ابراهيم بن يوسف بن خالد بن سويد ابو اسحاق الرازي الهسنجاني


تفسير

رقم الحديث : 5248

أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّد بْن صابر ، أنا أَبُو الحسين بْن الحنائي ، أنا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن علي السلمي ، أنا عَبْد الوهاب بْن عَبْد اللَّه الحافظ ، وعلي بْن موسى الشاهد ، قالا : أنا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زبر الربعي ، أنا إِبْرَاهِيم بْن النائحة ، الشاعر - بدمشق - قال : دخلت على أَبِي الجيش خمارويه بْن أَحْمَد ، فقال لي : أخبرني بحديث حسن ، فقلت : بلغني - أيد اللَّه الأمير - أن رجلا من الممتحنين ممن تولت عنه الدنيا ، وزالت عنه النعمة ، ولحقته النحوس ، وساءت حاله ، ورثت ثيابه ، وشعث شعره ، وكثر سهره ، وقل فرحه ، فوجد درهما ، فقال : آخد شعري ، وأغسل ثوبي ، وأدخل الحمام ، فكسر الدرهم بأربعة ، وجعله في جيبه ، ومضى يغسل ثوبه ، فسقطت القطع من جيبه ، ولم يبق منها إلا قطعة واحدة ، فرجع واجتاز في طريقه بحمام فدخله ، وأعطى القطعة فلما دخل الحمام ، نام فيه ، وقصد ذلك الحمام رجل من الأغنياء ذو حشم ، وغلمان ، فدخل الحمام ، وليس فيه إلا هذا النائم ، فأراد الغلمان طرده فنهاهم عنه ، وقال : دعوه ، فلما انتبه الرجل استحيا ، وأراد الخروج فدعاه الرجل إليه ، وخاطبه وكلمه ، فإذا رجل أديب جميل متكلم فهم ظريف ، قد كملت فيه الأخلاق الشريفة إلا أنه فقير لا شيء له ، وإذا بالرجل الغني صاحب الحشم ، رجل قصير أعور مقطوع الأذنين أحدب ، فعجب من نفسه وحاله ، ومن الرجل . فأمر الرجل غلمانه فغسلوا رأسه ، ودعا بمزين فأخذ شعره ، ودعا له بثياب جدد ، فلبسها وحمله معه إلى منزله ، وقدم له طعاما سريا ، فأكل معه ، وأمر له بمائة دينار ، وقال له : قد أجريت لك في كل شهر عشرة دنانير ، وتأكل معي وتشرب ، وأكسوك كسوة الشتاء والصيف ، فقال له : يا سيدي أريد أن تحدثني ما الذي كان بسببه قطع أذناك ، وقلعت عينك ، وما هذه الحدبة التي في ظهرك ؟ فقال له الرجل : يا هذا ، وأيش سؤالك عما لا يعنيك إله عن هذه ، قال : لابد أن تحدثني ، قال : يا هذا أن هذا الذي تسألني عنه شيء ما حدثت به أحد قط ، ولا جسر أحد يسألني عنه غيرك ، وأنا الذي جلبت لنفسي هذه البلية بإدخالك منزلي ، فقم عافاك اللَّه ، وانصرف . فقال : لا والله لا برحت أو تحدثني ، فقال : يا هذا اختر مني خصلة من اثنتين إما أن تنصرف ، وقد سوغتك ما وهبت لك ، وإما أن أحدثك ، وآخذ منك كلما أعطيتك ، وألبسك خلقك وأضربك مائة عصا تأديبا لك ، فقال : يا سيدي ، خذ مني واعمل بي ما شئت بعد ذلك ، فقال للغلمان : اعتزلوا ، ثم أنشأ يحدثني ، فقال : كانت لي ابنة عم جميلة غنية موسرة عظيمة اليسار ، فخطبتها ، فلم ترغب في لدمامتي ، وفقري ، فوجهت إليها : يا بنت عمي ، أَبِي وأبوك إخوان ، وأنا أولى الناس بك ، وأنا أسألك أن تحبسي نفسك علي سنة ، فإن رزقني اللَّه ، وفتح لي ، فأنا أولى الناس بك ، وإلا فاعملي بنفسك ما أحببت ، فأجابتني إلى ذلك ، واحتلت بعشرين دينارا ، فاشتريت ، فرسا ، وسرجا ، ولجاما ، وسلاحا ، وخرجت إلى رجل من الفتيان ممن يقطع الطريق معروف مشهور بالشجاعة ، والفروسية ، والإحسان إلى الفتيان ، والصعاليك ، وحدثته بخبري ، وطرحت نفسي عليه ، وقبلت رأسه ، ويديه ، فأقمت عنده شهرا وهو محسن إلي ، ثم خرجنا إلى الصحراء نطلب الطريق ، ونحن عشرة فتيان أجلاد شجعان كل واحد يرى نفسه . فبينما نحن جلوس إذ وافى رجل على فرس فاره ، وسرج ، ولجام محلى ، ومعه بغل عليه صناديق ، فوق الصناديق جارية كأنها الشمس الطالعة ، وعليها ثياب مرتفعة ، وحلي ظاهر ، فقال رئيسنا : قد جاءكم رزقكم ، ثم التفت إلى رجل من أصحابه ، فقال : يا فلان ، قم الحق الرجل فاقتله ، وآتينا بالجارية وما معها ، فركب الرجل فرسه ، ومضى خلف الرجل حتى غاب عنا وأبطأ ، فقال رئيسنا : أظن صاحبنا قتل الرجل ، واشتغل بالجارية يضاجعها ، ثم قال لرجلين : قوما إلى الجارية ، والرجل فأحضرا ذلك إلينا ، فمضيا واحتبسا ولم يعودا ، فقال : لأصحابنا خبر ، ثم ركب فرسه ، وركبنا خيلنا ، وسرنا فوافينا صاحبنا الأول مقتولا ، ثم سرنا ، فوافينا الآخرين قتيلين ، وسرنا حتى لحقنا الرجل ، وإذا معه قوس موترة ، وفيه السهم ، فرمى رئيسنا ، فقتله ، ثم ثنى بآخر فقتله ، فانهزم الباقون وهربوا على وجوههم ، وأقمت أنا فطلبت منه الأمان ، فأمنني ، وسألته أن يأذن لي في صحبته وخدمته ، فقال : خل قوسك ، وتعال سق بالجارية ، وسار ، ولم يأخذ من سلب القوم شيئا ، ولا من دوابهم ، ولم يزل سائرا إلى العصر حتى أتى ديرا ، فدق بابه ، فنزل إليه صاحب الدير ، ففتح الدير ، ودخل الرجل والجارية الدير ، وأنا معهما ، وذبح له صاحب الدير دجاجة ، وأعد له طعاما سريا ، ثم قدم المائدة وجلس الرجل ، والجارية ، وأنا ، وصاحب الدير وابنه ، فأكلنا حتى شبعنا ، ثم أحضر الشراب ، فلم يزالوا يشربون إلى المغرب ، ثم قام إلي ، وقال : أعذرني فيما أفعله بك ، فإني لست آمنك ، وإنما أنت لص بعد كل حال ، وأكره غدرك ، ثم شد يدي ، وحبسني في بيت ، وأقفل علي ، ولم يزل يشرب حتى سكر ونام ، وأنا أطالع من شق الباب ، فإذا الجارية قد رميت بحصاة ، فأشارت إلى الذي رماها ، وقالت : قف قليلا ، فلما استثقل الفتى قامت إلى ابن صاحب الدير فوطئها ، ثم عادت إلى مولاها فغرت عليها ، وقلت : مثل هذه جسرت على هذا السيد الشجاع الذي ما رأت عيني مثله قط ، فأقبلت أرمقها من خلل الباب ، وهي تقصد ابن صاحب الدير يقضي حاجته منها ، ثم تعود ، فلما أصبح الرجل فتح الباب وحل عني واعتذر إلي أيضا ، ومضت الجارية خارج الدير لما يخرج له النساء ، فحدثت مولاها بما كان منها ، فصاح علي ، وزبرني ، وانتهرني ، فسكت ، وأنا خجل ، فقلت : هذا رجل قد علم بها ، ووافت الجارية ، فلم يظهر لها شيئا ، وأقام يومه ذلك ، وأعد له صاحب الدير طعاما كما فعل بالأمس ، وهو في ذلك يضاحك الجارية ويمازحها إلى أن قدم الطعام فأكلنا ، ثم قدم الشراب فشربنا كفعلنا بالأمس سواء ، ومع الجارية عود تغني به ، فلما جاء المساء قام إلي واعتذر إلي وشد يدي وحبسني في البيت ، وأقفله علي وأقبل يشرب ، وأنا أنظر إليه إلى أن نام ، ورميت الجارية بحصاة ، فأومت إليه : قف قليلا ، فلما علمت أن مولاها قد استثقل قامت إليه ، فوطئها ووثب مولاها إليها مبادرا ، فذبحها وذبحه ، ثم فتح الباب علي وحل كتافي ، ودعا بصاحب الدير ، وقال : خذ ابنك فواره ، وحدثه بأمره ، وقال لي : إنما صحت عليك لأستثبت القصة في سكون ولا أقدم على ما أقدم عليه إلا بعلم ، وعذر واضح ، ثم أمرني ، فأسرجت له فرسه ، فركب ، وحمل الصناديق ، والجارية فوقها ، وسار ، وأنا بين يديه ماش حتى انتصف الليل ، فنزل ، وقال : عاوني ، فلم أزل أنا وهو حتى حفرنا قبرا ، وطرح الجارية فيه بثيابها ، وحليها لم ينزعه عنها ، وطم القبر ، ودفع إلي صرة ، وقال : هذه مائة دينار خذها ، وامض إلى أهلك ، ولا تقصد هذا القبر ، ولا تقربه ، والله لأن قربته لأنكلن بك . فقلت : ما أقربه وانصرفت ، واختفيت ثلاثة أيام ، ثم جئت إلى القبر في الليل ، فحفرت حتى وصلت إلى الجارية ، فإذا مولاها قائم على رأسي ، فأخرجني من القبر ، وقطع أذني ، وقال : والله لأن عدت لأنكلن بك ، فأقمت عشرة أيام ، ثم رجعت إلى القبر ، فحفرته حتى وصلت إلى الجارية ، وهممت بقلع الحلي ، فإذا مولاها قائم على رأسي فأخرجني وقلع عيني اليمنى ، وقال : ألم أقل لك إنك لص ليس فيك حيلة ، والله لأن عدت لأقتلنك ، وانصرفت ثم عدت إلى القبر بعد ستة أشهر ، وحفرت عليها فقلعت عنها الحلي ، ورددت القبر كما كان ، وانصرفت ، فوجدت في الحلي خمس مائة دينار ، وجئت بلدي ، ورفقت بابنة عمي حتى تزوجت بها ، وكانت عظيمة النعمة كثيرة الجواري ، فأباحتني نعمتها ، ووضعت يدي في التجارة فكثر مالي ، واتسعت دنياي ، وعشقت جارية من جواري زوجتي ، وبليت بها ، وزاد الأمر علي حتى كنت لا أصبر عن نظري إليها ، وبذلت لها ثلاث مائة دينار على أن تمكنني من نفسها فلم تفعل ، فقنعت بالنظر ، فشكتني إلى ستها ، وأعلمتها محبتي لها وما بذلت لها ، فحجبتها عني ، ومنعتني من النظر إليها . فجعلت بيني وبينها رسولا على أن أشتريها من ستها ، ثم اعتقها وأتزوج بها ، وأهب لها ألف دينار ، فامتنعت ، وكلمتني من وراء حجاب ، فقالت : يا مولاي ، أصدقني حتى أصدقك . هل أحببت ستي قط ؟ فقلت : إي والله حتى جاء حبك فأزال حبها ، قالت : وكذا بعدي تحب غيري وتبغضني ، أنت رجل ملول ، لا تصلح لي ، فلا تتعب نفسك فليس - والله - تصل إلي أبدا ، ومضت إلى ستها ، فحدثتها بكل ما جرى بيني وبينها ، فطردت الرسول ، وحجبتها عني ، فاشتد قلقي ، ثم قابلتني ، وقالت : أخذتك فقيرا وحشا ، فكسرت بختي ، ولحقني منك بلاء إلى أن زاد الأمر بيني وبينها فمددت يدي إليها ، فأقلبتها إلى الأرض ، وجعلت أخنقها فبادرت الجارية التي أحبها ، فأخذت منارة عظيمة فضربت بها ظهري ، وخرجت من الدار هاربة على وجهها مني ، فماتت زوجتي مما خنقتها ، وظهرت لي حدبه في ظهري ، ولم أر الجارية إلى يومي هذا ، ولا سمعت لها بخبر . ثم أمر بالرجل ، فنزعت عنه ثيابه ، وألبسه خلقانه ، وأخذ المال منه ، وضربه مائتي عصا ، وطرده . قال أَبُو إسحاق : فضحك أَبُو الجيش ، وأمر لي بمائة دينار ، فأخذتها وانصرفت .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.