أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم بن السمرقندي ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّقُّورُ ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ ، نا رِضْوَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، نا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ كِنْدَةَ حِينَ ارْتَدَّتْ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ ، يُقَالُ لَهُ : زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ ، وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا أَمِيرًا عَلَى حَضْرَمَوْتَ ، فَكَانَ فِيهِمْ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيعُونَهُ ، وَيُؤَدُّونَ إِلَيْهِ صَدَقَاتِهِمْ لا يُنَازِعُونَهُ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَلَغَهُمُ انْتِقَاضُ مَنِ انْتَقَضَ مِنَ الْعَرَبِ ارْتَدُّوا وَانْتَقَضُوا بِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ ، وَكَانَ سَبَبُ انْتِقَاضِهِمْ بِهِ أَنَّ زِيَادًا أَخَذَ فِيمَا يَأْخُذُ مِنَ الصَّدَقَةِ قَلُوصًا لِغُلامٍ مِنْ كِنْدَةَ ، وَكَانَتْ كَوْمَاءَ خِيَارَ إِبِلِهِ ، فَلَمَّا أَخَذَهَا زِيَادٌ فَعَقَلَهَا فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَوَسَمَهَا جَزِعَ الْغُلامُ مِنْ ذَلِكَ ، فَخَرَجَ يَصِيحُ إِلَى حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، فَقَالَ : أُخِذَتِ الْفُلانِيَّةُ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ ، فَإِنَّهَا أَكْرَمُ إِبِلِي عَلَيَّ بَعِيرًا وَأَبَاعِرَ ، فَخَرَجَ مَعَهُ حَارِثَةُ حَتَّى أَتَى زِيَادًا ، فَتَكَلَّمَ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّه ، وَيَأْخُذُ مَكَانَهَا بَعِيرًا فَأَبَى عَلَيْهِ زِيَادٌ ، وَكَانَ رَجُلا صَلْبًا مُسْلِمًا ، وَخَشِيَ أَنْ يَرَوْا ذَلِكَ مِنْهُ ضَعْفًا ، وَخَوْرًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي كَانَ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ لأَرُدُّهَا وَقَدْ وَسَمْتُهَا فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، وَوَقَعَ عَلَيْهَا حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَاجَعَهُ حَارِثَةُ فَأَبَى ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ حَارِثَةُ قَامَ إِلَى الْقَلُوصِ فَحَلَّ عِقَالَهَا ثُمَّ ضَرَبَ وَجْهَهَا ، وَقَالَ : دُونَكَ وَقَلُوصَكَ لِصَاحِبِهَا ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ ، وَيَقُولُ : يَضَعُهَا شَيْخٌ بِخَدَّيْهِ الشَّيْبُ قَدْ لَمَّعَ الْوَجْهَ كَتَلْمِيعِ الثَّوْبِ الْيَوْمَ لا أَخْلِطُ بِالْعِلْمِ الرَّيْبَ وَلَيْسَ فِي مَنْعِي حَرِيمِي مِنْ عَيْبِ وَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ الْكِنْدِيُّ : أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا دَامَ وَسْطَنَا فَيَالَ عِبَادِ اللَّهِ مَا لأَبِي بَكْرِ أَيَأْخُذُهَا قَسْرًا وَلا عَهْدَ عِنْدَهُ يُمَلِّكُهُ فِينَا وَفِيكُمْ عُرَى الأَمْرِ فَلَمْ يَكُ يَهْدِيهَا إِلَيْهِ بِلا هَدْيٍ وَقَدْ مَاتَ مَوْلاهَا النَّبِيُّ وَلا عُذْرَ فَنَحْنُ بِأَنْ نَخْتَارَهَا وَفِصَالَهَا أَحَقُّ وَأَوْلَى بِالإِمَارَةِ فِي الدَّهْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ رَبِّنَا أَوْ نَبِيِّنَا فَذُو الْوَفْدِ أَوْلَى بِالْقَضِيَّةِ فِي الْوَفْرِ أَيُجْرِي عَلَى أَمْوَالِنَا النَّاسُ حُكْمَهُمْ بِغَيْرِ رِضًى إِلا التَّسَنُّمَ بِالْقَسْرِ بِغَيْرِ رِضًى مِنَّا وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ شُهُوُدًا كَأَنَّا غَائِبِينَ عَنِ الأَمْرِ فَتِلْكَ إِذًا كَانَتْ مِنَ اللَّهِ زُلْفَةً وَمِنْ غَيْرِهِ إِحْدَى الْقَوَاصِمِ لِلظَّهْرِ ، فَأَجَابَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ : سَيَعْلَمُ أَقْوَامٌ أَطَاعُوا نَبِيَّهُمُ بِأَنَّ عَوِيَّ الْقَوْمِ لَيْسَ بِذِي قَدْرِ أَذَاعَتْ عَنِ الْقَوْمِ الأَصَاغِرِ لَعْنَةً قُلُوبُ رِجَالٍ فِي الْحُلُوقِ مِنَ الصَّدْرِ وَدَنُّوا لِعُقْبَاهُ إِذَا هِيَ صَرَّمَتْ هَوَادِيهِ الأُولَى عَلَى حِينِ لا عُذْرَ فَإِنَّ عَصَا الإِسْلامِ قَدْ رَضِيَتْ بِهِ جَمَاعَتُهُ الأُولَى بِرَأْيِ أَبِي بَكْرِ فَإِنْ كُنْتُمُ مِنْهُمْ فَطَوْعًا لأَمْرِهِ وَإِلا فَأَنْتُمْ مِنْ مَخَافَتَهِ صُعْرُ فَنَحْنُ لَكُمْ حَتَّى نُقِيمَ صُعُورَكُمْ بِأَسْيَافِنَا الأُولَى وَبالذُّبَّلِ السُّمْرِ رُوَيْدَكُمُ إِنَّ السُّيُوفَ الَّتِي بِهَا ضَرَبْنَاكُمْ فِدًا بِأَيْمَانِنَا تَبْرِي أَبَعْدَ الَّتِي بِالأَمْسِ كُنْتُمْ غَوَيْتُمُ لَهَا يَبْغُونَ الْغَيْرَ مِنْ فَرْطِ الصِّغَرِ وَكَانَ لَهُمْ فِي غَيْ أَسْوَدَ عِبْرَةٌ وَنَاهِيَةٌ عَنْ مِثْلِهَا آخِرَ الدَّهْرِ تَلَعَّبَ فِيكُمْ بِالنِّسَاءِ ابْنُ عبه وَبِالْقَوْمِ حَتَّى نَالَهُنَّ بِلا مَهْرِ فَإِنْ تُسْلِمُوا فَالسِّلْمُ خَيْرُ بَقِيَّةٍ وَإِنْ تَكْفُرُوا تَسْتَوْبِلُوا غِبَّةَ الْكُفْرِ ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ طَائِفَتَيْنِ ، فَصَارَتْ طَائِفَةٌ مَعَ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ قَدِ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ ، وَطَائِفَةٌ مَعَ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ زِيَادٌ ، قَالَ لَهُمْ : نَقَضْتُمُ الْعَهْدَ وَكَفَرْتُمْ ، فَأَحْلَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ وَاغْتَنَمْتُمْ أُولاهَا بَعْدَ عُقْبَاهَا ، فَقَالَ حَارِثَةُ : أَمَا عَهْدٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِكَ هَذَا لأُحَدِّثُ فَقَدْ نَقَضْنَاهَا ، وَإِنْ أَبَيْتَ إِلا الأُخْرَى أَصَبْتَنَا عَلَى رَجُلٍ ، فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضِيهَا . فَتَنَحَّى زِيَادٌ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ كِنْدَةَ ، وَغَيْرِهِمْ قَرِيبًا ، وَكَتَبَ إِلَى الْمُهَاجِرِ أَنْ يَمُدَّهُ ، وَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الْقَوْمِ فَخَرَجَ الْمُهَاجِرُ إِلَيْهِ ، وَسَمِعَ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ صَارِخًا مِنْ أَعْلَى حِصْنِهِمْ فِي شَطْرٍ مِنَ اللَّيْلِ : عَشِيرَةٌ تَمْلِكُ بِالْعَشِيرَةِ فِي حَائِطٍ يَجْمَعُهَا كَالصِّيرَةِ وَالْمُسْلِمُونَ كَاللُّيُوثِ الزِّيَرَةِ قَبَائِلُ أَقَلُّهَا كَثِيرَة فِيهَا أَمِيرٌ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ فَلَمَّا سَمِعَ الأَشْعَثُ الصَّارِخَ إِلَى مَا قَدْ رَأَى مِنَ اخْتِلافِ أَصْحَابِهِ بَادَرَهُمْ فَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ لَيْلِهِ حَتَّى أَتَى الْمُهَاجِرَ وَزِيَادًا ، فَسَأَلَهُمَا أَنْ يُؤَمِّنَاهُ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يُبْلِغَاهُ أَبَا بَكْرٍ فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ بَابَ الْحِصْنِ فَفَعَلا ، وَيفُتِحَ لَهُمْ بَابُ الْحِصْنِ ، فَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَهْلِ الْحِصْنِ فَاسْتَنْزَلُوهُمْ فَضَرَبُوا أَعْنَاقَهُمْ ، وَاسْتَاقُوا أَمْوَالَهُمْ ، وَاسْتَبَوْا نِسَاءَهُمْ ، وَكَتَبُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ ، وَاسْتَوْثَقُوا مِنَ الأَشْعَثِ حَتَّى بَعَثُوا بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْحَدِيدِ مُوَثَّقًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : كَيْفَ تَرَى صَنِيعَ اللَّهِ بِمَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ ؟ فَقَالَ الأَشْعَثُ : أَرَى أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ حَظَّهُ وَنَفَسَ جَدُّهُ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : فَمَا تَأْمُرُنِي فِيكَ ؟ قَالَ : آمُرُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ فَتَفُكَّنِي مِنَ الْحَدِيدِ ، وَتُزَوِّجَنِي أُخْتَكَ أُمَّ فَرْوَةَ ابْنَةَ أَبِي قُحَافَةَ ، فَفَعَلَ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ الأَشْعَثُ حِينَ زَوَّجَهُ أَبُو بَكْرٍ : لَعَمْرِي وَمَا عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ لَقَدْ كُنْتُ بِالإِخْوَانِ جَدَّ ضَنِينِ أُحَاذِرُ أَنْ تُضْرَبَ هُنَاكَ رُءُوسُهُمْ وَمَا الدَّهْرُ عِنْدِي بَعْدَهَا بِأَمِينِ فَلَيْتَ جُنُونَ النَّاسِ تَحْتَ جُنُونِهِمْ وَلَمْ تَرْمِ أُنْثَى بَعْدَهُمْ بِجَنِينِ وَكُنْتُ كَذَاتِ الْبَوِّ أَنْحَتْ وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ بِقَلْبٍ وَالِهٍ وَحَنِينِ فَأَجَابَهُ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ السَّكُونِيُّ : جَزَا الأَشْعَثَ الْكِنْدِيَّ بِالْغَدْرِ رَبُّهُ جَزَاءَ مَلِيمٍ فِي الأُمُورِ ظَنِينِ أَخَا فَجرَةٍ لا تُسْتَقَالُ وَغَدْرَهُ لَهَا أَخَوَاتٌ مِثْلُهَا سَتَكُونُ فَلا تَأْمَنُوهُ بَعْدَ غَدْرَتِهِ بِكُمْ عَلَى مِثْلِهَا فَالْمَرْءُ غَيْرُ أَمِينِ وَلَيْسَ امْرُؤٌ بَاعَ الْحَيَاةَ بِقَوْمِهِ أَخَا ثِقَةٍ أَنْ يُرْتَجَى وَيَكُونُ هَدَمْتَ الَّذِي قَدْ كَانَ قَيْسٌ يَشِيدُهُ وَيَرْضَى مِنَ الأَفْعَالِ مَا هُوَ دُونَ وَأَلْبَسْتَنَا ثَوْبَ الْمَسَبَّةِ بَعْدَهَا فَلا زِلْتَ عَبُوسًا بِمَنْزِلِ هُونِ أَرَى الأَشْعَثَ الْكِنْدِيَّ أَصْبَحَ بَعْدَهَا هَجِينًا بِهَا مِنْ دُونَ كَلِّ هَجِينِ سَيَهْلِكُ مَذْمُومًا وَيُورثُ سُبَّةً يَبِيتُ بِهَا فِي النَّاسِ ذَاتَ قُرُونِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ | يونس بن بكير الشيباني / توفي في :199 | صدوق حسن الحديث |
رِضْوَانُ بْنُ أَحْمَدَ | رضوان بن أحمد التميمي | ثقة |
أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ | محمد بن عبد الرحمن الذهبي / ولد في :305 / توفي في :393 | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّقُّورُ | أحمد بن محمد البغدادي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو القاسم بن السمرقندي | إسماعيل بن أحمد السمرقندي | ثقة |