باب ذكر طهارة مولده وطيب اصله وكرم محتده


تفسير

رقم الحديث : 2024

أَخْبَرَنَا أَبُو عبد اللَّه الفراوي ، أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البيهقي ، أَنْبَأَنَا أَبُو سهل مُحَمَّد بن نصرويه بن أَحْمَد المروزي ، بنيسابُور ، حدثنا أَبُو عبد اللَّه مُحَمَّد بن صالح المعافري ، أَنْبَأَنَا أَبُو يزن الحميري إبراهيم بن عبد اللَّه بن مُحَمَّد بن عبد العزيز بن عفير بن زرعة بن سيف بن ذي يزن ، قَال : حدثني عمي أَحْمَد بن حنيس بن عبد العزيز ، حدثني أَبِي ، حدثني أَبِي عبد العزيز ، حدثني أَبِي عفير ، حدثني أَبِي زرعة بن سيف بن ذي يزن ، قَال : لما ظهر سيف بن ذي يزن على الحبشة ، وذلك بعد مولد رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين أتوه وفود العرب وأشرافها ، وشعراؤها لتهنئه ، وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه ، وأتاه وفد قريش منهم : عبد المطلب بن هاشم ، وأمية بن عبد شمس ، وعبد اللَّه بن جدعان ، وأسد بن عبد العزى ، ووهب بن عبد مناف ، وقصي بن عبد الدار . فدخل عليه آذنه وهو في رأس قصر يقَال له غمدان ، وهو الذي يقول فيه أمية بن أَبِي الصلت الثقفي : اشرب هنيا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دار منك محلالا واشرب هنيا فقد شالت نعامتهم وأسبل اليوم في برديك إسبالا تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا قَال : والملك متضمخ بالعبير يلصف وبيص المسك في مفرق رأسه ، وعليه بردان أخضران مرتديا بأحدهما متزرا بالآخر ، سيفه بين يديه ، وعن يمينه وشماله الملوك والمقاول ، فأخبر بمكانهم فأذن لهم ، فدخلوا عليه ودنا منه عبد المطلب ، فاستأذنه في الكلام ، فقَال : إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك . فقَال : إن اللَّه عز وجل أحلك أيها الملك محلا رفيعا شامخا ، باذخا منيعا ، وأنبتك نباتا حسنا ، طابت أرومته ، وعظمته جرثومته ، وثبت أصله ، وبسق فرعه في أطيب موضع ، وأكرم معدن ، وأنت أبيت اللعن ، ملك العرب الذي له تنقاد ، وعمودها الذي عليه العماد ، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف ، فلن يهلك ذكر من أنت خلفه ، ولن تخمد ذكر من أنت سلفه ، نحن أهل حرم اللَّه تعالى ، وسدنة بيته ، أشخصنا إليك الذي ابتهجنا من كشفك الكرب الذي فدحنا . نحن وفد التهنئة لا وفد التعزية . قَال الملك : من أنت أيها المتكلم ؟ قَال : أنا عبد المطلب بن هاشم ، قَال : ابن أختنا ؟ قَال : نعم ، قَال : ادنه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم ، فقَال : مرحبا وأهلا ، فأرسلها مثلا ، وكان أول من تكلم بها وناقة ورحلا ، ومستناخا سهلا ، وملكا ربحلا ، يعطي عطاء جزلا ، قد سمع الملك مقَالتكم ، وعرف قرابتكم ، وقبل وسيلتكم ، فإنكم أهل الليل والنهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء إذا ظعنتم ، ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود ، وأجرى عليهم الإنزال ، وأقاموا بذلك شهرا لا يصلون إليه ، ولا يؤذن لهم في الانصراف ، ثم انتبه لهم انتباهة ، فأرسل إلى عبد المطلب ، فأدناه ، ثم قَال له : يا عبد المطلب إني مفض إليك سر علمي أمرا لو غيرك يكون لم أبح له به ، ولكن رأيتك معدنه ، فأطلعتك طلعه ، فليكن عندك مخبيا حتى يأذن اللَّه تعالى فيه ، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي ادخرناه لأنفسنا ، واحتجبناه من دون غيرنا خبرا عظيما ، وخطرا جسيما ، فيه شرف الحياة ، وفضيلة العلم والوفاة ، للناس عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة . فقَال له عبد المطلب : مثلك أيها الملك من سر وبر ، فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر ؟ قَال : إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة . قَال عبد المطلب : أيها الملك لقد أبت بخير ما آب بمثله وفد قوم ، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه ، لسألته من ساره إياي ما زادني إلا سرورا شديدا ، قَال له الملك : هذا حينة الذي يولد فيه ، أو قد ولد اسمه مُحَمَّد : يموت أَبُوه وأمه ويكفله جده وعمه ، قد وجدناه مرارا ، واللَّه باعثه جهارا ، وجاعل له منا أنصارا ، يعز بهم أولياءه ، ويذل بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستبيح بهم كرائم الأرض . يعبد الرحمن ويدحض الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، ويأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويتركه . قَال له عبد المطلب : عز جدك ، ودام ملكك ، وعلا كعبك ، فهل الملك سارني بإفصاح ، فقد وضح لي بعض الإيضاح . قَال له سيف بن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، أنك لجده يا عبد المطلب ، غير كذب ، قَال : فخر عبد المطلب ساجدا ، فقَال له ابن ذي يزن : ارفع رأسك ثلج صدرك ، وعلا كعبك ، فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك ؟ قَال : نعم ، أيها الملك إنه كان لي ابن ، وكنت به معجبا ، وبه رفيقا ، وإني زوجته كريمة من كرائم قومي : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فجاءت بغلام فسميته مُحَمَّدا ، مات أَبُوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه . فقَال له ابن ذي يزن : الذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ على ابنك من اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل اللَّه لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن أن تتداخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة ، فينصبون له الحبائل ، ويبغون له الغوائل ، وهم فاعلون ذلك أو أتباعهم غير شك ، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لصرت بخيلي ورجلي حتى أصير إلى يثرب دار ملكي ، فإني أجد في الكتاب الناطق ، والعلم السابق : أن يثرب استحكام أمره ، وأهل نصرته ، وموضع قبره ، ولولا أني أقيه الآفات ، وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره ، ولأوطأت على أسنان العرب كعبه ، ولكني سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك . ثم دعا بالقوم ، فأمر لكل واحد منهم بعشرة أعبد سود ، وعشرة إماء سود ، وحلتين من حلل البرود ، وخمسة أرطال ذهب ، وعشرة أرطال فضة ، ومائة من الإبل ، وكرش مملوء عنبرا ، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك ، وقَال له : إذا جاءك الحول فائتني بخبره ، وما يكون من أمره . قَال : فمات سيف بن ذي يزن قبل أن يحول عليه الحول ، قَال : وكان كثيرا ما يقول عبد المطلب : يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر ، فإنه إلى نفاذ ، ولكن يغبطني ما يبقى لي ، ولعقبي ذكره وفخره ، فإذا قيل : وما هو ؟ قَال : سيعلم ما يقول أو قَال : ستعلم ما أقول ، ولو بعد حين . وقَال أمية بن عبد شمس في مسيرهم إلى سيف بن ذي يزن أَبِياتا ذكرها . قَال البيهقي : وقد روي هذا الحديث أيضا عن الكلبي ، عن أَبِي صالح ، عن ابن عباس ، وهو في تاريخ اليمن من طريقه . .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبُو بكر البيهقي

ثقة حافظ

أَبُو عبد اللَّه الفراوي

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.