أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ ، عن أَبِي الحسن رشأ بن نظيف ، ونقلته من خطه ، أخبرني أَبُو الفتح إِبْرَاهِيم بْن علي بْن الحسين البغدادي ، نا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي ، نا عَبْد اللَّه بْن شبيب ، ومهدي بْن إسحاق ، قالا : لما ولي المنصور الخلافة حضر على بابه ثلاث مائة شاعر ، فأعلمه بذلك الربيع ، فقال : اخرج إليهم ، فعرفهم أن جائزتنا ألف ، وعقوبتنا ألف من مدحنا ، فاقتصد أجزناه ، ومن أفرط وتجاوز عاقبناه ، فخرج ، فعرفهم ، فقال بعضهم لبعض : ما منا إلا من أفرط في المدح فانصرفوا ، إلا إِبْرَاهِيم بْن هرمة ، فإنه لم يبرح ، قال : فدخل فعرفه أنهم قد انصرفوا ، إلا إِبْرَاهِيم بْن هرمة المدني ، فقال : ما علمته إلا سجاما ، ومع ذلك مجيدا ، فأذن له ، فلما دخل ، قال : عرفت شرطنا ، قال : قد عرفت ، قال : هات ، فأنشده شعرا طويلا ، وقال فيه : له لحظات في حوافي سريره إذا كرها فيها عقاب ونائل فأم الذي أمنت أمنه الردى وأم الذي حاولت بالثكل ثاكل فقال له : بارك اللَّه عليك ، وأجازه بألف ، وكان في المنصور جفاء ، فقال له : يا إِبْرَاهِيم هل لك أن تدعها للطالبيين إلى أن تطلق أرزاقهم ، ونضعف لك ؟ قال إِبْرَاهِيم : إنما جئت أستمنح أمير المؤمنين ، ولا أستشيره ، وتعجيلها أحب إلي ، فعجلت له . فقال : يا أمير المؤمنين إني أسألك شيئا ، قال : سل ، قال : إن عمال أمير المؤمنين بالمدينة قد أنهكوا أكتافي بما يحدونني على السكر ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب لي كتابا إن وجدت سكرانا فلا أحد ، فليفعل ، فقال له المنصور : ما كنت لأرفع حدا من حدود اللَّه بحب ، ولكن أكتب لك خيرا من هذا ، قال : ما هو ؟ قال : أكتب لك كتابا من جاء بك ، وأنت سكران جلد مائة ، وجلدت أنت ثمانين ، قال : قد رضيت ، قال : فكتب له بذلك ، قال : فكان إِبْرَاهِيم بْن هرمة يسكر ويطرح نفسه في الشوارع ، ويقول : من يشتري ، ثمانين بمائة فليتقدم .
الأسم | الشهرة | الرتبة |