأوقفني عَلَى البحر وحرك شفتيه ، فقلت فِي نفسي : يريد أن يمشي بي عَلَى الماء ، ولئن فعل لأمشين ، فما لبثت إلا يسيرا ، فَإِذَا أنا برف من الحيتان مد البصر قد أقبلت إلينا رافعة رؤوسها فاتحة أفواهها ، فلما رأيته قلت فِي نفسي : أين أَبُو بشر الصياد - إنسان كَانَ بأولاس - هَذِهِ الساعة ؟ فَإِذَا الحيتان قد تفرقت ، كأنما طرح فِي وسطها حجر ، فالتفت إلي فَقَالَ : فعلتها ؟ فقلت : إِنَّمَا قلت كذا وكذا ، فَقَالَ لي : مر لست مطلوبا بهذا الأمر ، ولكن عليك بهذه الرمال والجبال ، فوار شخصك ما أمكنك ، وتقلل من الدنيا ، حتى يأتيك أمر اللَّه ، فإني أراك بهذا مطالبا ، ثُمَّ غاب عني ، فلم أره حتى مات ، وكانت كتبه تصل إلي ، فلما مات كنت قاعدا يوما ، فتحرك قلبي للخروج من باب البحر ، ولم يكن لي حاجة فقلت : لا أكره القلب فيغمني ، فخرجت فلما صرت فِي المسجد الذي عَلَى الباب ، إِذَا أنا بأسود قام إلي فَقَالَ : أنت أَبُو الحارث ؟ فقلت : نعم ، فَقَالَ : آجرك اللَّه فِي أخيك إِبْرَاهِيم بن سعد ، وكان اسمه ناصحا مولى لإِبْرَاهِيم بن سعد ، فذكر أن إِبْرَاهِيم أوصاه أن يوصل إلي هَذِهِ الرسالة ، فَإِذَا فِيهَا مكتوب : بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم ، يا أخي ، إِذَا نزل بك أمر من أمر فقر ، أو سقم ، أو أذى ، فاستعن بِاللَّهِ واستعمل عَنِ اللَّه الرضا ، فإن اللَّه مطلع عليك ، يعلم ضميرك ، وما أنت عَلَيْهِ ، ولابد لك من أن ينفذ فيك حكمه ، فإن رضيت ، فلك الثواب الجزيل ، والأمن من الْقَوْل الشديد ، وأنت فِي رضاك وسخطك لست تقدر أن تتعدى المقدور ، ولا تزداد فِي الرزق المقسوم ، والأثر المكتوب ، والأجل المعلوم ، ففي أي هَذِهِ الأفعال تريد أن تحتال فِي نقضها بهمك ؟ أو بأي قوة تريد أن تدفعها عنك عند حلولها ؟ أتجتلبها من قبل أوانها ؟ كلا وَاللَّه ، لابد لأمر اللَّه أن ينفذ فيك طوعا منك أو كرها ، فإن لم تجد إِلَى الرضا سبيلا ، فعليك بالتحمل ، ولا تشك من ليس بأهل أن يشكى ، ومن هُوَ أهل الشكر والثناء القديم ، ما أولى من نعمته علينا ، فما أعطى وعافى ، أكثر مما زوى وأبلى ، وَهُوَ مع ذَلِكَ أعرف بموضع الخير لنا منا ، وَإِذَا اضطرتك الأمور ، وقل صبرك ، فألجأ إِلَيْهِ بهمك واشك إِلَيْهِ بثك ، وليكن طمعك فِيهِ ، واحذر أن تستبطئه أو تسيء بِهِ ظنا ، فإن لكل شيء سببا ، ولكل سبب أجل ، ولكل هم فِي اللَّه ولله فرج عاجل أو آجل ، ومن علم أنه بعين اللَّه استحيا أن يراه اللَّه يأمل سواه ، ومن أيقن بنظر اللَّه له أسقط الاختيار لنفسه فِي الأمور ، ومن علم أن اللَّه هُوَ الضار النافع أسقط مخاوف المخلوقين عَنْ قلبه ، وراقب اللَّه فِي قربه ، وطلب الأشياء من معادنها ، فاحذر أن تعلق قلبك بمخلوق تعليق خوف أو رجاء ، أو تفشى إِلَى أحد اليوم سرك ، أو تشكو إِلَيْهِ بثك ، أو تعتمد عَلَى إخائه ، أو تستريح إِلَيْهِ استراحة تكون فِيهَا موضع شكوى بث ، فإن غنيهم فقير فِي غناه ، وفقيرهم ذليل فِي فقره ، وعالمهم جاهل فِي علمه ، فاجر فِي فعله ، إلا القليل ممن عصم اللَّه تَعَالَى .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.