أَنْبَأَنَا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَحَامِلِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : كَانَتْ عُظَمَاءُ الأَعَاجِمِ مِنْ أَهْلِ قُومَسَ وَأَهْلِ الرَّيِّ وَأَهْلِ هَمَذَانَ وَأَهْلِ نَهَاوَنْدَ قَدْ تَكَاتَبُوا عَلَى أَنْ يُخْرِجُوا الْعَرَبَ مِنْ بِلادِهِمْ وَيَغْزُوهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْكُوفَةِ ، فَفَزِعُوا فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ ، نَادَى فِي النَّاسِ : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ ، ثُمَّ صَعَدَ الْمِنْبَرَ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ جُمُوعًا ، فَأَقْبَلَ بِهَا لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ، أَلا إِنَّ أَهْلَ قُومَسَ وَأَهْلَ الرَّيِّ وَأَهْلَ هَمَذَانَ وَأَهْلَ نَهَاوَنْدَ قَدْ تَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ يُخْرِجُوا الْعَرَبَ مِنْ بِلادِهِمْ ، وَيَغْزُوكُمْ فِي بِلادِكُمْ " ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ ، فَقَامَ طَلْحَةُ ، فَقَالَ : " أَنْتَ وَلِيُّ هَذَا الأَمْرِ ، وَقَدْ أَحْكَمْتَ التَّجَارِبَ ، فَادْعُنَا نُجِبْ وَمُرْنَا نُطِعْ ، فَأَنْتَ مُبَارَكُ الأَمْرِ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ ، ثُمَّ جَلَسَ " ، فَقَالَ عُمَرُ : " تَكَلَّمُوا " ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ : أَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيَسِيرُونَ مِنْ شَأْمِهِمْ ، وَتَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَيَسِيرُونَ مِنْ يَمَنِهِمْ ، وَتَسِيرُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرَمَيْنِ إِلَى هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ ، فَتَلْقَى جُمُوعَ الْمُشْرِكِينَ فِي جُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ . ثُمَّ قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : إِنَّكَ إِنْ أَشْخَصْتَ أَهْلَ الشَّامِ سَارَتِ الرُّومُ إِلَى ذَرَارِيهِمْ ، وَإِنَّكَ إِنْ أَشْخَصْتَ أَهْلَ الْيَمَنِ سَارَتِ الْحَبَشَةُ إِلَى ذَرَارِيهِمْ ، وَإِنَّكَ مَتَى شَخَصْتَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرَمَيْنِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا حَتَّى تَكُونَ مَا تَخْلُفُ خَلْفَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَيَفْتَرِقُونَ ، فَفِرْقَةٌ تُقِيمُ فِي أَهَالِيهَا ، وَفِرْقَةٌ يَسِيرُونَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ بِالْكُوفَةِ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ كَثْرَةِ الْقَوْمِ ، فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُهُمْ فِيمَا خَلا بِالْكَثْرَةِ وَلَكِنَّا نُقَاتِلُهُمْ بِالنَّصْرِ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " صَدَقْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ هَذَا رَأْيِي ، وَلَئِنْ شَخَصْتُ مِنَ الْبَلْدَةِ لَتَنْقَضَّنَّ عَلَيَّ الأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا ، وَلَيُمِدَّنَّهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُمِدُّهُمْ ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِرَجُلٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ الثَّغْرَ " ، قَالُوا : أَنْتَ أَفْضَلُنَا رَأْيًا ، قَالَ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ بِهِ وَاجْعَلُوهُ عِرَاقِيًّا " ، قَالُوا : أَنْتَ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ ، قَالَ : " لأُولِّيَنَّ ذَلِكَ الثَّغْرَ رَجُلا يَكُونُ قَتِيلا فِي أَوَّلِ سَنَةٍ " ، قَالُوا : وَمَنْ هُوَ ؟ قَالَ : " النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ " . ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِمَا أَشَارَ بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ إِنِّي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، فَإِنْ قُتِلَ عَلَيْكُمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُجَلِيُّ ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ . وَكَتَبَ إِلَى النُّعْمَانِ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ مَعَكَ فِي جُنْدِكَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِيَكْرُبَ الْمُذْحَجِيَّ ، وَطُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيَّ ، فَأَحْضِرْهُمَا النَّاسَ ، وَشَاوِرْهُمَا فِي الْحَرْبِ ، وَلا تُوَلِّهِمَا عَمَلا ، ثُمَّ دَعَا السَّائِبَ بْنَ الأَقْرَعِ ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ ، وَقَالَ : انْطَلِقْ ، فَاقْرَأْ كِتَابِي عَلَى النَّاسِ ، وَانْظُرْ ذَلِكَ الْجَيْشَ ، فَإِنِ اللَّهُ أَعَزَّهُمْ وَنَصَرَهُمْ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَلِي مَغَانِمَهُمْ وَمَقَاسِمَهُمْ ، وَلا تَرْفَعَنَّ إِلَيَّ بَاطِلا ، وَلا تُنْقِصْ أَحَدًا شَيْئًا هُوَ لَهُ ، وَإِنْ ذَلِكَ الْجَيْشُ ذَهَبَ ، فَاذْهَبْ فِي الأَرْضِ ، وَلا أَرَاكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيَّ مَا بَقِيتُ أَبَدًا " . فَسَارَ السَّائِبُ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِكِتَابِهِمْ ، فَفَعَلُوا مَا أَرَادَ ، وَسَارَ النَّاسُ ، وَأَقْبَلَتِ الأَعَاجِمُ بِمَجْمُوعِهَا حَتَّى نَزَلُوا نَهَاوَنْدَ ، وَسَارَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَعَثَ بَكِيرَ بْنَ شَدَّاخٍ اللَّيْثِيَّ ، وَطُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيَّ ، فَأَمَّا بَكِيرُ فَرَجَعَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا وَرَاءَكَ ؟ قَالَ : أَرْضُ الأَعَاجِمِ ، وَأَنَا بِهَا جَاهِلٌ فَخَشِيتُ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَيَّ بِمَضَايِقِ الْجِبَالِ ، وَنَفَذَ طُلَيْحَةُ حَتَّى عَلِمَ الْخَبَرَ ، وَسَارَ النَّاسُ حَتَّى نَزَلُوا نَهَاوَنْدَ ، فَأَقَامُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ ، فَأَجْمَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ ، ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فِي الْحَدِيدِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ وَالْجِرَاحَاتُ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ ، فَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يُعَصِّبُونَ بِالْخِرَقِ ، وَتُوقَدُ لَهُمُ النِّيرَانُ ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمَعَازِفِ وَالْخُمُورِ حَتَّى أَصْبَحُوا ، ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى الْبَرَاذِينَ وَأَقْبِيَةِ الدِّيبَاجِ وَالسُّيُوفِ الْمُحَلاةِ ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ ، وَحَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ، فَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ ، فَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يُعَصِّبُونَ وَتُوقَدُ لَهُمُ النِّيرَانُ ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمَعَازِفِ وَالْخُمُورِ . ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَكِبَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقْرِنٍ ، وَكَانَ رَجُلا قَصِيرًا آدَمَ ، فَرِسًا أَبْيَضَ ، وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ أَبْيَضُ وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ ، وَرُفِعَتِ الرَّايَاتُ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَابٌ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، فَإِنْ كُسِرَ ذَلِكَ الْبَابُ دَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، فَلْيَشْغَلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قَرِينَهُ أَلا إِنِّي أَهُزُّ الرَّايَةَ هِزَّةً فَلْيَتَعَاهَدِ الرَّجُلُ حِزَامَهُ وَسِلاحَهُ ، ثُمَّ إِنِّي هَازٌّ الثَّانِيَةَ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى مُصَوَّبِ رُمْحِهِ وَمَوْضِعِ سِلاحَهِ وَوَجْهَ مُقَاتِلِهِ ، ثُمَّ إِنِّي هَازٌّ الثَّالِثَةَ فَمُكَبِّرٌ فَكَبِّرُوا ، وَحَامِلٌ فَاحْمِلُوا ، وَمُسْتَنْصِرٌ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ فَاسْتَنْصِرُوا اللَّهَ " ، فَقَالَ رَجُلٌ : قَدْ فَهِمْنَا مَا أَمَرْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ ، وَنَحْنُ وَاقِفُونَ عِنْدَ رَأْيِكَ ، وَمُنْتَهُونَ إِلَى أَمْرِكَ ، وَأَيُّ النَّهَارِ تُرِيدُ أَوَّلَهُ أَمْ آخِرَهُ ؟ فَقَالَ : " لا أُرِيدُ أَوَّلَهُ وَلَكِنْ أُرِيدُ آخِرَهُ ، فَإِنَّ فِيهِ تَهُبُّ الرِّيَاحُ ، وَيَنْزِلُ النَّصْرَ مِنَ السَّمَاءِ لِمَوَاقِيتِ الصَّلاةِ ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ هَزَّ الرَّايَةَ ، فَتَعَاهَدَ النَّاسُ حُزُمَ دَوَابِّهِمْ وَخُيُولِهِمْ ، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ هَزَّهَا الثَّانِيَةَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، ثُمَّ وَثَبَ الرِّجَالُ عَلَى مُتُونِ الْخَيْلِ ، فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ رُمْحَهُ بَيْنَ أُذُنَيْ فَرَسِهِ ، وَشَدَّتِ الرِّجَالُ مَنَاطِقَهَا وَأَقْبِيَتَهَا عَلَى ظُهُورِهَا ، وَحَسَرُوا عَنْ شَمَائِلِهِمْ وَأَخَذُوا السُّيُوفَ بِأَيْمَانِهِمْ ، ثُمَّ كَبَّرَ الثَّالِثَةَ وَهَزَّ الرَّايَةَ ، ثُمَّ صَوَبَّهَا كَأَنَّهَا جَنَاحُ طَائِرٍ ، ثُمَّ حَمَلَ وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ ، فَكَانَ النُّعْمَانُ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَأَتَى عَلَيْهِ أَخُوهُ وَهُوَ قَتِيلٌ ، فَطَرَحَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ لِئَلا يُعْرَفَ ، وَرَفَعَ الرَّايَةَ ، فَإِذَا هِيَ تَنْضَحُ بِالدِّمَاءِ ، وَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُّوَ ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَأَتَى السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ بِالْغَنَائِمِ مِثْلِ الآكَامِ ، ثُمَّ أَتَاهُ دِهْقَانُ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَنْتَ صَاحِبُ غَنَائِمِ الْعَرَبِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَهَلْ لَكَ أَنْ تُؤَمِّنَنِي عَلَى دَمِي وَعَلَى دَمِ ذَوِي قَرَابَتِي ، وَأَدُلُّكَ عَلَى كَنْزِ النخيرجانِ ؟ قَالَ : وَيْحَكَ ، إِنَّكَ تَسْأَلُنِي الأَمَانَ عَلَى دِمَاءِ قَوْمٍ لا أَدْرِي لَعَلَّهُمْ يَكُونُونَ أَمَّةً كَثِيرَةً ، وَلا أَدْرِي مَا كَنْزُكَ ؟ قَالَ : هُوَ كَنْزُ النخيرجان ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ يَنْتَابَهَا الْعَالَمُ ، وَأَنَّ كِسْرَى كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا يَزُورُهَا وَمَعَهُ وَصَائِفُ عَلَيْهِنَّ الْمَنَاطِقُ الْمُفَضَّضَةُ وَأَقْبِيَةُ الدِّيبَاجِ ، وَكَانَ لِكِسْرَى تَاجٌ يَاقُوتٌ ، وَذَلِكَ التَّاجُ وَالْحُلِيُّ مَدْفُونٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرِي ، فَانْطَلِقْ حَتَّى أَدُلُّكَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ لِعُمَرَ لا حَقَّ فِيهِ لأَحَدٍ ؛ لأَنَّهُ دُفِنَ دَفَنُوهُ وَلَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْهِ فِي الْحَرْبِ ، فَأَخَذَ السَّائِبُ الْمِعْوَلَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَانْطَلَقَ بِهِمْ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ قَلْعَةً ، فَإِذَا هُمْ بِصَخْرَةٍ ، فَقَالَ : اقْلَعُوهَا فَقَلَعُوهَا ، فَإِذَا تَحْتَهَا سَفَطَانُ ، فَفَتَحَهُمَا فَرَأَى فِيهِمَا السَّائِبُ شَيْئًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ ، وَخَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ . قَالَ السَّائِبُ : فَكَتَمْتُهُ النَّاسَ ، وَأَسْرَعْتُ بِهِ السَّيْرَ إِلَى عُمَرَ حَتَّى قَدِمْتُ بِهِ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآنِي نَادَانِي مِنْ بَعِيدٍ : وَيْحَكَ مَا وَرَاءَكَ ، فَوَاللَّهِ مَا بِتُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، وَمَا أَتَتْ لَيْلَةٌ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهَا ، قَالَ السَّائِبُ : فَقُلْتُ : أَبْشِرْ بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ ، الْتَقَيْنَا بِنَهَاوَنْدَ . . وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ إِلَى قَتْلِ النُّعْمَانِ ، فَقَالَ عُمَر : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ سورة البقرة آية 156 يَرْحَمُ اللَّهُ النُّعْمَانَ ، يَرْحَمُ اللَّّهُ النُّعْمَانَ ، يَرْحَمُ اللَّهُ النُّعْمَانَ . قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ مَا قُتِلَ بَعْدَهُ رَجُلٌ فَعُرِفَ وَجْهُهُ ، فَقَالَ : هَؤُلاءِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ لا يَعْرِفُهُمْ عُمَرُ ، وَمَا مَعْرِفَةُ عُمَرَ ، وَمَا مَعْرِفَةُ عُمَرَ ، لَكِنِ اللَّهُ يَعْرِفُهُمُ الَّذِي رَزَقَهُمُ الشَّهَادَةَ ، وَسَاقَهُمْ إِلَيْهَا ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ عُمَرَ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ، فَبَكَى طَوِيلا ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : أُعْطِيَتْ أَبْشَارُهُمْ أَمْ دَفَنْتُمُوهُمْ ؟ فَقُلْتُ : لا بَلْ دَفَنَّاهُمْ . ثُمَّ قَامَ عُمَرُ ، فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ ، فَقُلْتُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ ؟ فَجَلَسَ ، فَأَرَيْتُهُ ذَلِكَ ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الدِّهْقَانِ ، فَدَعَا عَلِيًّا ، وَابْنَ مَسْعُودٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَرْقَمَ صَاحِبَ الْخِزَانَةِ ، فَقَالَ : ضَعُوا عَلَى هَذِهِ خَوَاتِيمَكُمْ ، وَوَضَعَ خَاتَمَهُ ، ثُمَّ قَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ : ارْفَعْ هَذَا عِنْدَكَ . ثُمَّ انْصَرَفَ السَّائِبُ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ ، فَأَتَاهُ بَرِيدُ عُمَرَ يَدْعُوهُ مُسْتَعْجِلا ، فَأَتَاهُ ، فَلَمَّا رَآهُ نَادَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ : أَخْبِرْنِي خَبَرَ السَّفَطَيْنِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَئِنْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ حَدِيثَهُمَا فَزِدْتُ حَرْفًا أَوْ نَقَّصْتُ حَرْفًا لأَكْذَبْتُكَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ، إِنَّهُ لَمَّا فَارَقْتَنِي ، وَأَخَذْتُ مَضْجَعِي مِنَ اللَّيْلِ لِمَنَامِي ، أَتَانِي مَلائِكَةٌ ، فَأَوْقَدُوا سُفْطَيْكَ عَلَى جَمْرَةٍ ، ثُمَّ جَعُلُوا يَدْفَعُونَهَا فِي نَحْرِي ، وَأَنَا أَنْكَبُّ وَأُعَاهِدُ اللَّهَ لأَرُدَّنَّهُمَا عَلَى مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَكَادَ ابْنُ الْخَطَّابِ يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ ، فَانْطَلِقْ بِهَذَيْنِ السَّفطَيْنِ فَضَعْهُمَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، فَإِنْ وَجَدْتَ بِهِمَا عَطَاءَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ فَبِعْهُمَا وَاقْسِمْهُمَا عَلَى مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بِهِمَا إِلا نِصْفَ عَطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ فَبِعْهُمَا . فَوَضَعْتُهُمَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ ، فَمَرَّ بِنَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ ، فَاشْتَرَاهُمَا بِعَطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ ، فَبَاعَ أَحَدَ السَّفَطَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُمَا بِهِ ، وَبَقِيَ الآخَرُ رِبْحًا ، وَكَانَ أَوَّلُ قُرَيْشٍ عَقَدَ بِالْكُوفَةِ مَالا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
عَلَى | علي بن ماجدة السهمي | انفرد بتوثيقه ابن حبان |
أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ | عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني / توفي في :202 | صدوق حسن الحديث |
شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ | شعيب بن أيوب الواسطي | صدوق حسن الحديث |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ | إبراهيم بن محمد الأزدي | صدوق حسن الحديث |
أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ | أحمد بن إبراهيم الدورقي | ثقة ثبت |
الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ | المبارك بن عبد الجبار الطيوري / ولد في :411 / توفي في :500 | ثقة ثبت |