اسحاق بن ابراهيم بن مخلد بن ابراهيم بن عبد الله بن بكر ابو يعقوب المعروف بابن راهويه


تفسير

رقم الحديث : 5972

أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي الحسين بن حمزة بن الحسين السلمي ، نا أَحْمَد بن علي بن ثابت الحافظ ، أنا علي بن أبي علي البصري ، حَدَّثَنِي أبي ، حَدَّثَنِي أَبُو الفرج علي بن الحسين ، المعروف بالأصبهاني ، إملاء من حفظه ، وكتبته عنه في أصول سماعاتي منه ، ولم يحضرني كتابي فأنقله منه فأثبته من حفظي ، توخيت ألفاظه بجهدي ، قَالَ : أخبرني مُحَمَّد بن مزيد بن أبي الأزهر ، نا حماد بن إسحاق بن إبْرَاهِيم الموصلي ، حَدَّثَنِي أبي ، قَالَ : غدوت يوما وأنا ضجر من ملازمة دار الخلافة والخدمة فِيهَا ، فخرجت وركبت بكرة ، وعزمت على أن أطوف الصحراء وأتفرج ، فقلت لغلماني : إن جاء رسول الخليفة أو غيره فعرفوه أني بكرت في مهم لي ، وإنكم لا تعرفون أين توجهت ، قَالَ : ومضيت فطفت ما بدا لي ، وعدت وقد حمي النهار ، فوقفت في شارع المخرم في فناء ثخين الظل ، وجناح خارج رحب على الطريق لأستريح ، فلم ألبث أن جاء خادم يقود حمارا فارها عليه جارية راكبة ، تحتها منديل دبيقي ، وعليها من اللباس الفاخر ما لا غاية وراءه ، ورأيت لها قواما حسنا ، وطرفا فاترا ، وشمائل ظريفة ، فحدست أنها مغنية ، فدخلت الدار التي كنت واقفا عليها ، وعلقها قلبي في الوقت علوقا شديدا لم أستطع معه البراح ، فلم ألبث إلا يسيرا حتى أقبل رجلان شابان جميلان لهما هيئة تدل على قدرهما وهما راكبان فاستأذنا فأذن لهما فحملني ما قد حصل في قلبي من حب الجارية وإيثاري علم حالها والتوصل إليها على أن نزلت معهما ودخلت بدخولهما ، فظنا أن صاحب البيت دعاني ، وظن صاحب البيت أنني معهما ، فجلسنا وأتي بالطعام فأكلنا ، وبالشراب فوضع ، وخرجت الجارية وفي يدها عود فرأيت جارية حسناء ، وتمكن ما في قلبي منها ، فغنت غناء صالحا وشربنا ، وقمت قومة للبول ، فسأل صاحب المنزل عني الفتيين ، فأخبراه أنهما لا يعرفاني ، فقَالَ : هذا طفيلي ، ولكنه ظريف فأجملوا عشرته ، وجئت فجلست فغنت الجارية في لحن لي : ذكرتك إن مرت بنا أم شادن أمام المطايا تشرئب وتسنح من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في متنها يتوضح فأدته أداء صالحا وشربت ، ثُمَّ غنت أصواتا فِيهَا من صنعتي : الطلول الدوارس فارقتها الأوانس أوحشت بعد أهلها فهي قفر بسابس فكَانَ أمرها فيه أصلح من الأول ، ثُمَّ غنت أصواتا من القديم والمحدث ، وغنت في أضعافهما من صنعتي من شعري : قل لمن صد عاتبا ونأى عنك جانبا قد بلغت الذي أردت وإن كنت لاعبا واعترفنا بما ادعيت وإن كنت كاذبا فكَانَ أصلح ما غنته ، فاستعدته منها لأصححه ، فأقبل علي رجل من الرجلين فقَالَ : ما رأيت طفيليا أصفق وجها منك ، لم ترض بالتطفيل حتى اقترحت ، وهذا تصديق المثل : طفيلي ويقترح فأطرقت ولم أجبه ، وجعل صاحبه يكفه عني ولا يكف ، ثُمَّ قاموا للصلاة وتأخرت ، فأخذت عود الجارية وشددت طبقته وأصلحته إصلاحا محكما ، وعدت إلى موضعي ، فصليت وعادوا ، فأخذ ذلك الرجل في عربدته علي ، وأنا صامت ، ثُمَّ أخذت الجارية العود وجسته فأنكرت حاله ، فقَالَت : من مس عودي ؟ فقَالُوا : ما مسه أحد ، فقَالَت : بلى ، والله قد مسه حاذق متقدم وشد طبقته ، وأصلحه إصلاح متمكن في صناعته ، فقلت لها : أنا أصلحته ، قَالَت : فبالله عليك خذه واضرب بِهِ ، فأخذته منها فضربت مبدأ طريق عجيب صعب ، فيه نقرات محركة ، فما بقي أحد منهم إلا وثب فجلس بين يدي ، وقَالُوا : بالله يا سيدنا أتغني ؟ قلت : نعم ، وأعرفكم نفسي أيضا ، أنا إسحاق بن إبْرَاهِيم الموصلي ، ووالله إني لآتيه على الخليفة وأنتم تشتموني منذ اليوم ، لأنني تملحت معكم بسبب هذه الجارية ، ووالله لا نطقت بحرف ولا جلست معكم ، أو تخرجوا هذا المعربد المقيت الغث ، ونهضت لأخرج فعلقوا بي فلم أعرج ، ولحقتني الجارية فعلقت بي فلنت ، وقلت : ما أجلس إلا أن تخرجوا هذا المعربد البغيض ، فقَالَ له صاحبه : من هذا وشبهه حذرت عليك ، فأخذ يعتذر ، فقلت : اجلس ولكن والله لا أنطق بحرف وهو حاضر ، فأخذوا بيده فأخرجوه ، فتغنيت الأصوات التي غنتها الجارية من صنعتي ، فطرب صاحب البيت طربا شديدا ، وقَالَ : هل لك في أمر أعرضه عليك ؟ قلت : ما هو ؟ قَالَ : تقيم عندي شهرا والجارية والحمار لك ، مع ما عليه من الحلية ، وللجارية من كسوة ؟ قلت : أفعل ، فأقمت عنده ثلاثين يوما ، لا يعرف أحدا أين أنا ، والمأمون يطلبني في كل موضع فلا يعرف لي خبرا ، فلما كَانَ بعد ثلاثين يوما سلم إلي الجارية والحمار والخادم ، فجئت بذلك إلى منزلي وهم في أقبح صورة لفقدي ، وركبت إلى المأمون من وقتي ، فلما رآني قَالَ إسحاق : ويحك أين تكون ؟ فأخبرته بخبري ، فقَالَ : علي بالرجل الساعة ، فدللتهم على بيته فأحضر ، فسأله المأمون عن القصة فأخبره ، فقَالَ : أنت رجل ذو مروءة وسبيلك أن تعاون عليها ، وأمر له بمائة ألف درهم ، وقَالَ له : لا تعاشر ذلك المعربد النذل ، فقَالَ : معاذ الله يا أمير المؤمنين وأمر لي بخمسين ألف درهم ، وقَالَ : أحضرني الجارية فأحضرته إياها فغنته ، فقَالَ لي : قد جعلت عليها نوبة في كل يوم ثلثاء تغنيني من وراء الستارة مع الجواري ، وأمر لها بخمسين ألف درهم ، فربحت والله بتلك الركبة وأربحت .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.