أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ سَهْلُ بْنُ سَعْدَوَيْهِ ، أنا أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلَقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، إِذْ قَالَ : " لَيُصَلِّيَنَّ مَعَكُمْ غَدًا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَطَمِعْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ ، فَغَدَوْتُ وَصَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقَمْتُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى انْصَرَفَ النَّاسُ ، وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ أَسْوَدُ مُتَّزِرٌ بِخِرْقَةٍ مُرْتَدٍ بِقِبَاطِيِّ ، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ لِي ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشَّهَادَةِ ، وَإِنَّا لَنَجِدُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، وَإِنَّهُ لَمَمْلُوكُ بَنِي فُلانٍ " ، فَقُلْتُ : أَلا تَشْتَرِيهِ فَتَعْتِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَأَرَى ذَلِكَ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، إِنَّ لأَهْلِ الْجَنَّةِ مُلُوكًا وَسَادَةً ، وَإِنَّ هَذَا الأَسْوَدَ أَصْبَحَ مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَادَتِهِمْ ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الأَصْفِيَاءَ الأَتْقِيَاءَ ، الشَّعِثَةَ رُءُوسُهُمُ ، الْمُغَبَّرَةَ وُجُوهُهُم ، الْخَمِصَةَ بُطُونُهُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَلالِ ، الَّذِينَ إِذَا اسْتَأْذَنُوا عَلَى الأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ ، وَإِنْ خَطَبُوا الْمُتَنَعِّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوا ، وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا ، وَإِنْ طَلَعُوا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ ، وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا ، وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ لَنَا بِرَجُلٍ مِنْهُمْ ؟ قَالَ : " ذَاكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ " ، قَالُوا : وَمَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ؟ قَالَ : " أَشْهَلُ ذُو صَهُوبَةٍ ، بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ ، آدَمٌ شَدِيدُ الأُدْمَةٍ ، ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ إِلَى صَدْرِهِ ، رَامٍ بِبَصَرِهِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ ، وَاضِعٌ يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ ، يَتْلُو الْقُرْآنَ ، يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ ، ذُو طِمْرَيْنِ ، لا يُؤبَهُ لَهُ ، مُتَّزِرٌ بِإِزَارٍ صُوفٍ وَرِدَاءٍ ، تَحْتَ مَنْكِبِهِ لَمْعَهٌ بَيْضَاءُ ، أَلا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قِيلَ لِلْعِبَادِ : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ، وَيُقَالُ لأُوَيْسٍ : قِفْ لِتَشْفَعَ ، فَيُشَفِّعَهُ اللَّهُ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيعَةَ ، وَمُضَرَ ، يَا عُمَرُ ، وَيَا عَلِيُّ ، إِذَا أَنْتُمَا لَقَيْتُمَاهُ فَاطْلُبَا إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكُمَا ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمَا " . قَالَ : فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ لا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ سَنَةٍ قُبِضَ فِيهَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ ، صَعَدَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَهْلَ الْحَجِيجِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ؟ فَقَالَ شَيْخٌ طَوِيلٌ كَبِيرٌ ، طَوِيلُ اللِّحْيَةِ ، فَقَالَ : إنَّا لا نَدْرِي مَا أُوَيْسٌ ، وَلَكِنِ ابْنُ أَخٍ لِي يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ ، وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْرًا ، وَأَقَلُّ مَالا ، وَأَهْوَنُ أَمْرًا فِينَا ، نَرْفَعُهُ إِلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَى إِبِلَنَا ، حَقِيرًا بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَعَمَى عَلَيْهِ عُمَرُ ، كَأَنَّهُ لا يُرِيدُهُ ، فَقَالَ : ابْنُ أَخِيكَ هَذَا بِحَرَمِنَا هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَأَيْنَ يُصَابُ ؟ قَالَ : بِأَرَاكِ عَرَفَاتٍ ، قَالَ : فَرَكِبَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ سِرَاعًا إِلَى عَرَفَاتٍ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ ، وَالإِبِلُ حَوْلَهُ تَرْعَى ، فَشَدَّا حِمَارَيْهِمَا ، ثُمَّ أَقْبَلا إِلَيْهِ ، فَقَالا : السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَخَفَّفَ أُوَيْسٌ الصَّلاةَ ، ثُمَّ قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، قَالا : مَنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : رَاعِي إِبِلٍ وَأَجِيرٌ لِقَوْمٍ ، قَالا : لَسْنَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّعَايَةِ وَلا عَنِ الإِجَارَةِ ، قَالا : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ ، قَالا : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَاللَّهِ كُلَّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ ، فَمَا اسْمُكَ الَّذِي سَمَّتْكَ أُمُّكَ ؟ قَالَ : يَا هَذَانِ ، مَا تُرِيدَانِ إِلَى هَذَا ؟ قَالا : وَصَفَ لَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوَيْس الْقَرَنِيَّ ، فَقَدْ عَرَفْنَا الصُّهُوبَةَ وَالشُّهُولَةَ ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ تَحْتَ مَنْكِبَكَ الأَيْسَرِ لُمْعَةً بَيْضَاءَ ، فَأَوْضِحْهَا لَنَا ، فَإِنْ كَانَتْ بِكَ فَأَنْتَ هُوَ ، فَأَوْضَحَ مَنْكِبَهُ فَإِذَا اللُّمْعَةُ ، فَابْتَدَرَاهُ يُقَبِّلانَهُ ، وَقَالا : نَشْهَدُ أَنَّكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، قَالَ : مَا أَخُصُّ بِاسْتِغْفَارِي نَفْسِي ، وَلا أَحَدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ ، وَلَكِنَّهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، يَا هَذَانِ ، قَدْ شَهَرَ اللَّهُ لَكُمَا حَالِي ، وَعَرَّفَكُمَا أَمْرِي ، فَمَنْ أَنْتُمَا ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَهَذَا عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاسْتَوَى أُوَيْسٌ قَائِمًا ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَجَزَاكُمُ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرًا ، وَقَالا : وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكَ خَيْرَ الْجَزَاءِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَكَانَكَ حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ فَآتِيكَ بِنَفَقَةٍ مِنْ عَطَائِي ، وَفَضْلِ كِسْوَةٍ مِنْ ثِيَابِي ، هَذَا الْمَكَانُ مِيعَادٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لا مِيعَادَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَلا أَعْرِفُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، مَا أَصْنَعُ بِالنَّفَقَةِ ؟ مَا أَصْنَعُ بِالْكِسْوَةِ ؟ أَمَا تَرَى عَلَيَّ إِزَار مِنْ صُوفٍ ، وَرِدَاءً مِنْ صُوفٍ ؟ مَتَى تَرَانِي أَخْرِقُهُمَا ؟ أَمَا تَرَى أَنَّ نَعْلَيَّ مَخْصُوفَتَانِ ؟ مَتَى تَرَى أَبْلِيهُمَا ؟ أَمَا تَرَانِي أَنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ رِعَايَتِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ؟ مَتَى تَرَانِي آكُلُهَا ؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَ يَدَيَّ وَيَدَيْكَ عَقَبَةً كَئُودًا ، لا يُجَاوِزُهَا إِلا ضَامِرٌ مُخِفٌّ مَهْزُولٌ ، فَأَخِفَّ عَنِّي رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْ كَلامِهِ ضَرَبَ بِدِرَّتِهِ الأَرْضَ ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ ، أَلا لَيْتَ أَنَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ ، يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَاقِرًا لَمْ تُعَالِجْ حَمْلَهُ ، أَلا مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا ، وَلَهَا ؟ قَالَ أُوَيْسٌ : مَنْ جَدَعَ اللَّهُ أَنْفَهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، خُذْ أَنْتَ هَهُنَا وَآخُذُ ، أنا هَهُنَا ، فَوَلَّى عُمَرُ نَاحِيَةَ مَكَّةَ ، وَسَاقَ أُوَيْسٌ إِبِلَهُ ، فَوَافَى الْقَوْمَ إِبِلَهُمْ ، وَخَلَّى عَنِ الرَّعْيِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ | الضحاك بن مزاحم الهلالي | ثقة |
نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | نوفل بن عبد الله | مجهول الحال |
مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ | مخلد بن يزيد الحراني / توفي في :193 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ | محمد بن إبراهيم بن عبيد | مجهول الحال |
الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ | الوليد بن إسماعيل الحراني | مجهول الحال |
سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ | سلمة بن شبيب المسمعي | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ | محمد بن هارون الروياني / توفي في :307 | حافظ ثقة |
جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ | جعفر بن الفناكي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ | عبد الرحمن بن أحمد العجلي / ولد في :371 / توفي في :454 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو إِسْمَاعِيلَ سَهْلُ بْنُ سَعْدَوَيْهِ | محمد بن إبراهيم الأمين / ولد في :446 / توفي في :530 | ثقة |