ابراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد...


تفسير

رقم الحديث : 5040

وحدثني إِبْرَاهِيم : إنه ولي دمشق سنتين ثم أربع سنين بعدهما لم يقطع على أحد في عمله طريق ، وأخبرت أن الآفة كانت في قطع الطريق في عمل دمشق من ثلاثة نفر دعامة ، والنعمان موليان لبني أمية ، ويحيى بْن أرميا من يهود البلقاء ، وأنهم لم يضعوا أيديهم في يد عامل قط ، وأنه لما ولي البلد كاتبهم ، فكتب إليه النعمان يعلمه أن له سبعة أولاد من ابنة عم له ، وأن لها سبعة أخوة من صعاليك الشام لا يصطلى بنارهم ، وأنه قد حلف بطلاق ابنة عمه ، وهي أم بنيه السبعة أن لا يضع يده في يد عامل أبدا ، وأنه لا يأمن إن هو طلق ابنة عمه قتل أخويها به ، وحلف له بالأيمان المخرجة في خطابه أنه لا يفسد في عمله ما كان فيه واليا ، وأن دعامة الأموي لا يمين عليه مثل يمينه ، وأنه سيدخل إلى مدينة دمشق ويضع يده في يد الأمير ، ويضمن عنه الوفاء بما فارقه عليه ، وبما حلف الأمير عليه ، قال إِبْرَاهِيم : فدخل إلي دعامة سامعا مطيعا وأعلمني : أن النعمان قد صدق فيما قال : وضمن لي عنه الوفاء بما فارقه عليه ، وأنه خلع على دعامة وحمله وجعله من خاصته ، وقبل من النعمان ما بذله له وأعلمني أن اليهودي كتب إليه : إني خارج إلى مناظرتك فيما دعوتني إليه ، فاكتب لي أمانا تحلف لي فيه بمؤكدة الأيمان أنك لا تحدث في أمري حدثا حتى يردني إلى مأمني فأجبته إلى ما سألني ، فقدم علي منه شاب أشعر أمعر عليه أقبية ديباج ومنطقة وسيف محليان بالذهب ، فدخل علي إلى دار معاوية ، وكنت جالسا في صحنها ، فسلم من دون البساط ، فأمرته بالتقدم والجلوس ، فجلس على الأرض ، ولم يرتفع إلى البساط ، فقلت له : ارتفع أيها الرجل ، فقال : أيها الأمير ، إن للبساط ذماما أتخوف أن يلزمني جلوسي عليه ، ولست أدري ماذا يسومني عليه ، وإذا اتفقنا على أمر قبلت التكرمة ، وجلست حيث تجلسني ، فقلت له : ما الذي تحب ؟ قال : أنت والأمير ، وأنا كالأسير ، وأنت أحق أن تخبرني بما تريد مني ، فاعلمته أني أريد منه أن يسلم ، ويسمع ، ويطيع ، فيكون له ما لي وعليه ما علي ، فقال : أما السمع والطاعة ، فأرجو أن لا أخالف فيهما ، وأما الدخول في الإسلام فهو ما لا سبيل لي إليه ، فأعلمني أيها الأمير بما لي عندك إذا لم أدخل معك في دينك فأعلمته أنه لا بد له من أداء الجزية إلي وأنه إذا فعل ذلك ، ولم يخف السبيل ، ولم يتعد ما لا يجب لأهل الذمة كانت له عندي الحياطة ، والعناية بمصالح أموره ، فقال : يعفيني الأمير من أداء الجزية ، فإني أجيب إلى جميع الخصال إن أعفاني من هذه الخصلة الواحدة ، فأعلمته أنه لا سبيل إليها ، قال : فأنا منصرف على أماني ، فأمرته بالانصراف وتقدمت إلى الحاجب أن يحضر إناء فيه ماء فيوقف عليه فرسه ، فإذا خرج من عندي ليركب دابته رآها تشرب من الإناء ، فلما خرج بصر بدابته دعا بدابة شاكريه ، فركبها ولم يركب دابته ، فقال له الحاجب : خذ دابتك ، فقال : ما كنت لآخذ معي شيئا قد ارتفق منكم بمرفق فأحاربكم عنه ، فاستحسنت ذلك منه ، وأمرت برده علي ، فلما دخل قلت : الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عند ، ولا عهد ، فقال : وكيف ذاك ؟ قلت : لأنك قد انصرفت من عندي ، ثم عدت إلي ، فقال : شرطك لي أن تصرفني إلى مأمني ، فإن كانت دارك مأمني ، فلست بخائف شيئا ، وإن كان مأمني داري ، فردني إلى البلقاء ، فجهدت به أن يجيبني إلى أداء الجزية لرأسه دينارين على أن أوصل إليه في كل سنة به ألفي دينار ، فلم يفعل ، فأذنت له في الرجوع إلى مأمنه ، فرجع فأسعر الدنيا شرا ، ثم حمل إلي عُبَيْد اللَّه بْن المهدي مالا من مال مصر ، فخرج اليهودي متعرضا له ، وكتب إلي النعمان مولى بني أمية يعلمني إجماع اليهودي على التعرض للمال ، وقطع الطريق عليه ، وسألني عن رأيي في محاربته أو الإمساك عنه ، فكتبت إلى النعمان ألزمه بذرقة ذلك المال ، وأمرته بمحاربة اليهودي إن عرض له ، فخرج النعمان ملتقيا للمال ، ووافاه اليهودي ، ومع كل واحد منهما جماعة من الرجال ، فسأل النعمان اليهودي الانصراف عن المال ، فأعلمه أنه لا يفعل ، وأظهر له بغيا شديدا ، وقال له : إن شئت خرجت إليك وحدي وأنت في جماعة أصحابك ، وإن شئت توافق أصحابي وأصحابك ، وتبارزنا جميعا ، وإن ظفرت بك انصرف أصحابك إلي ، وكانوا شركائي في الغنيمة ، وإن ظفرت بي صار أصحابي إليك ، وانصرفوا عني ، فقال له : ويحك يا يحيى أنت حدث ، وقد بليت بالعجب ، ولو كنت من أنفس قريش لما أمكنك مغازة السلطان ، وهذا الأمير هو أخو الخليفة ، وأنا وإن ، فرق بيننا الدين أحب أن لا يجري على يدي قتل فارس من الفرسان في بلد الإسلام لأن كل ما نقص من فرسان الإسلام سر أعداءهم ، فإن كنت لا تحب ما أحب من السلامة لي ولك ، وكان أصحابك مطيعين لك ، وأصحابي مطيعين لي ، فاخرج إلي حتى أخرج إليك ، ولا يبتلى بي وبك من يسوئنا قتله ، قال : فخرجا جميعا ، وكان ذلك بعد وقت صلاة العصر ، فلم يزالا في مبارزة يريد كل منهما صاحبه إلى أن اختلط عليهما الظلام فوقف كل واحد منهما على فرسه ، واتكأ على رمحه إلى أن غلبت النعمان عيناه فنام ، فطعنه اليهودي فوقع سنانه في بشيزكة منطقة النعمان ، فدارت المنطقة ، وصار السنان يدور بدوران البشيزكة إلى الظهر ، واعتنقه النعمان ، وقال له : أغدرا يا ابن اليهودية ؟ فقال له : أو محارب ينام يا ابن الأمة ؟ واتكأ عليه النعمان عند معانقته إياه وسقط فوقه ، وكان النعمان ذا جثة عظيمة ، وكان اليهودي ضربا خفيف اللحم ، فصار النعمان فوقه ، فذبحه ، وأنفذه إلي مذبوحا رأسه على بدنه ، وأنفذ المال مسلما ، قال إِبْرَاهِيم : فلم يختلف علي في البلد أحد ، قال : ثم ولي البلد بعدي سليمان بْن المنصور بْن المهدي ، فكانت على رأسه الفتنة العظمى ، ثم لم يرد القوم طاعة بعد ذلك إلى أن افتتح دمشق عَبْد اللَّه بْن طاهر في سنة عشر ومائتين ، وحدثني إِبْرَاهِيم : أن السبب كان في صرفه عن دمشق المرة الأولى أنه اشتهى الاصطباح في دار معاوية ، فأمر بمنع الناس من دخول الدار هربا من ظهور أصوات القيان ، فأغلقت الأبواب ، قال : وحضر الكاتب ، وكان يتولى مع كتابتي القهرمة فوقف بالباب ، وصار إليه بعض الحشم ، فسأله أن يكتب له إلى صاحب النزل ببعض ما يحتاج إليه ، فلم يمكن إخراج دواة الكاتب من الدار ، واستعجله الغلام ، فأخذ فحمة فكتب له إلى صاحب النزل في خرقة بحاجته ، ورمى بالفحمة ، فأخذها سليم حاجبي ، فكتب على ملبن باب دار الإمارة كاتب يكتب بالفحم في الخرق ، وحاجب لا يصل ، ووافى صاحب البريد الباب ، فقرأ ما كتب به سليم ، فكتب بذلك إلى الرشيد ، وأنفذ الكتاب في خريطة بندارية مخلقة ، فوافت الرقة يوم الرابع وأمير المؤمنين الرشيد بها ، فساعة نظر في الكتاب وقع بصرفي ، فوصل الكتاب إلي بالصرف ، عن دمشق في آخر اليوم الثامن ، فخرجت ، عن دمشق إلى الرقة ، وبها الرشيد ، فحبسني مائة يوم لم يطلق لي دخول داره ، وحلف على جعفر بْن يحيى بْن برمك أن لا يجري له عنده ذكرا سنة كاملة ، ثم إنه رضي بعد السنة وما زلت أدخل عليه ، وأنا عنده بالمنزلة التي أريد ، ورجع إلى ما أريد إلى انقضاء سنتين من عزلي عن دمشق ، ثم أنه قال لي : في كلام جرى بيني وبينه بحقي عليك لما تخيرت ولاية أوليكها ، فقلت له : إن كانت ولاية أخرج إليها فدمشق ، وإن كانت مما أوجه فيه خليفة اخترت لنفسي ، فسألني عن سبب اختياري ولاية دمشق ، فأخبرته باستطابتي هواها ، واستمرائي ماءها ، واستحساني مسجدها وغوطتها ، فقال لي : قدرك اليوم عندي يتجاوز ، ولاية دمشق ، ولكن إذا كانت محبتك لها هذه المحبة ، فإني أجمع لك مع ولاية الصلاة والمعاون ولاية الخراج ، فعقد لي على دمشق وأمر بإنشاء عهدي ، وكتبي على الخراج ، ففعل ذلك ، ثم نفذت إلى دمشق فأقمت بها نحوا من أربع سنين . .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.